الجولان ليست الأرض الحائرة
يحيا عالمنا العربي واقعا مريرا، وتقلبات سياسية كبيرة، واضطرابات ما بعد ثورات الربيع العربي، هذه الهموم السياسية غيرت الكثير من تصورات ورؤى بعض الدول العربية ، وأثرت في الإقليم بل وامتدت تأثيراتها إلى كافة أرجاء المعمورة، هذه الأحداث والظروف المشابهة عبر عنها الروائي أحمد حافظ في روايته " الأرض الحائرة "، أهدى الرواية إلى كل ثائر عربي، وإلى من ينتظر فجر الحرية ليجد الأمل؛ هذه الرواية التي تقع في مائتي صفحة تحدثت عن وطن محتل، أو جزء محتل من الوطن، ومعارك عسكرية؛ وإن كان الحديث في الرواية مجهول المكان والزمان، وأبطال الرواية أيضا شخصيات مجهولة، لكن المعاني العميقة والدلالات المنشودة لمثل هذه الرواية تأخذك إلى ما قاله صاحب الرواية على غلافها :" أنها استثمار في وعي الإنسان العربي، وشحذ هممه للتطلع إلى قيمته الحق، من خلال سردية تحاكي آلامنا وهمومنا وتستشرف آفاق مستقبلنا، عبر شخصيات تتكرر نماذجها في عالمنا العربي، وإن اختلفت الأسماء والأماكن وتراتبية الأحداث ".
ما جعل كاتب السطور يبدأ هذه المقدمة، هو الغطرسة والكبرياء، والمرض النفسي الذي يعيشه رئيس الوزراء الصهيوني ( بنيامين نتنياهو)، جراء ما يحدث من تقلبات سياسية وعسكرية في الدول العربية، فقرر " نتنياهو" قبل أيام أن يفعل شيئا غريبا، لدى زيارته الأخيرة لمرتفعات هضبة الجولان المحتلة، وتفقد الجنود الصهاينة هناك، واختار (نتنياهو) هو وأعضاء الحكومة (الإسرائيلية) العنصرية - بمناسبة مرور عام على تشكيلها- عقد الاجتماع الأسبوعي للحكومة في الجولان المحتل، وتعتبر هذه الجلسة الأولى من نوعها، في رسالة من (نتنياهو) إلى العالم رسالة أن الجولان ستبقى بيد (إسرائيل) إلى الأبد، كما صرح (نتنياهو) لوسائل الإعلام العبرية بتصريحات كلها كذب وافتراء على تاريخ أرض الجولان السوري الذي يمتد لآلاف السنين، قائلا " أن هضبة الجولان كانت جزءاً لا يتجزأ من أرض (إسرائيل) في العصر القديم، والدليل على ذلك هو عشرات الكُنس اليهودية العتيقة التي عثر عليها من حولها، وأنها جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل في العصر الحديث"، وفي جولات (نتنياهو) الخارجية بعث برسائل إلى الإدارة الأمريكية، وروسيا، وغيرها من الدول الأوروبية مفادها أن (إسرائيل) لن تسلم هضبة الجولان لأحد في وتعتبر هضبة الجولان خطا أحمر، وتصر على الاحتفاظ بالسيادة الصهيونية على الهضبة.
ويبدو لي أن الأزمات السياسية المتلاحقة التي تعصف بحكومة "نتنياهو" وائتلافه الحاكم الذي قد ينهار في أي لحظة، والقرارات العنصرية التي تعلنها الحكومة الصهيونية، تلقي بتأثيراتها على تفكير (بيبي) وسلوكه وتصرفاته السياسية الهوجاء، التي لا تبعث بالأمن والهدوء للعدو الصهيوني، وستظهر (نتنياهو) يعيش كذبة كبيرة يسوقها على الشعب الصهيوني
وأقول أن سطوة العدو الصهيوني لن تطول كثيرا، وما حققته دولة الكيان الصهيوني في الماضي لن يحققه اليوم، ولن يأخذ شبرا وحدا جديدا من بلادنا العربية، بل إن الجميع يدرك أن العدو الصهيوني يعيش انحسار داخل كيانه ويحيط نفسه بالجدران والحواجز والأسلاك الشائكة، وآخر حروب الكيان الصهيوني كان مع مدينة عربية صغيرة غزة المحاصرة من الجو والبر والبحر، ورغم ذلك تحدت غزة الصامدة الترسانة العسكرية (الإسرائيلية) وتصدت للحروب الأخيرة بكل قوة وصمود .
وأشدد على أن الرسالة التي يجب أن يدركها (بيبي) وحكومته العنصرية، أن أرض فلسطين المباركة، ومرتفعات هضبة الجولان السوري المحتل، ستعود بإذن الله للمسلمين العرب، ولأصحابها الحقيقيين ، وأن كافة الحقائق على أرض الواقع تشير إلى أن الكيان الصهيوني لم يحقق أي انتصار جديد على العرب في حروبه الأخيرة، وها هي غزة تقف كالعصا في حلق الكيان الصهيوني، وتبدد كل يوم أحلام " نتنياهو" في إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، اليوم موازين القوة اختلفت والمعادلات اختلفت وأصبحت غزة تمتلك الصواريخ التي تفرض سياساتها على المنطقة، وأصبحت قدرات المقاومة الفلسطينية تزداد قوة، وتزداد تطورا استعدادا للمواجهات القادمة مع الكيان الصهيوني، التي قد تكون أثر ضراوة من أي مواجهات سبقتها.
إن الكيان الصهيوني اليوم يعيش تراجعا كبيرا في كافة مناحي الحياة في الكيان، وعلى رأسها الأمن وانقلاب على القيم المجتمعية من خلال الجريمة المنظمة الداخلية، كما تتواصل انتفاضة القدس ولا يملك ( بيبي) العصا السحرية لفرض الأمن في الكيان، وهناك في كل لحظة هناك عمليات استشهادية، وعمليات طعن لجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين، دون أي سيطرة للكيان الصهيوني على أحداث هذه الانتفاضة أو معرفة موعد انتهائها.
وأخيرا يجب علينا العرب والمسلمين أن نضع حدا لهذه الأفكار المجنونة التي تخلد في أذهان الصهاينة؛ ولابد أن يعلموا أن تحرير أرض فلسطين وكافة الأراضي العربية من دنس الصهاينة قادم لا محالة، وأن الزمن لا يعود للوراء، وأن ما حققته (إسرائيل) قديما في 6 ساعات، لن تستطيع اليوم تحقيقه في أشهر أو سنين .
إلى الملتقى ،،
وسوم: العدد 665