تحليل حول تنصيب الجنرال السيسي رئيسا لمصر

تحليل حول

تنصيب الجنرال السيسي رئيسا لمصر

د. حسن المغربي

قررت جميع الحكومات الأوربية باستثناء اليونان وقبرص، بالامتناع عن إرسال ممثلين  لها على مستوى رفيع لحضور حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي في الثامن  من حزيران في القاهرة. وقد قام سفراء تلك الحكومات لدى مصر بتمثيل حكوماتهم في حفل التنصيب. فيما أرسلت الولايات المتحدة مستشار وزير الخارجية الأمريكية جون كيري. من جهة أخرى،حضر رؤوساء دول الخليج  حفل التنصيب بإستثناء دولة قطر حيث قام سفيرها لدى مصر بتمثيلها.

ماهي الرسالة وراء إتخاذ هكذا قرار من قبل هيئات المستشارين الأوربيين؟؟اعترفت أوربا وقبلت بالرئيس الجديد  وذلك بصورة واضحة، وهي مستعدة للعمل والتعاون معه.إلا أن أوربا غير سعيدة بهذا الوضع في مصر. فأوربا واعية و مدركة جدا للظروف و الأجواء "الغير ديمقراطية" التي أوصلت السيسي للسلطة، و غير مستعدة  أيضا لمنح السيسي الدعم الكامل.

 في بروكسل و بقية العواصم الأوربية، لايزال العديد يعتبر السيسي  بأنه الحل الأقل ضررا للمشكلة في مصر.فهم مدركين وواعين, وإلى حدما هم متخوفين من ذلك, للتدابير والسياسات التي بإمكان الرئيس الجديد أن يطورها خلال فترة رئاسته.

لم يسعف السيسي خطابه الأول في تهدئة المخاوف وطمئنة الأجواء . حيث أعلن بأنه سينتهج سياسة القبضة الحديدية"ضد الإرهاب"  والتي تُرجِمت على أرض الواقع بسلوك قمعي عنيف ضد  الإخوان المسلمين و قوى المعارضة الأخرى.فالحكومات الأوربية متلهفة لرؤية  سياسة مختلفة،من شأنها أن تستوعب" العديد من الأحزاب و الجماعات في اللعبة السياسية "  قدر الإمكان . و هكذا تأخذ  "اللعبة السياسية"  الصورة المثالية، "دائما أتحدث من وجهة نظر الحكومات الأوربية"و سيدرك الإخوان المسلمون المجددون و الذين ينتهجوا أسلوبا متجددا " الأخطاء المُرتَكبة" و يكونوا مستعدين للتعاون مع القوى السياسية الأخرى وفقا ل"تصور" الأوربيين"، و لسوء الحظ  بالنسبة لأوربا و( للجميع) على مايبدو بأن السيسي مستعد لتنفيذ سياسة القمع و الإستبداد  والتي ستؤطر و تقيّد  أية إمكانية  من شأنها أن تهيئ الأجواء حول إجماع و توافق جديد  يحول دون إجهاض الثورة.

ثانيا، هنالك فكرة لدى الجانب الأوربي بأن الإقتصاد سيكون التحدي الأكبر الذي يواجه السيسي. مصر دولة فقيرة و مفلسة أكثر من نصف السكان بحاجة للمواد الأساسية  المدعومة حكوميا تفاديا لوقوع  المجاعة. وعلى فرض بأن السيسي غير قادر على تحسين الشروط الحياتية والمعيشية لملايين المصريين حيث يرفض نظامه  بأن يكون "مختلسا" كالأنظمة العسكرية السابقة،حيث الدائرة الضيقة في السلطة ابتلعت واختلست كل خيرات و مقدرات البلاد" بينما تخشى العديد من الشعوب الأوربية  أن يستحوذ السيسي الرئيس الجديد خيرات و مقدرات البلاد حينها ستبدأ المشاكل الكبيرة مجددا.

هذا هو السبب في متابعة ومراقبة أوربا لكمية المساعدات المالية لمصر والتي ستحصل عليها من دول الخليج والولايات المتحدة، وكيفية استخدام السيسي لهذا الكم من المليارات التي سيحصل عليها:فهل ياترى ستكون تلك المليارات لفائدة و مصلحة الشعب أم لمصلحته الشخصية من أجل جمع الثروة.

إذ يتوجب علينا أن نعود بالذاكرة للماضي و تقاليد الحكومات المصرية منذ عقود مضت فهل من الممكن أن تكون  النظرة أكثر سوداوية.

الدكتور حسن المغربي. خبير في الشؤون الأوربية والعربية. مستشار لدى مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية.