الإسلام في أفريقيا الحلقة السادسة
اللقاء الحاسم بين حسان وكاهنة إفريقية
وكان اللقاء الحاسم الأخير بين المسلمين والكاهنة في موضع من جبال الأوراس لا تحدده النصوص التاريخية إلا بقولها إنه يسمى (بئر الكاهنة). حيث دارت معركة حامية ودامية، قتلت فيها الكاهنة ونفر عظيم من أتباعها، في حين لم تكن خسائر المسلمين بأقل من خسائر جيش الكاهنة، ولكن النصر كان حليف المسلمين في النهاية. وكانت هذه المعركة الحاسمة في سنة (80هـ/699م).
واستغل الروم انشغال المسلمين بحرب الكاهنة فأرسلوا إلى إفريقية أسطولا يقوده البطريق (يوحنا) فنزل بقواته في قرطاجنة وفاجأ حرس المدينة من المسلمين وقتل منهم عددا واستعاد المدينة لنفوذ القسطنطينية.
وقرر حسان أن يقضي على قرطاجنة قضاء مبرماً - بعد أن وصلت إليه أخبار نزول الروم فيها- فسار إليها واقتحمها سنة (82هـ/701م) وطرد الروم منها وخربها تماماً، وقطع القناة التي توصل الماء إليها، وكان ذلك نهاية هذه المدينة العظيمة ذات العراقة التاريخية.
وهكذا تم لحسان بن النعمان فتح إفريقية والمغرب وقضى على كل جيوب المقاومة فيها. وبذلك يصنف المؤرخون حسان بأنه من أعظم الفاتحين في التاريخ الإسلامي.
وأدخل حسان نظم الإدارة الإسلامية، فدون الدواوين ونظم أمر الجزية التي يدفعها غير المسلمين من بقايا الروم والأفارقة والبربر الذين لم يشرح الله صدرهم للإسلام، وأنشأ الدواوين لذلك، وقرر كذلك مقادير الخراج التي يدفعها الناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. وأرسل إلى القبائل الكبرى دعاة يدعون أهلها للإسلام ويرشدونهم إلى قواعده، ويقومون بالقضاء بينهم وفق شريعة الإسلام، فانتقل البربر شيئا فشيئا إلى الإسلام انتقالاً طبيعياً لعدم تأصل أي نوع من أنواع الديانات لديهم، فقد وجدوا في الإسلام الأمن والطمأنينة والعدل والمساواة.
وتوّج حسان بن النعمان أعماله بإنشاء (تونس) لتكون الميناء الرئيسي بعد تخريب قرطاجنة وباباً للمسلمين على البحر المتوسط، وقد استعان حسان في بنائه بنفر من المصريين، حيث استقدم منهم ألف أسرة فقاموا بالعمل على أكمل وجه وأحسن صورة، واستقروا في الميناء الجديد وسيّروا أمره.
ولخلافات بين حسان والبيت الأموي أقسم أن لا يلي لبني أمية عملاً، فاستعفى من ولاية إفريقية سنة (86هـ/705م) وكان في السبعين من عمره. واختار عبد العزيز بن مروان (والي مصر) موسى بن نصير لولاية المغرب.
وسوم: العدد 645