العسكر والإجرام

لا يتورع المجرمون في فعل أي شيئ يرونه مناسب مع تحقيق أهدافهم الإجرامية ، فالإجرام أصبح حالهم حتي وصل إلي صفة يُلقبون بها.

والمجرمون يرون أنفسهم دائماً علي حق بقوة الجبروت والسلاح وما تملكه أيديهم من سلطان ونفوذ ، ويرون أنفسهم كذلك فوق القوة والحق والقانون ، وما دونهم لابد أن يرضخ لإرادتهم وأن يطيع سلطانهم.

ويري المجرمون أنفسهم أوصياء علي من حولهم ، بل علي العالم كله وخاصة عندما تتوافق قوتهم الإجرامية مع قوة أصحاب النفوذ الدولية.

فتري أمريكا مثلاً يحق لها أن تستخدم أي قوة تؤدي إلي تحقيق أهدافها الإستراتيجية حتي وإن كانت  قوة نووية، كما تظن أنها صاحبة الحق وصاحبة القرار  في أي شأن، لذا فإن المجرمين يتخذون أمريكا مثلاً أعلي وذات صلة وثيقة بهم.

فتري الذي سطى علي حكم مصر بالإنقلاب العسكري يتمني رضا أمريكا بكل السبل وتنفيذ أوامرها حتي يحقق لنفسه الإستقرار علي حكم البلاد.

الإجرام أصبح اليوم سمة العسكر في كثير من البلدان العربية ليحقق نوعاً من الكبت والتضيق والإضطهاد والتجويع لشعوبهم حتي إذا سمح لهم بقليل من العيش وقليل من الحرية استنشقت تلك الشعوب هواءاً لم تراه من قبل ينعش بها صدورها المكبوتة، فتحمد الله علي سماحة العسكر، وتواضع العسكر، وديمقراطية العسكر التي سمحت لهم بذلك.

إن المجرمين اليوم من العسكر يدبرون ويخططون مع غيرهم لتثبت أقدامهم وإستقرار حكمهم حتي إذا قاموا بتفجيرات يذهب من خلالها أرواح الأبرياء ، أو تدمير المؤسسات العامة والخاصة يظنو بها أن الرعب سيدب في قلوب الأبرياء خوفاً من إلصاق التهم بهم.

إن إجرام العسكر الذي يتزايد كل يوم لن يسكت أصوات الشرفاء، ولن يخمد لهيب حماس الحرية المنشودة، والكرامة المرتقبة فيما بعد الإنقلاب.

إن الطغاة عندما يشعرون أن الخناق يضيق عليهم من أهل الحق تبطش أيديهم بكل أدوات الظلم وما تملكه أيديهم دفاعاً عن أعناقهم التي ستنالها مقاصل القصاص لدماء الشهداء وسجن الأبرياء وإغتصاب النساء ونهب الأموال.

وما قدمتهم أيديهم من ظلم وتجبر وتكبر سيكون شاهداً عليهم ليُقتص منهم، وسيكون ذلك قريباً، فإن فرعون علا وتكبر ، وطغي وظلم ، ولم يفلت من عقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة.

(إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ ويَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ (4) ونُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ (5) ونُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ونُرِيَ فِرْعَوْنَ وهَامَانَ وجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) سورة القصص

وسوم: العدد649