النهي عن الغلو، وعن التقصير
(مستلّ من كتاب الأمة رقم 129 "فقه التوسط..." للدكتور نوار بن الشلي)
مما يؤثر عن الإمام مالك في النهي عن الغلو: ما رواه ابن العربي بسنده إلى سفيان بن عيينة قال:
"سمعت مالك بن أنس، وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله، من أين أُحْرِم؟ قال: من ذي الحُليفة، من حيثُ أحرَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أُحرم من المسجد عند القبر، قال: لا تفعل، فإني أخشى عليك الفتنة، قال: وأي قتنة في هذا إنما هي أميال أزيدها! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إني سمعت الله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). {سورة النور: 63}.
ويؤكد ابن القيم، رحمه الله، هذه المعاني بقوله: "ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد".
وسوم: العدد 663