كلمة بُعَيد قرار مجلس الأمن حول سوريا
بعد قرار مجلس الأمن اليوم بما يخص سوريا، فإنه يتوجب علينا تسمية الأشياء بمسمياتها، وإن كانت مقرفة وقبيحة، فروسيا الآن لديها الضوء الأخضر من مكونات الإجرام العالمي الأمريكية، والإيرانية، والصهيونية، والأوربية لإخماد ثورة الشعب السوري الأبيّ.
وهو بطبيعة الحال إخماد لتطلعات شعوب المنطقة العربية والإسلامية لقرنين من الزمن أو أكثر، ولكن (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
فمن الواضح أن أمرين أساسيين تم تمكينهما بجهود أمريكية وصهيونية وأوربية لروسيا بشكل أو بآخر، من خلال ما قبل مؤتمر الرياض وما بعده، وقرار مجلس الأمن الأخير وهما:
أولاً: لا يسمح بأي حال من الأحوال للمعارضة السورية أن تُشكّل حكومة انتقالية تعبر عن تطلعات وأمانيّ الشعب السوري، وتنتقل بالبلاد والعباد إلى الحرية والديمقراطية، بل الضغط على المعارضة للقبول بتشكيل حكومة توافقية يكون للقتلة والمجرمين والطائفيين الحظ الأكبر، في حكومة هزلية تحقق أهداف الوالغين بدماء الشعب السوري، والراقصين على أشلاء الأطفال والنساء والمدنيين ليل نهار، جراء إجرام النظام السوري وشركائه إيران (دولة الفقيه)، وروسيا وبمباركة أمريكية أوربية صهيونية.
ثانياً: التغيير في المؤسسة العسكرية والأمنية والاقتصادية خط أحمر، لا يمكن تجاوزه بأي حال، وفي الواقع أن هذه المؤسسات بيد طائفة بشار الأسد، وتحميها كل تلك القوى المجرمة.
وبناء عليه فإن الشعب السوري ليس أمامه مخرج سوى العودة إلى شعاره الأول “يا الله مالنا غيرك يا الله” والاستمرار بثورته، وإثبات فعاليتها وقدرتها وسيطرتها على الأرض، وعدم التفريط بالدماء الزكية التي روت أرض سوريا، والانجازات التي تحققت في السنوات الخمسة المنصرمة وهي كثيرة.
ولا بد من الحذر من أي حلّ دولي أو تآمري، والوقوف في وجه تنفيذه، إذا كان يتنافى مع البنود والثوابت الوطنية الأساسية الخمسة التي اتفقت عليها الكيانات والفصائل الثورية – الممثل الحقيقي للشعب السوري – والتي رعاها المجلس الإسلامي السوري وهي:
1- إسقاط بشار الأسد وكافة أركان نظامه، وتقديمهم للمحاكمة العادلة.
2- تفكيك أجهزة القمع الاستخباراتية والعسكرية، وبناء أجهزة أمنية وعسكرية على أسس وطنية نزيهة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة الأخرى.
3- خروج كافة القوى الأجنبية والطائفية والإرهابية من سـوريا، ممثلة بالحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وميليشيا أبي الفضل العباس، وتنظيم الدولة.
4- الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، واستقلالها وسيادتها وهويـة شعبها.
5- رفض المحاصصة السياسية والطائفية.
ولرب قائل: ما هي اﻹنجازات التي حققتها الثورة السورية المباركة؟
فهي كثيرة ولعلّ أبرزها:
– إفشال مخطط الإمبراطورية الفارسية المدعوم من الكيان الصهيوني وأمريكا وأوربا وروسيا .
– تمريغ أنف إيران والميليشيات الشيعية كحزب الله اللبناني، ومن معهم من الحشد الطائفي المقيت، فحسب مصادر من الطائفة النصيرية في سوريا فإنها قد خسرت أكثر من مئة وعشرين ألفاً من صفوة رجالها وشبابها، وهذا حسب أقوالهم ووثقته صفحاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ناهيك عن قتلى إيران (دولة الفقيه) القَتَلة عابري الحدود من القادة الكبار في فيلق القدس – والقدس منهم براء– ، بالإضافة لقتلى حزب اللات الذين يُقدرون بالعشرات يومياً.
هؤلاء الطائفيين الذين سقطوا على أرض سوريا لا يراهم أوباما ومن معه من الغرب، فالغرب المنافق لا يدرج تلك الميليشيات الطائفية على قوائم الإرهاب، لأن الإرهاب بنظره هم أطفال دوما وإدلب وجسر الشغور وجبل الأكراد وجبل التركمان.. الذين مزقت أجسادهم صواريخ بوتين وهم بعمر الزهور، جالسين على مقاعد الدراسة، أو في بيوتهم!!.
ومما يحسب للثورة السورية “الفاضحة” اظهار وفضح المخطط الفارسي اليهودي الصليبي بأقبح صوره وأشكاله، والذي رُسم لبلاد الشام والمنطقة حسب وثيقتيّ هنري كامبل، وبريجنسكي-برنارد لويس المعتمدة من الكونغرس الأمريكي كخطة استراتيجية سرية للتنفيذ منذ عام 1983، ومؤداهما تفكيك العالم العربي والإسلامي إلى دويلات وكانتونات مبنية على أساس عرقي وديني.
إذن فهم جادين باستهداف اﻷمة العربية واﻹسلامية بعقيدتها وقيمها (اﻹسلام المعتدل الوسطي السني ) وبماضيها وحاضرها ومستقبلها، ومن ثم إقامة المشروع الفارسي الصهيو-صليبي على أشلائها الممزقة بمشرط برنارد لويس، وبريجنسكي، وبوتين، وأوباما، وبمباركة من الكنيسة الروسية اﻷرثوذكسية وصومعة خامنئي في قم..
ولو أن الثوار على الأرض لا يملكون كلمة وقوة، لما استمع المتآمرون على الشعب السوري أو ما يسمى “أصدقاء سوريا” (باستثناء بعض الدول كتركيا والسعودية وقطر وغيرها)، لما استمعوا للمعارضة السياسية المفروضة على الشعب السوري بأحرارها وخوّانها، هذه المعارضة المخترقة، المُلحَق بها ذيول ورجال النظام المستمر في إجرامه وإبادته للشعب السوري، والمدعوم بشكل مباشر من روسيا وإيران، تحت مرأى ومسمع مجلس الأمن والمنظمات الإنسانية والحقوقية والعالمية.
وعزاؤنا (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
د.بسام ضويحي
مركز أمية للبحوث و الدراسات و الاستراتيجية
وسوم: العدد 647