عَليَّ كَسرُ المحاميل!
من عموم البلوى في زماننا، حمل الهاتف مفتوحاً، فإنك إذا أغلقته قال لك أخوك ولماذا تحمله، وإذا فتحته قال لك ولماذا لا تجيبني، وإذا أجبته قال لك ولماذا سمحت لي بتعطيلك؛ فلم يكن جحا وحماره وابنه أشبه بشيء منهم بك أنت وهاتفك وأخيك!
وكما يخشى على بعض الناس من الهواتف يخشى عليها منهم؛ فليس أقسى من مشغوف، يكابد ويعاند ويكره المكابدين والمعاندين، وهكذا كنت في محاضراتي واختباراتي، وما زلت!
إذا سمعت صوت هاتف طلبت صاحبه ثم طردته، وإن لم يفعل ألغيت المحاضرة ولم أعدها؛ حتى خاف الطلاب بعضهم بعضاً أن يكون منهم، وإذا كان منهم ألا يجيبني! ولكنني كنت أجلس بمكتبي في وقت المحاضرة الملغاة، أقابل الطلاب، وأجيب أسئلتهم، وهيهات!
أما في اختباراتي فأصنع ما لم أكن أحسبني أصنع وكأنما يتنزل علي وحي الحجاج بن يوسف الثقفي، أطالب الطلاب بإغلاق هواتفهم، وأُحذّرهُم إن وجدت أحدها مفتوحاً لأضربنَّ به عرض الجدار؛ فأجد، وأفعل!
نعم! وأُحذّر أبنائي أن يفعلوا لكيلا يُفعل بهم مثل ما أفعل؛ فصاروا كلما تعثر أي منهم في إجابة اختبار قال لي هذا ذنب الهواتف التي كسرتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وسوم: العدد 631