السر وراء اقتحام وتدنيس اليهود الصهاينة المسجد الأقصى المبارك

الحديث عن اليهود الصهاينة يستدعي بالضرورة استحضار طبيعة الشخصية اليهودية الصهيونية التي صنعتها المرجعية الدينية اليهودية المستقاة من التوراة المحرفة تحريفا كشف عنه النقاب القرآن الكريم  وهو آخر رسالة سماوية إلى البشرية كافة . ويعاني اليهود من عقدة إضمار الكراهية للرسالة  الخاتمة، والحقد الأسود عليها لأنها تصدق ما بين يديها من رسالات ،وتفضح ما اعتراها من تحريف ينسب كذبا وزورا لله تعالى علوا كبيرا عما يصفون . ولقد تحدث عدد من الفلاسفة والمفكرين قديما وحديثا عن عقدة الشخصية اليهودية الصهيونية وهي عقدة يمكن اختصارها في عبارة : "الاستعلاء والفساد في الأرض " ولقد خص الفيلسوف الفرنسي  رجاء جارودي هذه العقدة بكتاب سماه : " الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل " وكان هذا العنوان أنسب عنوان للتعبير عن عقدة اليهود الصهاينة . ولقد صدق هذا الفيلسوف عندما استعمل لفظة أساطير، وهي اللفظة التي تقابل الحقائق مقابلة تناقض ، ذلك أن اليهود الصهاينة معروفون بمحاولة تحويل الأساطير إلى حقائق . وكثيرة هي أساطيرهم المستنبطة من الفقرات المحرفة في التوراة. ومن أساطيرهم التي تشجعهم على الاستعلاء في الأرض فكرة : " شعب الله المختار " وهي كلمة حق يراد بها باطل . فوجه الحق في هذه الكلمة ما صدقه القرآن الكريم مما جاء في التوراة المنزلة على نبي الله موسى عليه السلام وهو قول الله عز وجل : (( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين )) البقرة الآية 47 . واليهود الصهاينة  يعتقدون أن هذا التفضيل غير مشروط  بشروط . والحقيقة أنه مشروط ذلك أن الله عز وجل  يقول  في القرآن الكريم : ((  ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل )) المائدة الآية 12 . فإذا كان تفضيل الله عز وجل بني إسرائيل على العالمين  مشروطا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل وتعزيرهم  وقرض الله القرض الحسن،  وكل ذلك إقامة التوراة، وهو ما  يمكنهم من الظفر بمعية الله عز وجل فإن اليهود الصهاينة قد نقضوا  الميثاق الذي أخذه الله عز وجل منهم ومع ذلك يزعمون أنهم شعب الله المختار، علما بأن الله عز وجل سمى نقض الميثاق كفرا وضلالا . ونقض الميثاق إنما هو تحريف ما أنزل الله عز وجل على نبيه موسى عليه السلام، وعلى رأس التحريف التكذيب برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الرسالة الخاتمة  والمهيمنة على ما بين يديها بما في ذلك التوراة . وهكذا حول اليهود الصهاينة الحق إلى باطل فجعلوا أفضليتهم على العالمين مطلقة وغير مشروطة أبد الآبدين ، وتحولت بذلك إلى أسطورة من أساطيرهم التي يستعملونها لفرض استعلائهم في الأرض . وأمقت شيء عندهم هو القرآن الكريم الذي يفضح أساطيرهم . ومما فضحه القرآن الكريم ما جاء في قوله تعالى : ((  وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء وبعذب من يشاء )) المائدة الآية 18 . إن هذا تكذيب لأسطورة أبوة الله تعالى لليهود التي يعتمدونها في استعلائهم في الأرض. ومما كذبه القرآن الكريم من أساطير اليهود الصهاينة أيضا  قول الله تعالى : ((  وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى  تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ))  إن هذه الأسطورة محض أمان تمناها اليهود الصهاينة ، ذلك أنهم لم يكفهم أن يكون لهم الاستعلاء في الدنيا فتمنوا الاستعلاء أيضا في الآخرة ولا برهان لهم  على ذلك ،لأن الأساطير والأماني لا برهان عليها  ولا دليل . وقياسا على هذه الأساطير توجد أسطورة هيكل سليمان التي يريد اليهود الصهاينة إقامته خصيصا فوق أرض المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والغرض من إقامة هذا الهيكل هو نسف المكان الشاهد على آخر رسالة سماوية فضحت أساطيرهم . ففي المسجد الأقصى المبارك هو وما حوله صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  بالرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وفي ذلك دليل على تصديق الرسالة الخاتمة ما بين يديها من الرسالات بما فيها رسالة موسى عليه السلام ،و هيمنتها عليها،  وفضح ما حرفه اليهود الصهاينة منها . ولهذا تعتبر فكرة نسف المسجد الأقصى تكذيبا للرسالة السابقة  من أجل الدفاع عن الأساطير  والأماني  التي  تكرس فكرة استعلاء الشخصية اليهودية الصهيونية في الأرض . ومما ترتب عن عقدة الاستعلاء في الأرض  تجاسر اليهود الصهاينة  على رب العزة جل جلاله ، وهو ما كشف عنه القرآن الكريم في قوله تعالى : ((لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق )) آل عمران الآية 181. فإذا كان اليهود الصهاينة يتجاسرون على خالقهم ويزعمون أنهم أغنياء وهو فقير تعالى الله عما يصفون ،فكيف يكون حال الخلق الفقير إلى الله عز وجل معهم ؟  ومن استعلائهم أيضا كفرهم بالرسالة الخاتمة مع أنها تصدق ما معهم من التوراة  وقد كشف الله عز وجل عن كفرهم بالرسالة الخاتمة ،وفضح جرائم قتلهم لأنبيائه  فقال : (( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا بل نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون  بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم  قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين )) البقرة الآية 91 . إن اليهود الصهاينة يزعمون أنهم لا يؤمنون إلا بما أنزل عليهم  والله عز وجل يبهتهم بالسؤال عن قتلهم الأنبياء الذين جاءوهم بما أنزل عليهم وما يزعمون أنهم يؤمنون به ، فكيف يمكن الجمع بين قتل الأنبياء وما جاءوا به وهم يؤمنون به ؟ وإذا كان اليهود الصهاينة  قد قتلوا الأنبياء فكيف يكون حالهم مع غير الأنبياء ؟ إنها عقدة الاستعلاء المستنبطة من نصوص التوراة المحرفة التي تجعل الشخصية اليهودية الصهيونية شخصية عنصرية  عدوانية  متعطشة للدم  ومشيعة للفساد في الأرض . ولقد شهد العالم كله كيف يستعمل اليهود الصهاينة آلتهم الحربية الفتاكة في قتل الشعب الفلسطيني  وتعذيبه ومحاصرته وتجويعه  والتضييق عليه  في أرضه التي احتلوها بالقوة .  وكما أن فكرة إنشاء الوطن القومي كانت مجرد أمنية أساسها أسطورة قبل ستة عقود ثم صارت واقعا مفروضا ، فإن فكرة هدم المسجد الأقصى هي الآن أمنية وراءها أسطورة الهيكل المزعوم ويراهن اليهود الصهاينة على جعلها واقعا مفروضا، والبداية هي الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى وتدنيسه وترهيب المرابطين فيه ومنع المصلين من الوصول إليه ، والحفر تحته لتقويضه  وبناء الهيكل المزعوم مكانه . ويراهن اليهود الصهاينة على تراخي الزمن من أجل تضليل الأجيال القادمة  بأنه لم يوجد فوق الأرض مسجد أقصى، ومن ثم  لا تصح فكرة مسرى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  ، ولا يصح بموجب ذلك  ما جاء في القرآن الكريم من فضح لأساطيرهم وهو ما  يضمن لهم الاستعلاء والفساد في الأرض . وأكبر ما يخشاه اليهود الصهاينة تحقق ما تنبأ به القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل : ((  وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد  فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أساءتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهم للكافرين حصيرا ))  الإسراء من الآية 4 إلى الآية 8 . فهذه الآيات تؤكد أن علو وفساد اليهود الصهاينة في الأرض وتحديدا  في الأرض المقدسة وما حولها يواجه بوعد الله عز وجل المفعول وهو بعثه سبحانه  عبادا له أولي بأس الشديد يجوسون خلال الديار. وإذا كان القرآن الكريم قد ذكر علو وفساد اليهود الصهاينة مرتين  في الأرض وجعل جزاءهم هو تسليط العباد أولي البأس الشديد عليهم ، فإنه توعدهم كلما علوا فيها بنفس المصير مصداقا لقوله تعالى : (( وإن عدتم عدنا )) أي إن عدتم للعلو والفساد عدنا لتسليط أولي البأس الشديد عليكم ، ولا يخلو زمان منهم كلما علا وأفسد اليهود الصهاينة في الأرض .ولئن قل أولو البأس في زماننا هذا فإن ظهورهم رهين بعلو اليهود الصهاينة العلو الكبير  والفساد في الأرض ، وتقدير علوهم وفسادهم عند الله عز وجل . ولا شك أن تكرار اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه هو بداية العلو الكبير والفساد الذي سيجلب على اليهود الصهاينة لعنة الله عز وجل  على يد عباد له أولي بأس شديد بموجب وعد الله عز وجل الذي لا يخلف الميعاد وهو (( وإن عدتم عدنا )) .  

وسوم: 636