يا مصر
يا مصر
هكذا نسميك بما سماك الله به
ـ فكفاك فخراً أن الله عز وجل هو الذي سماك بهذا الاسم الخالد
ـ الذي تغيرت ملامح الأرض ولم يتغير
ـ سموك عروس الشرق فكأنما أغروا بك الخطاب
ـ وسموك منارة الشرق فكأنما لفتوا إليك الأعين الخُرز
ـ وقديماً سموا بغداد دار السلام فجنوا عليها
وكأنما دلّوا المغيرين عليها
ـ ولو سموها دار الحرب لأوحى هذا الاسم وحده بما تنخلع له قلوب الطامعين وتخنس له عزائمهم
ـ فغفراً يا مصر فما هذه الأسماء إلاّ من هيام الشعراء
وما زلت مُذ كنت مهوى أفئدة العظماء والفاتحين
ـ حازك الاسكندر
وملكك قمبيز
وحلّ فيك بطليموس وقياصرة الرومان
ـ فخلّفوا فيك آثار الرومان ـ وأثارةً من حكم اليونان
ـ وما منهم إلا وأمهرك المهر الغالي
ـ وفتحك عمرو بن العاص فأمهرك هداية الإسلام كلها وبيان العرب كله
ـ ولعلها أثبتها أثراً
وأثمنها قيمة
وأشبهها بشمائلك من عمرو
وما هذه المخايل اللائحة على صفحاتك إلا بقايا مهورك الغالية
أنت اليوم مأرز الإسلام فكلما سيم الهوان في قطر أو رماه زنديق بنقيصه
خفّ إليك يلتمس الغوث والدفاع
ـ فلك على المسلمين فضل الحماية لدينهم وعليهم أن يطيروا خفافاً وثقالاً إلى نجدتك
ثمّ لا منّة لهم عليك ولا جميل .
لعمرك يا مصر
إنهم لم يحاربوك بالسلاح إلا ساعة من النهار
إنما حاربوك بالزمان كله
ـ حاربوك بالأستاذ الذي يفسد الفكر
وبالعلم الذي يمرض اليقين
وبالكتاب الذي يزرع الشك
ـ وبالصحيفة التي تنشر الرذيلة
ـ وبالبغي التي تدخل الفاحشة على البيوت .
فإن استطعت أن تصومي عن هذه الأسلحة كلها
وتذيبيها بأيدي أصحابها
فما أمرك إلا واحدة
ـ أن تقولي إني مسلمة .
وسوم: العدد 663