أوطان الاستعباد !
حينما يخشى الطغاة فقدان جاه حُكم، أو فقدان ما يُجْبَى إليهم من ثروات أرض مُغتصَبة، أو فقدان سُخْرة شعبٍ مُستعبَد لهم ولحاشيتهم..
تبدأ - وقتها - محاولة بَثّ رُوح "الوطنية" في صفوف قطعان المُستعبَدين، الذين لم يعرفوا هذا المعنى ولم يشعروا به قبلَ ذلك!
فحينما طلب موسى عليه السلام إلى فرعون أن يُرسِل معه بني إسرائيل المُستعبَدين، ليَخرج بهم - عليه السلام - من مِصر، خشي فرعون وملؤه فقدان رفاهية الخدمة والإذلال واستحياء النساء..
حينها فقط.. قال ملؤه و"إعلامِيُّوه" للسَّحَرة من بني إسرائيل عن موسى وشقيقه هارون مُحذِّرين: "إنْ هَذَانِ لَساحِرانِ يُريدانِ أنْ يُخْرِجاكُمْ من أرضكُمْ بِسِحرِهِما"!
فَسَمّوها "أرضهم"! وما كانوا فيها إلا غُرباء مُستعبَدين في سِجْن كبير!
بل ووعدهم فرعونُ بالزُّلفَى والقربِ مِنه فضلاً عن الأجر، إنْ هُم أَفشلوا مَساعِيَ موسى: "وَإنّكُمْ إذاً لَمِنَ المُقرَّبِينَ"!
ذات السياسة القذرة تُتَّبَعُ اليومَ في أوطانٍ يُعامل فيها السائحُ الغريبُ (ذو المنفعة المادية) أفضلَ من المواطن!
فإذا توجّس الطاغية من تحرّكٍ شعبيّ ضِدَّ ظلمه، نشط ونشطت حاشيتُه وعلماءُ بَلاطه ومُرتزِقةُ فُتاته، في تسويق شعارات "الوطنية" و"حِماية الحِمَى"، وتَتبَّعُوا المُخلِصين تحت هذه الذرائع، ليستمرّ مسلسلُ الاستعباد والاستحلاب لعامّة الشعب!
وسوم: العدد649