قدوة القيادة في الإسلام 25

قدوة القيادة في الإسلام

الحلقة الخامسة والعشرون

د. فوّاز القاسم / سوريا

وضع الخطة الجهادية المحكمة ، وتهيئة الظروف المناسبة للجهاد والحرب :

إن واحدة من أهم خصائص هذا الدين العظيم هي: الواقعية الحركية.  فهو حركة ذات مراحل ، ولكل مرحلة ظروفها ، وفقهها .

ولكل مرحلة وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية .

وكل مرحلة تسلّم للمرحلة التي تليها من غير تعسّف أو اجتزاء .

فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجرّدة ، كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة .

وفي الوقت الذي يمنع الإسلامُ المسلمينَ ، من حشر الجهاد في غير ظرفه ، وغير مرحلته ، منعاً لإراقة الدماء ، وإضاعة الجهود والأعمار من غير طائل ، والذي قد يقود الأمة إلى اليأس والإحباط .

فإنه كذلك لا يعطل هذا الركن العظيم عن أداء دوره في تحطيم الطواغيت ، وإزالة العقبات من طريق الدعوة ، عندما يكون ذلك ضرورياً وممكناً .

لا لإكراه الناس ، وقهرهم على اعتناق عقيدته ، كما ذكرنا ، فالإسلام يحرّم الإكراه ، حتى لو كان  لنقل الناس من الكفر إلى الإيمان ،  ومن الظلمات إلى النور ، قال تعالى في محكم تنزيله :

(( لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي )) . البقرة (256)

ولكن للتخلية بينهم وبين هذه العقيدة ، بعد تحطيم كل الأنظمة ، وإزالة كل العقبات التي تحول بينهم وبينها ، ثم ترك الحرية المطلقة لهم بعد ذلك (( فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر )) الكهف(29).

وهكذا فقد كانت خطة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، في مرحلة الاستضعاف المكية ، ترتكز على الدعوة ، المصحوبة بالصبر، واحتمال الأذى ، وكف الأيدي ، وعدم المواجهة المسلحة .

فلما تغير الظرف ، وتغيرت المرحلة ، وحدثت الهجرة ، أطلق الرسول القائد صلى الله عليه وسلم عملية الجهاد ، بعد أن كان قد أعدَّ لها كامل متطلبات نجاحها ، وهيأ لها كافة أسباب الفوز والظفر فيها.