القوى الإسلامية والقوى الوطنية
أخطر ما ابتليت به الأمةُ في تاريخها ومسيرتها المعاصرة..الحزبيِّةُ والتحزُّبُ والتّشيعُ..رغم أن الله تعالى مقت هذا الأمر وحذّر منه لقوله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ"ولقوله تعالى:"وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ"وأمر الله المسلمين أن يقيموا الدين كما جاء من ربهم وألا يتفرقوا بشأنه لقوله تعالى:"أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ"وسارت الأمة على هذا النهج الراشد لا تزيغ ولا تضل ملتزمة وصية رسول الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:"تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ"وحدث خلل وكثُر التأولُ وأسرف الناس فيه..وتفرق المسلمون وتشيع كل منهم لما تأول من كتاب الله وسنة نبيه..ثم تعمّق التشيع وتحول إلى تعصّب..وتحزب كل فريق فرِحاً مطمئناً لما تأول وفهم..وحدثت الكارثة ببلوغ الغلو منتهاه..عندما منح بعض المسلمين فهمهم مرتبة الدين الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه..كما عبر القرآن الكريم بقوله تعالى:"كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ"وتمادوا بالغلو فمنحوا أنفسهم ألقاباً ومسميات..وصمموا شعارات تعبر عن دينهم الأصح والأكمل والأخلص..وجعلوا من ذلك معياراً للمفاضلة والمفاصلة بينهم وبين أصحاب الفهوم والشعارات الأخرى المنافسة أو المغايرة!وأغرقوا ثقافة الأجيال بمصطلحات فرقتهم ومزقت جهودهم وشتت طموحاتهم..حتى أصبحوا يتعادون ويتقاتلون نصرة للشعار وتحيزاً للمصطلحات فحسب..؟؟؟!!! (قوى إسلامية وقوى وطنية) فالإسلامي يقصي الوطني والوطني يقصي الإسلامي..وكل منهما يلغي الآخر ويسفه أتباعه ويجردهم مما يؤمن به ويعتقد..وبكل بساطة يؤكدون لا الوطني إسلامي..ولا الإسلامي وطني..وهذا يكفي ليقاتل كل طرف الآخر..وهذا ما يجري على ساحات الواقع للأسف..وهنا أذكرهم بهدي النبوة الراشد..الذي سطر أول ميثاق(ميثاق المدينة المنورة) للتآلف والتعاون والتناصر بين أبناء المجتمع الواحد على اختلاف أنسابهم وانتماءاتهم..حيث ينص ميثاق المدينة:"المسلمون من قريش والمسلمون من يثرب واليهود أمة واحدة من دون الناس"وبعد..أليست من الفتنة وعدم الرشد أن يوغل البعض بمنهجية التصنيف والتمزيق لأبناء المجتمع الواحد ..؟؟؟
وسوم: العدد 631