متغيرات و ثوابت في الثورة السورية

معاذ عبد الرحمن الدرويش

بدايةً  لا بد من إقرار  تلك التحديثات و التي  باتت حقائق على الأرض ، و ليست حروف على الورق.

هناك واجهتين على الأرض يحاول الروس و الأمريكان  الإختباء خلفهما و تقديمهما كوجهين رئيسيين للصراع في سوريا ، و هما بالواقع ليسا سوى وجهين صوريين ، و المتمثلين في نظام الأسد و تنظيم البغدادي ( داعش) ، لا يزال النظام العالمي يتمسك بوجودهما مهما كلفه من ثمن لأن كل قوى الشر تختبئ خلفهما و تحقق من خلالهما كل ما تربو  له في سوريا خصوصاً و في المنطقة عموماً، فالهدف أولا تدمير سوريا و إضعافها ،و من ثم إذا أمكن إعادتها إلى تحت فروض الطاعة كاملة ، و إذا ما أمكن   فتقسيمها و ضمان أكبر جزء منها للولاء و الطاعة .

وفي حال غاب أي وجه من ذلك الوجهين الصوريين ، سيغيب الآخر بشكل أتوماتيكي ، و ستسقط آخر ورقة توت عن عورة السياسة الأمريكية الروسية المتغطرسة رغم انفضاحها و على مرآى من العالم أجمع.

كل شيء تغير في الساحة السورية ،  باستثناء صمود الشعب السوري ، هذا الصمود الإسطوري الذي عجز عن إركاعه كل قوى الشر في العالم مجتمعة ...و الذي جعل من قوى الشر تعيد حساباتها المستقبلية مع الجار الجديد لإسرائيل بعد رحيل ربيبهم العزيز...

فلم تعد الثورة السورية بحاجة لإسقاط نظام الأسد المجرم ،فهو بحكم الساقط و الميت مهما كانت النتائج و كيفما ستؤول لها الأمور في نهاية المطاف ، فلمجرد تم رفع الأوكسجين الروسي عنه سيكون بحكم الميت، وسيضطر من يقدم له الأوكسجين اليوم ، أن يقدم له إبرة الرحمة الأبدية.

لكن على الثورة السورية أن لا تحيد عن شعار إسقاط نظام الأسد المجرم ، و تبقى متمسكة به  ، فهو الجامع لأطيافها و الحاضن لجميع مبادئها منذ انطلاقتها.

إلا أن مهمة الثورة السورية باتت أقسى و أصعب من إسقاط نظام الأسد المجرم.

فالثورة السورية عليها أولاً أن تحافظ على كيانها  و وجودها، ، و أن تصبر أكثر  فالذي ذهب الكثير و لم يتبق إلا القليل ...رغم سوداوية الواقع الحالي ...

فالتكالب الروسي و سقوط القناع الأمريكي إنما هو بداية نفاد صبر ذلك العملاقين ...و الشعور باليأس أمام هذا الصمود الإسطوري لهذه الثورة المباركة ، و هم اليوم يحاولون بكل وقاحة و أمام مرآى العالم القضاء على الثورة السورية و بشكل مباشر.

و على الثوار أن يغيروا من استرتيجية تفكيرهم و نمط  دفاعهم و قتالهم .. فعليهم الصمود و الحفاظ على وجودهم قدر الإمكان ، فالمحرقة التي تتعرض لها سوريا ليست وليدة اليوم ، و السلام على حجارة سوريا و بيوتها ...لكن لا يمكن أن يضحوا بعزائمهم و كياناتهم ...فالمستقبل لهم ..إذا استطاعوا العبور من عنق الزجاجة اليوم...هذا أولاً .

ثانياً : الخطر الآخر هو خطر التقسيم و هو الأكثر رجاحة

بعد أن عجز أصدقاء نظام الأسد على إحيائه من جديد في آخر محاولات الصدمة الكهربائية الروسية.

فنظام الأسد لم يعد قادر على حكم لا سوريا موحدة و لا حتى على إقامة دويلة علوية صغيرة ، فإقامة دويلة علوية أمام الشعب السوري لن تصمد سوى سنوات معدودة لتضمحل و تذوب من جديد ، و من هنا لا بد من خلق عدة كيانات و على رأسها الكيان الكردي و الذي بموجبه يضعف سوريا المستقبل و يكون بمثابة خنجر في خاصرة سوريا الجديدة و المنطقة كلها.

ثالثاً : الثورة في سوريا لم تعد تخص السوريين وحدهم و لا بد من إطالة عمرها لأن المطلوب لم يعد رأس سوريا فقط، و إنما العديد من الدول في المنطقة و على رأسها تركيا و السعودية.

فالمنطقة قادمة على تقسيمات طائفية و عرقية كبيرة ..تضمن أن تبقى شعوب المنطقة في صراع طويل الأمد و بذلك ستتربع إسرائيل على عرش المنطقة كدولة راقية مسالمة و بكل أمن و سلام و هدوء.

و أخيراً ما نرجوه من الأخوة عموم الشعب الكردي أن لا يكونوا مطية أحزاب سياسية حاقدة ، تستخدمهم ورقة لتحقيق غايتها على حساب مستقبلهم .

و لا ندري إذا كان سيحصل التدخل التحالف الإسلامي فعلاً ؟

و هل سيكون لإنهاء الصراع في سوريا على نحو غير متوقع ؟ أم أنه توريط لتلك الدول في حرب لن تكون نهايتها كما كانت بدايتها ؟؟؟.

الأيام القادمة حبلى بالإجابة عن كل ذلك..

نسأل المولى الخير لثورة سوريا و لكل شعوب و دول المنطقة..

وسوم: العدد 655