وزارة الخراب المحلي
بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء، انقلب العالم علينا حقدا وكرها وتآمراً، ولقد نبهت أنا وغيري قبل ذلك أن العدو لا يمكن أن يكون صديقا في يوم من الأيام، ومنذ فَتْح المسلمين للأندلس، وخروجهم منها فيما بعد، والعزم معقود من قبل ساسة الغرب علي استغلال العالم الإسلامي وإذلاله حتى تنضب موارده فيسهل القضاء
عليه بشرا، وشجرا، وحجرا.
عزموا على أن تبقى إسرائيل أقوى دولة في المنطقة، وعلى اختيار حكام تمت تربيتهم على أعين الغرب ولديهم من الجهل والغباء ما لو وزع على العالم لأفسده.
في موضوع الطائرة الروسية، أسقط في أيدي المسؤلين المصريين مدعين تحالف العالم عليهم لإخراج السياحة من مصر، وظن العامة أن البلد ستصاب بالخراب والدمار نتيجة هذا الغياب.
لا اعتراض لدي علي موضوع السياحة، ولكن اعتراضي ورفضي منصب على أن تكون السياحة هي المصدر المعوَّل عليه في تنمية مصر.
وكأن مصر لن تعيش وتحيا إلا علي فتات السياحة الأجنبية التي يغلب علي معظمها الإباحية، ونقل العادات والتقاليد التي لا تتفق مع الدين ولا مع العرف الاجتماعي والعجيب أن سياح الغرب بخاصة لا يحلو لهم العربدة إلا في بلادنا!
في مصر كنوز لا حصر لها، منها السياحة كما منها الزراعة، وإذا أجدبت السياحة في الوقت الراهن فلن تجدب الزراعة، ولكنها لا تجد من يُفعِّل العمل بها.
إذا كانت السياحة تعود علي مصر بمبلغ عشرة مليارات دولار، أي حوالي 87 مليار جنيه مصري، فإن بتوفر الإرادة السياسية يمكننا الارتقاء بالزراعة ومن ثم الاكتفاء الغذائي والبعد عن تسول غذاءنا من الدول الاستعمارية.
قمت مع بعض أساتذة الزراعة بعمل دراسة حول الأشجار الغير مثمرة التي يزرعها المصريون، وأخذنا كيلومتراً واحداً كعينة، فوجدنا أن مصر بها مليار وأربعمائة مليون شجرة غير مثمرة، فإذا قمنا بخلع هذه الأشجار وأحللنا مكانها أشجارا مثمرة لكان الناتج هو 50 كيلو فاكهة لو ضربناه في مليار وأربعمائة مليون شجرة لكانت النتيجة 70 مليار كيلو جرام من الفاكهة.
ومعلوم أن مصر تستورد الأخشاب من كل مكان حتى من روسيا و أوكرانيا وبالتوسع في زراعة الشجر نستغني عن هذه الدول.
والغريب أنه منذ حوالي عشرين عاما فوجىء المصريون بزراعة أربعمائة مليون شجرة فيكس بمعرفة وزارة التنمية المحلية، وهي شجرة لا تنفع وأضرارها بالبيئة واضحة كل الوضوح فضلاً عن أننا لا نملك رفاهية زراعتها، فكيف تكون هذه الوزارة وزارة تنمية محلية؟
إنها في الحقيقة وزارة خراب محلي، أو وزارة موظفين ليس لهم هدف في الدنيا إلا الكرسي .
أقول إن هذا الاستبدال للأشجار لن يكلف الدولة مليما واحدا، ويكفي حملة إعلامية واحدة نشرح فيها للناس فوائد الزراعة المثمرة وأن القرآن والسنة النبوية
لا تعترف بالشجرة التي لا تُثمر وتعتبرها شجرة خبيثة.
وأختم بقول الشاعر ابن عروس:
يا طالب السعد من أعداك مت كمدا كطالب الشهد من أنياب ثعبان
وسوم: العدد 643