نتنياهو ورؤاه السّياسيّة القديمة المتجدّدة
في كلمته في مركز التطوير الأمريكي قبل ثلاثة أيّام أكد بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيليّة عدم استبعاده التّحرك السّياسيّ أحاديّ الجانب من قبل حكومته مع الفلسطينيين، والذي يتضمن الانسحاب من بعض مناطق الضّفة الغربيّة، ومحدّدا شروط عامّة لهذا التّحرك السّياسي الذي يجب وبالضرورة أن يأخذ بعين الاعتبار مصالح اسرائيل الأمنيّة، وأن يكون هذا التّحرك ضمن تفاهمات دوليّة واسعة، وأقوال نتنياهو هذه لا جديد فيها، بل هي تأكيد جديد على سياسة نتنياهو ورؤاه لحلّ الصّراع الشّرق أوسطي حتّى قبل أن يصبح رئيسا للحكومة الاسرائيليّة، وهذا ما ورد في كتابه الذي صدر بداية تسعينات القرن الماضي بالانجليزيّة تحت عنوان Aplase between nations وترجم إلى العربيّة تحت عنوان" مكان تحت الشّمس" والذي أكّد فيه أن "أرض اسرائيل" تطلّ على الصّحراء العربيّة، ويقصد الجزيرة العربيّة، وأن لا دولة أخرى بين النّهر والبحر، ولذا فهو يتنازل للفلسطينيين إذا أرادوا اقامة دولة أن يقيموها في الأردن شرقيّ النّهر" الوطن البديل" وأن لا انسحاب من الضّفة الغربية وجوهرتها القدس، والجولان السّوريّة، وأقصى ما يمكن أن يتنازل عنه للفلسطينيّين هو ادارة مدنيّة على السّكان وليس على الأرض، مع تسهيلات اقتصاديّة، مستندا على مقولة استاذه جابوتنسكي" لا يضير الدّيموقراطيّات وجود أقليّات قوميّة فيها." والمتابع لسياسة نتنياهو سيجد أنّه يقوم بتنفيذ سياسته تلك، فهو يسابق الزّمن في البناء الاستيطاني في الضّفّة الغربيّة لفرض وقائع جديدة تمنع اقامة دولة فلسطينيّة مستقلة على حدود الرّابع من حزيران 1967، لكنّ الجديد في الأمر أنّ نتنياهو يريد الانسحاب من جانب واحد من بعض المناطق المكتظة بالسّكان في مناطق"c " -حسب تسميات وتصنيفات اتفاقات أوسلو- في الضّفة الغربيّة وتسليمها للسّلطة الفلسطينيّة، ليرتاح من عبئها الأمني والاقتصاديّ، "ضمن تفاهمات دوليّة واسعة" أي أنّه يريد غطاء دوليّا واسعا لسياسته أحاديّة الجانب، للالتفاف على حقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف. لذا فإنّ الحملة الاسرائيليّة على الشّعب الفلسطينيّ وقيادته السّياسيّة تزداد يوما بعد يوم، حتى وصلت ذروتها بتحميل الشّعب الفلسطينيّ جرائم النّازيّة، بزعم أنّ الحاجّ أمين الحسيني أوعز لهتلر بقتل اليهود!
وهذا يعني أنّ كلّ من يخالف سياسة نتنياهو سيتّهم باللاساميّة، بمن في ذلك الرّئيس محمود عبّاس الذي أعلن أكثر من مرّة "أنّ البديل للمفاوضات هو المفاوضات" علما أنّ نتنياهو وحكومته لم يتركوا له شيئا يتفاوض عليه.
ومع أنّ سياسة نتنياهو واضحة المعالم، وأنّه ضد حلّ الدّولتين، إلا أنّه يقول ذلك من باب العلاقات العامّة وادارة الصّراع. وهو بالتّأكيد ينفّذ سياسته باطمئنان، معتمدا على الدّعم الأمريكيّ اللامحدود لاسرائيل في كلّ شيء، ومستغلا الوضع العربيّ المترهلّ إلى درجة مفجعة، حتى أن الحراك الدّبلوماسي العربيّ لتعرية سياسة الحكومة الاسرائيليّة بات مغيّبا أكثر من أيّ وقت مضى.
وسوم: 642