الفكر وحده لا يكفى!
إن بعث الأمة من جديد يحتاج إلى (عقيدة)، وليس فقط إلى (فكر)، الفكر مطلوب، نعم. الفكر وحده لا يكفي، ولا يصنع شيئاً وهو معلق في أبراجه العالية لا ينزل إلى واقع الساحة والعقيدة هي التي تعمل. هى التي تحرك. هي التي تدفع للعمل. عقيدة تشتمل على فكر وليس فكراً فلسفياً ونظريات وحين عملت هذه العقيدة على أصولها الصحيحة، وبما تشتمل عليه من فكر صحيح، صنعت ما يشبه المعجزات وحين غفل عنها أهلها وأهملوها، ذووا وأنحصروا حتى صاروا كغناء السيل .. ويقول المستشرق البغيض (جب) في كتابه (وجهة الإسلام) (إن أخطر ما في هذا الدين أنه ينبعث فجأة دون أن تعرف السبب في انبعاثه، ودون أن تستطع أن تتنبأ بالمكان الذي يمكن أن ينبعث فيه) إنها العقيدة وليست مجرد الأفكار ولو كانت الأفكار هي التي تحرك وتعمل لكانت أفكار ماركس تحركت وعملت أو أفكار فرويد وإميل دور كايم وكونت ودارون تحركت وعملت!! مجرد أفكار رديئة أتلفت العقول أفرزتها عقول ملحدة.
لقد أصابت العقيدة التي هي (لا إله إلا الله) مجموعة من الأمراض أفرغتها في النهاية من مضمونها الحقيقي ومن شحنتها الدافعة وحولتها إلى كلمة تقال باللسان والقلب غافل عن دلالتها والسلوك مناقض لدلالتها.
وهذه الأمراض هي:
1- الفكر الإرجائي الذي يخرج العمل من مقتضى الإيمان.
2- الفكر الصوفى الذي يطمع العبد في رضا مولاه إذا أدى العبد مجموعة من الأوراد والأذكار وأطاع الشيخ واتبع هواه.
3- الإنحسار التدريجي في مفهوم العبادة.
4- تحول عقيدة القضاء والقدر إلى عقيدة صارفة عن العمل.
5- تحول التوكل على الله إلى شعور سلبي متواكل.
6- تحول الخلاف المذهبي إلى عصبيات.
7- نشأة الفرق بتأويلاتها الفاسدة.
8- ضعف الإيمان باليوم الآخر.
9- تحول الدنيا والآخرة في حس الناس إلى معسكرين. منفصلين، العمل لأحدهما يلغي العمل للآخر.
مصيبتنا كبيرة جداً لأن في الإسلام يرتبط السلوك بالعقيدة وذلك لأن مقتضى العقيدة هو الالتزام بما أنزل الله. وما أنزل الله يشمل الحياة كلها بجميع جوانبها وكل شئ في حياة الإنسان داخل في أحد الأبواب الخمسة التي تشملها الشريعة فهو:
1) إما حرام 2) وإما حلال 3) وإما مباح
4) وإما مستحب 5) وإما مكروه
ومن ثم ينطبق قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) ينطبق على واقع الحياة كله. وكل مخالفة لما أنزل الله هى نقص في الإيمان. فالإيمان يزيد وينقص. يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي وقد ينتقص انتقاصاً كاملاً من أصوله إذا أتى الإنسان أعمالاً معينة يعرفها الفقهاء، لا محل لها هنا أن أصل القضية هو إرتباط السلوك بالعقيدة بحيث لا يند عنها عمل واحد يأتيه الإنسان بوعيه وإرادته ومن ثم يكون المؤمن الحق على ذكر دائم لربه في كل لحظة من لحظات وعيه وفي جميع أحواله يكون في دائرة العقيدة بفكره ومشاعره وسلوكه.
والله يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب.
وسوم: العدد 660