حديقة الموت
حديقة الموت و ما ادراك ما حديقة الموت و بطولات سطرها الصحابة على راسهم البراء بن مالك رضي الله عنهم
كانت أرض اليمامة أرضاً زراعية، بها الكثير من البساتين والحدائق والحقول، وكانت بمثابة ريف الحجاز عموماً، وكان 'لبنى حنيفة' حديقة هائلة، لها أسوار عالية، وأبواب حصينة يلجأون إليها وقت الأزمات، فلما دارت عليهم رحى المسلمين في الحرب وطعنتهم، وعضهم القتل فروا جميعاً إلى الحديقة، وهناك دارت فصول معركة أشبه بالأساطير، وأطلق على تلك الحديقة بعدها حديقة الموت، لكثرة من قتل بها من 'بنى حنيفة' .
عندما دخلت بنو حنيفة الحديقة أغلقوا على أنفسهم البواب، وحار المسلمون ماذا يفعلون ؟
وكان في جيش المسلمين رجل من طراز فريد، أشبه ما يكون بالرجل الخارق الغير عادى، وهو الصحابى الجليل مجاب الدعوة 'البراء بن مالك' وكان من الشجاعة والإقدام بمكان لا يوازيه أحد من الناس وقتها، ولا حتى 'خالد' أو 'الزبير' أو 'على'، ومن شدة شجاعته وإقدامه كان الخليفة يوصى ألا يجعلوه على قيادة الجيش حتى لا يهلكهم من شدة إقدامه، وكان 'البراء بن مالك' إذا حضرت الحرب أخذته رعدة، حتى يقعد عليه الرجال، ثم يبول وربما على نفسه، فإذا بال ثار كالبركان العاصف والأسد الهادر، فلما وصل المسلمون إلى حديقة الموت أخذته تلك الرعدة فلما بال قال للمسلمين :'يا معشر المسلمين ألقونى عليهم في الحديقة' فقالوا : 'لا نفعل' فقال : 'والله لتطرحنىعليهم' ولك يا أيها المسلم أن تتخيل هذا المشهد الفريد من نوعه : الصحابى ' البراء بن مالك' محمول على ظهر ترس على أسنة الرماح، حتى يصل إلى سور الحديقة العالى، ثم ينقض كالصاعقة المحرقة من السماء على المرتدين، وهم في الحديقة، وعددهم أكثر من ثلاثين ألفاً، وفى يديه سيفان يضرب بهما يمنة ويسرة كالإعصار، حتى فتح الباب للمسلمين .
**تلك هى البطولة الحقيقية، والأمجاد التى يجب أن نعلمها ونفخر بها، لا بطولات الوهم والخداع السينمائى التى ألهت بها آلة الإعلام الصهيونية شبابنا وبناتنا عن امجادهم الخالدة .
دخل المسلمون الحديقة، ودارت رحى حرب طاحنة داخلها، واستمات المرتدون في القتال، ولكن أنى لهم أن يقفوا أمام أسود الإسلام التى افترستهم، وأنزلت الهزيمة الساحقة عليهم . ونأتى للحظة الخالدة التى كفر فيها 'وحشى' الحبشى عن جريمته الشنعاء يوم أن قتل بحربته سيد الشهداء 'حمزة بن عبد المطلب'، وقد خرج إلى هذه المعركة وهو يضمر هذه النية، وقد تحين الفرصة لقتل 'مسيلمة الكذاب' ودخل الحديقة، ورقب موضع 'مسيلمة' حتى رآه، وهز حربته كالمعتاد، حتى رضى عنها، وقذفها كالبرق وقد كتب على نصلها دم هذا الكذاب اللعين، فوقعت في قلب 'مسيلمة' وخرجت من ظهره، وفى نفس الوقت كان الصحابى 'أبو دجانة' البطل المشهور، صاحب العصابة الحمراء قد ضرب رأس 'مسيلمة' بالسيف، فاشترك الاثنان في قتله، وبقتل 'مسيلمة' انهارت قوى 'بنى حنيفة' وانهزموا، وأخذتهم سيوف المسلمين من كل جانب، وأنزل الله بنصره على المؤمنين، وكبت المرتدين، وبعدها تابت بنو حنيفة وعادوا للإسلام مرة أخرى بعد هذه المعركة التى كانت أعنف معركة خاضها المسلمون في تاريخهم حتى سنة 11 هجرية وكانت سبباً مباشراً لجمع القرآن، لكثرة من استشهد فيها من حملة القرآن، وقد قتل من المسلمين يومها ألف رجل معظمهم من المهاجرين والأنصار، في حين قتل من المرتدين خمسة عشر ألفاً أى أن كل مسلم قتل أمامه خمسة عشر مرتداً،قال الله تعالى {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} سورة المنافقون 8 .
وسوم: العدد 664