لا تثقوا بالولايات المتحدة 48
(48) كيف دمّرت هيلاري كلنتون ليبيا ومزّقتها وسلّمتها للقاعدة ؟
(تمهيد - شيء عن تاريخ علاقات الصداقة بين هيلاري كلنتون ونظام القذافي - هل أدّى تنسيق هيلاري كلنتون مع القاعدة إلى هجوم بنغازي ومقتل السفير الأمريكي؟ - سرّ حماس هيلاري كلنتون المسعور لقتل القذافي وتدمير ليبيا - دولة فاشلة وشعب مهجّر وسطوة للقاعدة هي نتائج مخطط هيلاري لحماية الشعب الليبي - أخيراً، التسجيلات الصوتية السرّية تكشف دور هيلاري كلنتون القذر في تدمير ليبيا – من مصادر هذه الحلقة – ملاحظة حول هذه الحلقات).
# تمهيد :
من أجل تبرير إسقاط الرئيس الليبي معمر القذافي لجأت هيلاري كلنتون – وبكل بساطة – إلى الكذب . لكن هذا يتفق مع خصالها الشخصية السايكوباثية التي في مقدمتها الكذب، وفي مقدمة أكاذيبها كذبة كبرى أعلنتها وسوّقتها أجهزة الدعاية ، وهي أن القذافي سيقوم بحملة إبادة بشرية ضد الشعب الليبي كما نشرت ذلك الواشنطن تايمز.
كما قالت هذه الصحيفة اعتماداً على وثائق وتحليلات صوتية كُشفت مؤخراً أن هيلاري لم يكن لديها مخطط عن كيفية التعامل مع الأزمة الليبية والفوضى التي أشاعتها في ذلك البلد، والتي أوصلت إلى الهجوم المُميت للإرهابيين الإسلاميين على القنصلية الأمريكية في بنغازي، والتي تعاملت معها عبر سلسلة من "الأخطاء" ، حتى أنها رفضت - ولأسابيع - تسمية الهجوم بالهجوم الإرهابي. وبدلا من ذلك ألقت باللوم على صانع أفلام أمريكي أخرج فيلماً مُسيئاً للإسلام ، لم يره أحد ، وأمرت باعتقاله استناداً إلى أسباب واهية. ولم يتفق أحد مع مزاعم هيلاري كلنتون عن حملة القذافي للإبادة البشرية، بل كانت هناك قناعة معاكسة بأن الديكتاتور لا يمكن أن يثير غضب العالم بإبادة المدنيين، ومرّرت هيلاري قرار الغزو بدون موافقة الكونغرس كما أشارت بعض الصحف.
لقد بذل القذافي المستحيل ليرضي العالم والإدارة الأمريكية شاعرا بالخطر يقترب منه . فقد أدان الإرهاب وقرر تفكيك ترسانة أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها في 2003 (لعبت قطر دوراً مركزيا في إقناعه ثم إسقاطه وخصصت 100 مليون دولار للمسلحين على أن يعيدوا المبلغ فور وصولهم للسلطة) . وبصورة غير متوقعة قام بالتوقيع على ميثاق الحرب العالمية على الإرهاب ! ووجّه ابنه ليستخدم مؤسسته الخيرية لتلميع صورة نظامه في الخارج.
لقد أثّر القذافي في إدارة الرئيس بوش المدمن بصورة عميقة جعلتها تعيد العلاقات معه هو النظام المنبوذ سابقاً . وأعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وقتها "إن ليبيا قدمت تعاونا ممتازاً استجابة للتهديدات العالمية التي تواجه العالم المتمدن منذ 11 ايلول 2001" .
طبعا لا يمكن القول أن القذافي صار صديقاً للولايات المتحدة ، لكن من المؤكد أنه صار عدوّاً قديماً لا قيمة له ، معزولا ومُهاناً بعد ذلك الإنتفاخ النرجسي المرضي والبارانوي المفعم بمشاعر العظمة المرضية.
لكن إسقاط القذافي كان جزءا من مخطط واسع وطويل الأمد للرئيس أوباما ولوزيرة الخارجية هيلاري كلنتون (راجع مذكراتها : خيارات صعبة عن تشكيل القاعدة من قبل الولايات المتحدة) لتمكين الحركة الإسلامية من السيطرة على السلطة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. لقد تم تصوير القذافي ككاره للحركات الجهادية الأصولية وعليه صار لزاماً إسقاطه. وقد تسلّمت هيلاري مسؤولية تنفيذ الضربة، وها هي ليبيا في طريقها لتصبح جزءا من دولة الخلافة الإسلامية المعادية للديمقراطية بجهود الدولة التي تزعم الدفاع عن الديمقراطية.
# شيء عن تاريخ علاقات الصداقة بين هيلاري كلنتون ونظام القذافي :
__________________________________________
الصورة رقم (1)
مستشار الأمن الوطني الليبي معتصم القذافي مع وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلنتون في مقر وزارة الخارجية الأمريكية – 2009.
# لقد دافعت هيلاري كلنتون عن التدخل الأمريكي في ليبيا عام 2011 بقوّة وحماسة غريبة، هذا التدخل الذي أدّى إلى إسقاط معمر القذافي وقتله بصورة غريبة وهو أسير بين أيدي قوات الأطلسي ومناصريها. قالت هيلاري :
"لدينا ديكتاتور قاتل هو القذافي الذي تلطخت يداه بدماء أمريكية. وكان يهدّد بقتل أعداد كبيرة من الشعب الليبي. وكان العرب يقفون إلى جانبنا ويقولون "نريد منكم التعامل مع القذافي" ..
لكن ردّ فعل هيلاري غطّى على لحظات منسية في الدبلوماسية الأمريكية: مرحلة قبل الغزو بأقل من سنتين عندما كانت ؛ هي وإدارة أوباما يحتضنان - بدفء - الدكتاتور القاتل: قالت هيلاري آنذاك :
"أنا سعيدة جدا بالترحيب بالوزير القذافي (تقصد معتصم القذافي) هنا في وزارة الخارجية" .
هكذا قالت، وهي تحيّي معتصم القذافي بحرارة ، وهو إبن الدكتاتور الليبي ومستشار الأمن الوطني الليبي، في وزارة الخارجية في نيسان أبريل 2009. وقالت :
"نحن نقيّم بعمق العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا".
وللتأكيد، فإن التقارب مع القذافي بدأ في ظل إدارة الرئيس بوش الثاني المدمن ، في عام 2003 ، عندما وافق الديكتاتور الليبي على التخلّي عن مخزونه من الأسلحة الكيمياوية، ثم وافق على تعويض عوائل الطائرة بان أمريكان رحلة 103 التي فُجّرت عام 1988 في الحادث الشهير "لوكربي" ، والتي قُتل فيها 189 أمريكياً ، والتي أدين فيها أحد عملاء المخابرات الليبية من قبل محكمة سكوتلندية. لكن العملية تسارعت جدا في الأيام المبكرة من تولي هيلاري كلنتون منصب وزيرة الخارجية : فقد سمّت مبعوثها الدولي الأول للطاقة "ديفيد غولدوين" الذي عمل سابقاً مديرا تنفيذيا لرابطة الأعمال الأمريكية الليبية وهي مجموعة مُمولة من الكارتلات النفطية ، وضغطت بقوة للقيام بأعمال مشتركة مع القذافي.
في تموز يوليو 2009 أرسلت هيلاري سكرتيرها المساعد لشؤون الشرق الأدنى "جفري فيلتمان" للاجتماع مع "موسى كوسا" وزير خارجية القذافي. وقد عبّر فيلتمان عن "رغبة الولايات المتحدة في دفع العلاقات الأمريكية الليبية إلى الأمام في مجالات التجارة والاستثمار والشؤون العسكرية السياسية". وقد طرح فيلتمان إمكانية عقد اجتماع بين أوباما والقذافي في مقر الأمم المتحدة (وقد التقيا فعلا وتصافحا بحرارة في قمة الثماني في إيطاليا).
الصورة رقم (2) :
الرئيس الليبي معمر القذافي مع الرئيس باراك اوباما خلال قمة الثمانية التي انعقدت في إيطاليا في تموز يوليو 2009.
هذه الاتصالات أثارت حفيظة المدافعين عن حقوق الإنسان وعوائل ضحايا الطائرة الأمريكية (لوكربي) .
تغيّرت سياسة الولايات المتحدة ووجهة نظر هيلاري في شباط 2011 ، عندما بدأت احتجاجات ما سُمّي بالربيع العربي (الخريف العربي الدامي) في ليبيا بتخطيط وإشراف راعي الإرهاب العالمي السيناتور جين ماكين (راجع الحلقة (32) السيناتور جون ماكين : صديق البغدادي وراعي الإرهاب الأكبر)، مثيرة المخاوف من مجازر دموية تقترفها قوات القذافي الأمنية. صارت هيلاري من أقوى المساندين للتدخل العسكري الأمريكي في ليبيا لمساندة الضربات الجوية الأوروبية الغربية ضد نظام القذافي، مما أدى إلى إسقاطه في صيف ذلك العام. في تشرين الأول أكتوبر أُسِر القذافي وابنه معتصم ، وقُتلا شرّ قتلة.
في أعقاب إسقاط القذافي احتفل مساعدو هيلاري بدورها في ليبيا ورفعوا شعاراً غريباً عن النصر :
"إنه يُظهر قياديتها/ ملكيتها / وإدارتها لسياسة هذا البلد من البداية حتى النهاية"
كما عبّر عن ذلك كبير مستشاريها السياسيين "جاك سوليفان" في رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها إلى رئيسة موظفيها في 22 آب أوغست 2011 يحيّي فيها دور هيلاري كلنتون في تضييق الأنشوطة حول "الكضافي" (هكذا ورد الإسم في الرسالة بالانكليزية !!) ونظامه". وجاك سوليفان سوف يصبح مستشار الأمن القومي لهيلاري حين تفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2016.
لكن هذا كان قبل أن تسقط ليبيا في الفوضى وتحصل هجمات 11 أيلول سبتمبر 2012 على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي والتي قُتل فيها السفير الأمريكي "كريس ستفنس" (وهو موضوع يلاحق هيلاري حتى الآن في التحقيقات معها) . وقد أغفلت رسالة جاك سوليفان "البداية" الحقيقية لولاية هيلاري في وزارة الخارجية عندما كانت هي والمسؤولين الأمريكيين الآخرين يحتضنون نظام القذافي وابنه ومسؤوليه ، ولا "يضيّقون الأنشوطة حوله".
# هل أدّى تنسيق هيلاري كلنتون مع القاعدة إلى هجوم بنغازي ومقتل السفير الأمريكي؟
_________________________________________
لقد تم استجواب هيلاري كلنتون حول هجمات بنغازي التي أدت إلى مقتل السفير الأمريكي واثنين من المتعاقدين مع وكالة المخابرات المركزية الـ CIA وضابط من الخدمة الخارجية الأمريكية في 11 ايلول سبتمبر 2012.
لقد تناولت الأسئلة كلّ شيء من مراسلات هيلاري مع حليف مثير للإلتباس ومستشار غير رسمي هو "سيدني بلومنثال" ، إلى إهمال رسائل الطلبات المتكررة بتعزيز حماية البعثة الدبلوماسية في بنغازي.
لكن كل هذه الأسئلة لم تمس مسألة جوهرية خطيرة، وهي : ما الذي كانت البعثة الدبلوماسية تقوم به فعلياً؟ . قالت هيلاري إن البعثة قد "وُضعت هناك لتساعدنا على تقرير ما الذي نحتاجه لنحقق التقدم في بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية".
لكن الوقائع التي تكشّفت بعد الهجوم تشير إلى غير ذلك، حيث كان أهم دور للبعثة الدبلوماسية الأمريكية هو توفير غطاء لعمليات الـ CIA في بنغازي. تلك العمليات كانت تتضمن توفير حماية من الميليشيات للمصالح الأمريكية ، والحفاظ على علاقات وثيقة بالمجموعات المسلحة (وأغلبها إرهابي) التي سوف يكون لها دور في مستقبل البلاد السياسي. كما تتضمن تأمين ثم نقل أسلحة النظام المتبقية بعد سقوطه.
لقد كشف هجوم بنغازي اختلال العلاقة بين الحكومة الأمريكية وميليشيات المدينة التي لم توفّر أي حماية للبعثة حين بدأ الهجوم كما لم تبدي أية مقاومة ضدّه.
بالعكس ، لقد تمّ تعذيب السفير الأمريكي قبل قتله ، كما تم سحل جثته في شوارع بنغازي من قبل الإرهابيين الإسلاميين ، وكجزء من طقوس هؤلاء الفاشيين الهمجية فقد اغتصبوا السفير جنسيا قبل قتله ، كما فعلوا مع القذافي حين تم أسره.
في الاستجواب عُرضت على هيلاري كلنتون صورة كبيرة لـ "محمد الزهاوي" رئيس مجموعة أنصار الشريعة الموالية للقاعدة وأحد المخططين لهجوم بنغازي ، وهو يقف بجوار رجل اسمه "وسام بن حامد" . وقد سألها "مايك بومبيو" عضو مجلس النواب الأمريكي :
"هل تعلمين أن أناسك هناك في بنغازي بليبيا قد جتمعوا بوسام بن حامد قبل 48 ساعة من الهجوم؟".
أجابت : "لا أعرف أي شيء عن هذا الاجتماع ".
"في 11 سبتمبر ، اليوم الذي قُتل فيه السفير ستيفنس، أرسل برقية إلى وزارة الخارجية يتحدث فيها عن لقائه بوسام بن حامد . هل تعرفين شيئا عن هذه البرقية؟" .
أجابت : "لا أعرف" .
"في هذه البرقية قال السفير بأنهم – مشيراً إلى إبن حامد – يريدون عقد لقاء تمهيدي يسألوننا فيه عن ما نحتاجه لتحقيق الأمن في بنغازي. إذن ، موظفوك التقوا بهذا الرجل على الأرض، اجتمعوا في بنغازي، بليبيا، ليناقشوا الوضع الأمني قبل يومين من الهجوم.
.. لكن في آب / أوغست من السنة نفسها قالت الحكومة الأمريكية أن هذا الشخص قائد معارض شاب قاتل في العراق تحت راية القاعدة، فمتى تعرفين أن أناسك هناك قد اجتمعوا - بقصد أو بدون قصد - مع أعضاء القاعدة على الأرض في بنغازي بليبيا قبل الهجوم بساعات ؟" .
من المعلومات المهمة جدا هي أنّه قبل وفاته بوقت قصير بفعل ضربة جوية أمريكية في 31 كانون الثاني ، أصدر حارث النضاري ، وهو مسؤول بارز في أنصار الشريعة في منظمة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، شريطا مسجلاً أثنى فيه على جهادي قتيل آخر هو محمد الزهاوي. وقد أكدت جماعة أنصار الشريعة في ليبيا أن الزهاوي قائد المجموعة قد مات متأثراً بجراح أُصيب بها وهو يقاتل في بنغازي. وقد سعى النظاري إلى أن يجعل واضحاً أن القاعدة تعتبر الزهاوي "شهيداً" . وكحال قادة أنصار الشريعة الآخرين في مصر وليبيا وتونس ، فإن للزهاوي انتساباً للقاعدة. ففي اليمن يكون أنصار الشريعة واجهة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وقد بيّن نظاري في التسجيل الصوتي أنّ "الشيخ الزهاوي سيتغمده الله برحمته، وقد بدأ مسيرته منذ منتصف التسعينات، وأن الله قاده للقاء الإمام أسامة بن لادن عندما كان اسامة في السودان. ثم ألقي القبض عليه من قبل الحكومة السعودية خائنة الله ورسوله".
واجتماع زهاوي بإبن لادن في التسعينات هو مؤشر قوي على أنه كان يعمل طويلاً في شبكة القاعدة. وملفّه منذ ذلك الوقت يؤكد ذلك.
ولم يوضح نظاري لماذا اعتقلت الحكومة السعودية الزهاوي ، ولكن الاتهامات تشير إلى أنه مشمول بالنشاطات الجهادية داخل المملكة. وقال ناظاري أن الزهاوي سُلّم إلى نظام معمر القذافي الذي آذاه خلال سنوات سجنه، ولكن لم يُضعف قوّته أو يقلل من إصراره أو يخلخل إيمانه" . كما قدّم نظاري أيضاً دعوة للوحدة الجهادية في ليبيا مبيناً أن المهمة لم تنته بسقوط القذافي. وجانب من الرسالة الصوتية لنظاري هو كشف ضمني لحالة الإقتتال الداخلى بين أنصار الدولة الإسلامية في ليبيا وجهاديي أنصار الشريعة والمجموعات الأخرى التي ترفض تقديم قسم الولاء لأبي بكر البغدادي .
وفي تقريظه للزهاوي، دعا النظاري المجاهدين بمختلف مجموعاتهم وتياراتهم وألويتهم إلى الوحدة لمقاتلة قوات خليفة حفتر والغرب، التي تفتش عن طريق لمنع تطبيق الشريعة الإسلامية في ليبيا.
ولم تكن القاعدة في شبه الجزيرة العربية الفرع الرسمي الوحيد للقاعدة الذي نعى الزهاوي؛ تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أصدر نعيه الخاص بقائد أنصار الشريعة هذا .
لقد حاول البعض إشاعة معلومة تقول إن تنظيم أنصار الشريعة ليس جزءا من القاعدة وهذا محض تضليل . فعلى سبيل المثال فإن تقريراً لمكتبة الكونغرس في آب 2012 ربط أنصار الشريعة بشبكة القاعدة في ليبيا. وأشار التقرير إلى أن أحد قادة أنصار الشريعة البارزين وهو "سفيان بن كومو" ، هو معتقل سابق في غوانتنامو عمل في القاعدة قبل اعتقاله من قبل القوات الأمريكية.
وللمفارقة، فإن مشاركة أنصار الشريعة في الهجوم على البعثة الأمريكية في بنغازي في 11/9/2012 ، هو - بحد ذاته - دليل على أن المجموعة تلتقي مع فروع القاعدة الأخرى. فعلى الأقل شاركت 3 جماعات في الهجوم على مقر البعثة الأمريكية. جهاديون من كل من القاعدة في شبه الجزيرة العربية ، والقاعدة في المغرب الإسلامي شاركوا في الهجوم، وكذلك أعضاء مما يُسمّى "شبكة محمد جمال" . القاعدة في شبه الجزيرة العربية وقاعدة المغرب الإسلامي هما فرعان من القاعدة ، في حين أن شبكة محمد جمال يقودها مصري كان قد تم تدريبه أولا من قبل القاعدة في نهاية الثمانينات ، وظل تابعاً لأيمن الظواهري لمدّة طويلة.
دور جماعة أنصار الشريعة في شبكة القاعدة العالمية حدّده مؤخراً مجلس أمن الأمم المتحدة الذي أضاف الجماعة إلى قائمة منظمات القاعدة في تشرين الثاني 2014 . والأمم المتحدة لم تضف الزهاوي بصورة مباشرة ، ولكنها حدّدته كقائد لجماعة أنصار الشريعة في بنغازي. كما لاحظت الأمم المتحدة أن أنصار الشريعة في بنغازي يعملون بصورة وثيقة مع قاعدة المغرب الإسلامي ، ومع "المرابطون" وهو فرع من قاعدة المغرب الإسلامي بقوا على ولائهم لأيمن الظواهري.
هذه الجماعات الإرهابية – وبالتخطيط والمعرفة التامة لهيلاري كلنتون بالرغم من إنكارها وكذبها – هي التي تتعامل معها الإدارة الأمريكية لتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد وتفتيت دول المنطقة وتدمير شعوبها تحت غطاء جديد .
سرّ حماس هيلاري كلنتون المسعور لقتل القذافي وتدمير ليبيا :
____________________________________
(تخطيط لينزا غارسيس في الواشنطن بوست عن دور هيلاري في تدمير ليبيا)
إن ردّ الفعل المخبول لهيلاري كلنتون تجاه مقتل القذافي كان كاشفاً لدورها الحقيقي الذي لم يكن أخلاقياً ولاشرعيا فحسب ، بل كان غادراً وخيانياً.
تذكّر أن هيلاري وليس غيرها مع فريق عملها في وزارة الخارجية : "سوزان رايس" و "فيكتوريا نولاند" الذين أسّسوا الحرب ضد ليبيا ، وساندوا محاولات الإرهابيين لإسقاط القائد الليبي.
في الحقيقة في مقالة بعنوان : "حرب هيلاري: كيف حل الإتهام محل النقد في التدخل الليبي" ، أشار محرر الواشنطن بوست "جوبي واريك" كيف أن هيلاري عملت ساعات إضافية مضنية لتشكيل التحالف ضد ليبيا ، لتحويل البلد صاحب أعلى مستوى معيشي في أفريقيا إلى صحراء محترقة جرداء.
وارتباطا بـ "ثقافة الاغتصاب" الأمريكية التي أشرنا إليها سابقا (راجع الحلقة (44) كل رؤساء أمريكا قتلة ساديون لا أخلاقيون .. وأبطال الشعب الأميركي القوميين مجرمون سفّاحون إباديون) ، فقد قادت هيلاري حملة دعائية عن أن القذافي يستخدم الإغتصاب والعنف الجنسي لقمع النساء الليبيات، وأن القذافي يوزّع حبوب الفياغرا على قواته الأمنية للقيام بالإغتصاب. كانت "سوزان رايس" هي متعهدة هذه الحملة.
لاحقاً ظهرت كل هذه المزاعم غير صحيحة .
عندما بدأت الصدامات المسلّحة في ليبيا، سيطرت المعارضة المسلحة على الكثير من المدن بين 18 شباط إلى 9 آذار ، من بنغازي إلى مسراته على البحر المتوسط. لكن خلال أسبوعٍ دامٍ أعادت قوات القذافي السيطرة على الكثير من المدن باستثناء بنغازي التي كانت تنتظرها هجمة شرسة ، فطلب المعارضون من الغرب توفير الحماية لهم خصوصا منطقة حظر جوي آمنة تمنع طيران القذافي من تدمير قوّاتهم . لكن وزير الدفاع الأمريكي لم يحبذ الفكرة ، وهيلاري كلنتون نفسها اعتبرت هذه الفكرة خطوة قد تفاقم المشكلة ، واعتبرت التدخل العسكري مغامرة غير مأمونة النتائج. ثم وضعت سلسلة من الشروط للقيام بعمل عسكري ، منها تقديم طلب من الدول العربية. قام قطيع الإغنام – حسب وصف وزير الخارجية القطري رئيس دورتها آنذاك - العربي الرسمي في جامعة الدول العربية بتقديم طلب رسمي في 12 آذار إلى الأمم المتحدة لفرض منطقة حظر جوي في ليبيا.
في اليوم التالي ، 13 آذار ، سافرت هيلاري كلنتون إلى باريس للاجتماع مع وزراء خارجية الدول الثمان ، وهناك عقدت اجتماعاً سرّياً مع "محمد جبريل" القائد المؤقت للمجلس الانتقالي الليبي ،ثم اجتمعت بسفراء مجلس التعاون الخليجي لمعرفة رغبة الدول العربية في إرسال طائرات حربية لمراقبة منطقة الحظر. واجتمعت مع وزير الخارجية الأمريكي "سيرغي لافروف" الذي يمكن أن يُطيح فيتو بلاده بكل العملية. بعد ذلك تغيّر موقفها تماما ، واعتبرت التدخل العسكري في ليبيا عملاً يستجيب لطلب العرب ويثبت لهم أن أمريكا معهم ، كما أنه يساند ثورات الربيع العربي (الخريف العربي الدامي).
في 15 آذار، أوجزت هيلاري الموقف للرئيس أوباما هاتفيا مدافعة عن التدخل العسكري ، فخوّلها التصرّف بالقضية كاملة. في هذه الأثناء (17 آذار) بدأت "سوزان رايس" ، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ، اتصالاتها بأعضاء مجلس الأمن لضمان عدم اعتراض روسيا والصين، فصدر قرار مجلس الأمن القاضي بالتدخل العسكري بموافقة 10 أعضاء وامتناع خمسة عن التصويت. أصدرت ألمانيا والبرازيل بيانين أعلنتا فيه أنهما لم توافقا على التدخل العسكري لانه سيزيد الأمور سوءاً . ومثل ذلك قاله السفير الروسي أيضاً.
كان الرئيس الفرنسي ساركوزي شديد الحماسة للهجوم على ليبيا ، وبسبب شدة حماسته المشبوهة هذه ، اتخذ قراره بمهاجمة القوات الليبية خارج خطة الناتو ، فأشعل غضب إيطاليا وتركيا ، لكن هيلاري هدّأت الجميع وأعادتهم إلى الحظيرة. وأمضت ساعات طويلة تقنع وزير الخارجية الإيطالي بالتلفون. أيقن كثيرون أن لساركوزي "أجندة خفية" كما أعلن ذلك لاحقا الرئيس التركي "عبد الله غول". ثم ظهرت تقارير عن تمويل سرّي بمقدار 200 مليون دولار قدّمه القذافي إلى ساركوزي لتمويل حملته الانتخابية للرئاسة الفرنسية.
وافقت ثلاث دول عربية على المشاركة بطائرات حربية وهي قطر والإمارات والأردن ، لكنها لم تشارك خوفا من معارضتها الداخلية ، ولكن هيلاري تكفلت بالأمر ، وفي يوم 25 آذار ، ظهرت أول الطائرات القطرية في سماء ليبيا. كانت تقول للمسؤولين في هذه الدول :
"هذا الأمر مهم للولايات المتحدة، ومهم للرئيس أوباما، ومهم لي شخصياً !".
برغم هجمات طائرات الناتو وانسحاب القوات الليبية من بنغازي ، فإن الخطوط الليبية الأخرى بقيت ثابتة والأمور تراوح في مكانها طوال شهر أيار . وبدأ مصطلح "ورطة أو مأزق" يظهر في الصحافة وصفوف الرأي العام الغربي ، وهدّد هذا التعطيل والتطويل تمويل العملية والدعم المالي للمتمردين. وهنا تكفّلت هيلاري – من جديد - بتوفير طريقة لتمويل المتمردين ، وذلك حين عارضت آراء محاميّ وزارة الخارجية ، وأقنعت الرئيس أوباما بإعلان اعتراف دبلوماسي كلّي بالمتمردين ، ليصبح من حقه تخصيص مليارات الدولارات لهم من أرصدة القذافي المُجمّدة. وفي مؤتمر إسطنبول (15 تموز ) ضغطت هيلاري على ثلاثين دولة غربية وعربية للقيام بنفس الإعلان والاعتراف الدبلوماسي بالمتمرّدين.
سقطت طرابلس بعد خمسة أسابيع ، بعد نفقات أمريكية مقدارها 1 مليار وبدون قوات نظامية على الأرض.... قُتل 100,000 مواطن ليبي بالقصف الغربي حسب إخصاء الأمم المتحدة .... وارتفع علم القاعدة خفّاقاً يرفرف في سماء ليبيا .
# دولة فاشلة وشعب مهجّر وسطوة للقاعدة هي نتائج مخطط هيلاري كلنتون لحماية الشعب الليبي :
________________________________________
قصّة مأساة ليبيا الحقيقية بدأت في الواقع في 4 حزيران 2009 مع خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة الذي وصفه موقع البيت الأبيض بـ "البداية الجديدة" . في ذلك الوقت كان نجم أوباما في صعود، ولديه أغلبية ديمقراطية ضخمة، في مجلسي النواب والشيوخ، وفي تشرين الأول سيُمنح جائزة نوبل للسلام. وفي مثل هذه الظروف يصعب على أي شخص الاحتفاظ بقدميه على الأرض.
وبرغم أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم يكونا ضمن دائرة رضا حقوق الإنسان ، إلا أنهما في تموز من عام 2009 كانا مستقرّين. هزمت القاعدة في العراق. واستطاعت الحكومات المحلية تهميش المنظمات الإسلامية المتطرفة. بدأ العقيد معمر القذافي بالتعاون مع الولايات المتحدة في السيطرة على المتطرفين، والحدّ من انتشار أسلحة الدمار الشامل. الأقليات الدينية ، وخصوصا المسيحيون ، كانوا محميين. الآثار الحضارية كانت محترمة ومحمية كجزء من تراث المنطقة الحضاري. لم تكن هناك حرب أهلية، ولا قتل جماعي، ولا ذبح ولا قطع رؤوس ، ولا دمار شامل للبيوت، ولا موجات لاجئين نحو الغرب ، كان هناك على الأقل شيء من الأمل لملايين الناس.
كل ذلك تغيّر بعد خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة. أُسقطت الحكومة المصرية وسُلّمت السلطة للإخوان المسلمين، الذين استمروا في الفوضى إلى أن طلب الشعب المصري من الجيش استعادة النظام. سبّب انسحاب القوات الأمريكية من العراق فراغاً كانت الدولة الإسلامية سعيدة بملئه. والإلحاح على الشعار الطفولي أن "الأسد يجب أن يرحل" كما وصفه ثييري ميسان قاد إلى حرب أهلية، مع وصول الدولة الإسلامية إلى ضواحي دمشق. المسيحيون والأقليات الدينية الأخرى الذين عاشوا في المنطقة لأكثر من الف سنة هم تحت القمع الآن – يُقتلون ويُستعبدون وتُدمّر منازلهم. موجات هائلة من اللاجئين تصب في أوروبا. مئات الألوف من البشر في العراق وشمال أفريقيا قُتلوا . الملايين فقدوا بيوتهم وهم يجولون بلا هدف في أوطانهم.
ليبيا اليوم دولة فاشلة . إحصاء عام 2006 بين أن عدد نفوسها 6,6 مليون. حوالي 9% من هؤلاء ( 550,000 مواطن ) هُجّروا وفقدوا بيوتهم تائهين في بلادهم يبحثون عن العون. وقياسا بالولايات المتحدة فإن هذا يساوي تهجير 30 مليون أمريكي من بيوتهم. ولا يوجد تقدير حقيقي لأعداد القتلى ومن اصبحوا يتامى حتى الآن.
مع الوضع المنفلت والفوضوي في البلاد، انفلتت الذئاب البشرية ونمت ، وصاروت تضع اللاجئين اليائسين بالمئات في مراكب غير آمنة. دوريات الصليب الأحمر الليبي تجول في الشواطيء ، وتدفن عشرات الجثث التي ألقتها الأمواج على الساحل.
الدولة الإسلامية جعلت ليبيا مقرا لها في شمال أفريقيا ، وصارت تدرّب المقاتلين وترسلهم إلى تونس ، فقاموا بهجمتين على السيّاح في تونس قتلوا فيهما أكثر من 60 شخصاً. مخزونات القذافي من الأسلحة التقليدية سُلبت ووُزعت على الإرهابيين. وبسبب اليأس الشامل ، يلتمس السياسيون الليبيون من الجامعة العربية أن ترسل طائرات حربية لتقصف بلدهم.
يمكن لأي عضو كونغرس أن يسأل هيلاري كلنتون عن حدود مسؤوليتها عن هذه الفوضى. كما يمكن مساءلة السيد "جاك سوليفان" : لماذا يعتقد أن السيدة كلنتون لديها "قيادة/ وملكية/ وإدارة مطلقة للسياسة الليبية" ؟ وهل الموقف الحالي في ليبيا في ضوء إدارتها المطلقة إيجابي أم سلبي للشعب الليبي؟
أخيراً، التسجيلات الصوتية السرّية تكشف دور هيلاري كلنتون القذر في تدمير ليبيا (سنجد مستقبلاً أن الدولار لا الديمقراطية هي السبب):
__________________________________________
أخيراً، كُشفت التسجيلات الصوتية السرّية المتعلقة بكارثة ليبيا ، والتي قُدّمت للكونغرس ، وراجعتها صحيفة الواشنطن تايمز ، لتُظهر اتصالات سرية بين المسؤولين الأميركيين والرئيس القذافي وابنه سيف الإسلام خلال الأزمة ، وكيف كان الجميع يرى أن هيلاري كلنتون قد وضعت سيناريو قاد الولايات المتحدة إلى حرب لا داعي لها.
كشفت هذه التسجيلات السرّية أن وسيطاً أمريكياً قد أُرسل من رئيس هيئة الأركان الأمريكية قد أخبر نظام القذافي في تموز 2011 بأن وزارة الخارجية تسيطر على ما تقدمه المخابرات من تقارير للمسؤولين الأمريكيين، وأنها فبركت مزاعم تقول بأن القذافي سوف يقوم بإبادة بشرية في ليبيا ، وبذلك أقنعت الرئيس أوباما وحلفاء الناتو والأمم المتحدة بالموافقة على التدخل العسكري.
إبن القذافي ، سيف، أخبر الأميركيين في المحادثات السرّية، بأن السيدة كلنتون تستخدم مزاعم كاذبة لإسقاط والده، وأكد أن النظام لا يمكن أن يقوم بعقاب جماعي للمدنيين كما تروّج لذلك هيلاري كلنتون. وشبّه حملة هيلاري المُفبركة ضد ليبيا بالحملة المفبركة لإدارة بوش ضد العراق . كما أظهرت التسجيلات اتصالاً هاتفياً بين سيف الإسلام والسيناتور الجمهوري "دنيس كوسينيش" (مرشح للرئاسة عام 2008) في أيار 2011، أشار فيه إلى أن غالبية المتمردين الذين تدعمهم كلنتون ليسوا "مقاتلون من أجل الحرية" كما تشيع هيلاري ، بل رجال عصابات وقتلة وإرهابيين.
وطلب سيف أن ترسل الحكومة الأمريكية لجنة لتقصي الحقائق لتتأكد من أنه لا يوجد اي دليل على مزاعم كلنتون.
وأظهرت التسجيلات أن السيد كوسينيش قد أخبر النيويورك تايمز أن هناك تشويهاً للحقائق لتبرير تدخل عسكري أمريكي خاطىء ولا قانوني، وأنه كتب رسالة بهذا المعنى إلى الرئيس أوباما والسيدة كلنتون في آب ، أوغست شرح فيها اتصالاته لإيقاف الحرب الوشيكة، وبيّن فيها أن وسيطاً من ليبيا اتصل به يحمل رغبة القذافي في التفاوض لإنهاء الأزمة مقابل شروط تتفق مع أهداف الإدارة الأمريكية، لكن لا الرئيس ولا وزارة الخارجية ردّا على الرسالة.
مزاعم كلنتون حول الإبادة البشرية التي "ينوي" القذافي القيام بها لم يؤيدها مسؤولو مخابرات وزارة الدفاع ، وأكدوا أن القذافي لا يمكن أن يستثير سخط العالم أكثر وأكثر بعمل أهوج من هذا النوع. ووفق ذلك عارض وزير الدفاع "روبرت غيتس" ورئيس هيئة الأركان الأدميرال "مايك مولن" التدخل العسكري الذي دعت إليه كلنتون.
وكشفت التسجيلات السرّية المُستعادة أن مساعد رئيس هيئة الأركان الجنرال "شارلس جاكوبي" قال إن وزارة الدفاع لم تكن تثق بتقارير وزارة الخارجية وتقارير الـ CIA حول ليبيا . كانت كلنتون مُصرّة على التدخل في ليبيا برغم أن البنتاغون يقول أن لا مصالح أميركية متضررة هناك وأن استقرار المنطقة سوف يتحطم. كما ان القذافي وافق في 2003 على تفكيك ترسانته من أسلحة الدمار الشامل ، وأدان الإرهاب ، وعوّض ضحايا لوكربي واتخذ غيرها الكثير من الخطوات المطلوبة.
في شباط 2011 ، بدأت الاضطرابات في ليبيا ، وسيطر المسلحون على بنغازي ، وحشّد القذافي قواته لاستعادتها . وفي 17 آذار 2011 ، أصدر مجلس الأمن قراره 1973 القاضي بالتدخل العسكري في ليبيا لحماية المدنيين . وفي 28 آذار أعلن الرئيس أوباما في خطاب إذاعي أن العنف سوف يتسع في ليبيا ، وأن لدينا فرصة فريدة لإيقافه وحماية المدنيين. لكن مراقبة حقوق الإنسان لم تجد اي دليل على أزمة إنسانية أو إبادة بشرية وشيكة كما قالت مديرة مراقبة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ساره واتسون" .
ثم بدأت هيلاري كلنتون بإجهاض أي محاولة للتواصل مع نظام القذافي ، ففي نفس يوم صدور قرار مجلس الأمن طلبت من جنرال في وزارة الدفاع عدم قبول اتصال هاتفي من سيف ابن القذافي وقادة ليبيين آخرين لغرض التفاوض حول حل ما . وبعد يومٍ واحد ؛ أي في 18 آذار، دعا القذافي إلى وقف إطلاق نار ، فرفضت كلنتون ذلك أيضاً.
ثم اتصل "محمد اسماعيل" مستشار القذافي المقرّب بالسفير الأمريكي السابق في ليبيا "جين كرتز" وأخبره أن القيادة الليبية أمرت قادتها العسكريين بعدم إطلاق النار على المحتجين. كما أخبره سيف بذلك حسب المكالمات السرية التي أظهرت أن مسؤولي البنتاغون قد أخبروا سيف ومحمد اسماعيل بأن كلنتون ترفض التفاوض.
اختارت كلنتون السيد كريتز كحلقة تواصل رسمية مع نظام القذافي، وهو السفير الأمريكي السابق في ليبيا الذي أُبعد من البلاد في عام 2010 إثر الغضب الليبي بعد تعليقاته المهينة للقذافي ، ولذلك لم يكن موثوقا به من قبل النظام أو عائلة القذافي.
وبسبب استبداد وفردية هيلاري في هذا الموضوع ، قرّر البنتاغون اختيار وسيط هو رجل أعمال أمريكي صديق لسيف الإسلام ليكون وسيطا بين البنتاغون والليبين للعثور على حل للأزمة خارج خطة كلنتون .
ولم يكن البنتاغون وحده الذي شكّك في العملية ، فقد امتنعت خمس دول عن التصويت على قرار مجلس الأمن هي ألمانيا والبرازيل وروسيا والصين والهند . وكان اعتراض السفير السوفيتي مهمّاً حيث قال إن القرار اتُخذ لمنع العنف وحماية المدنيين ، لكن سرعان ما بدأت طائرات الناتو بقصف المدنيين ، ففاقمت العنف بدلا من أن تقلّله".
في 19 آذار قام الجيش الأمريكي بمساعدة فرنسا وبريطانيا بإطلاق أكثر من 110 صواريخ نوع توما هوك (مزودة برؤوس للإبادة البشرية من اليورانيوم المنضب !! نفس ماساة العراق) ضربت 20 هدفا صاروخيا وجوّيا . خلال أسابيع قتلت غارات الناتو أحد أبناء القذافي وثلاثة من أحفاده في المجمّع السكني للعائلة بطرابلس ، فأشعلوا النقاش حول هل أن العقيد وعائلته هم أهداف مشروعة حسب قرار مجلس الأمن أم لا ؟!
حتى بعد بدء الصراع، استمر البنتاغون في اتصالاته لدرء فراغ السلطة الذي سيحصل عند إسقاط القذافي. اتصل الليبيون عبر وسيط بالجنرال "كارتر هام" مسؤول القيادة الأمريكية في أفريقيا ، وعرض هدنة لمدة ثلاثة أيام تُوقِف فيها القيادة الليبية كل العمليات العسكرية ، وتنسحب القوات العسكرية إلى ضواحي المدن ، وتتخذ وضعا دفاعياً. ولغرض ضمان المصداقية مع المجتمع الدولي تستقبل ليبيا مبعوثين من الاتحاد الأفريقي يراقبون الهدنة. لم توافق هيلاري كلنتون برغم أن تصريحاتها وتصريحات وزير الخارجية البريطاني كانت كلها تركّز على أن هدفهم ليس تغيير النظام ولا إسقاط القذافي بل حماية المدنيين.
بعدها عرض القذافي تخلّيه عن الحكم والموافقة على حكومة انتقالية مقابل شرطين : الأول ضمان وجود قوة عسكرية بعد خروجه تقاتل القاعدة، والثاني رفع كل الحصارات ضده وضد عائلته والموالين له لضمان خروج آمن من ليبيا. كان هذا العرض منطقيا في تلك اللحظة. ولكن ليس للسيّدة وزيرة الخارجية. طُلب من الجنرال هام أن يتوقف عن العمل بعد أن بدأت المفاوضات بيومين. جاءت التعليمات من وزارة الخارجية. علّق الوسيط الجنرال المتقاعد "شارلس كوبيك" على هذا الموقف بالقول إنهم لم يمنحوا القذافي هدنة لمدة 72 ساعة يتخلى فيها عن الحكم لأنهم لم يكونوا يريدون إسقاطه من الحكم فقط .. بل قتله .
كان الليبيون راغبين في التخلي عن السلطة ، لكن القصف المستمر لم يترك لهم خيارا سوى القتال . مع استمرار القصف المدمّر تراخت قبضة نظام القذافي في بداية نيسان واتسعت سيطرة المعارضين . طلب القذافي من الولايات المتحدة إيقاف قصف الناتو !!
وفي آب احتل المسلحون مجمّع القذافي في طرابلس ، معلنين نهاية 42 عاماً من سيطرته الحديدية الطغيانية ، واختفاءه . بعد شهرين، قُتل القذافي (69 عاماً) في مسقط راسه في سرت. وألقي القبض على ابنه سيف من قبل قبيلة زينتان ، وبقي في الحبس الإنفرادي في زنزانة في سجن زنتان .
ومنذ أن أُسقط القذافي من السلطة، وليبيا في حالة دائمة من الفوضى، وفي صراع مستمر ، وبلا قيادة موحدة.. وعلم القاعدة الإرهابية يخفق في سمائها .
# من مصادر هذه الحلقة :
________________
# about her history with Gadhafi - Michael Isikoff - Chief Investigative Correspondent - October 14, 2015
#Here's the biggest issue the Benghazi committee didn't ask Hillary Clinton about - Business Insider By Armin Rosen - October 25, 2015 10:18 AM
#A planner of the Benghazi attack reportedly met with Osama bin Laden - The Long War Journal - Thomas Joscelyn, The Long War Journal - Feb. 12, 2015 #
# Hillary Clinton: The Killing Of Ghaddafi And The Destruction Of Libya - :Brandon Turbeville - OCTOBER 14, 2015
# Hillary’s war: How conviction replaced skepticism in Libya intervention - By Joby Warrick October 30, 2011
#Hillary’s ‘ownership’ of Libya : The North African nation is no longer a place to boast about- By William C. Triplett II - - Thursday, September 3, 2015
# KILLING QADDAFI: HILLARY'S SECRET ROLE : Hillary lied; innocent Libyans and Americans died - Matthew Vadum - February 4, 2015
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
----------------------------
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.
وسوم: العدد 643