من صحة الأذهان إلى صحة الأبدان
بادرني زميل قائلاً:إنك تكتب في تصحيح الفكر وتأصيل المفاهيم..والناس جياع ينهش الفقر أجسادهم ويئد سعادتهم..أليس هذا يا دكتور حامد من الترف الفكري وهروب من مواجهة الواقع المؤلم وإزالة أسبابه..؟ قلت:وهل الجوع والفقر والجهل إلا بسبب من سقم العقول وحماقة الأذهان..؟ من أين نبدأ..؟ أتريدني أن أكتب عن أعراض المرض..وأترك الحديث عن مصادر ومغذيات وبائه المستفحلة في كيان الأمة وسلوكياتها..؟ أليس سقم الأذهان وخرف العقول أساس اختلال سلوكيات الإنسان..؟ وهل ما تعاني المجتمعات الدولية بعامة من انتشار ظاهرة الفقر والجوع والجهل والبطالة إلا من خلل في عقل الإنسان ووجدانه..؟ألسنا بحاجة ماسة إلى عملية استشفاء لعقل الإنسان ووجدانه..؟أليس العقل السليم والوجدان المستقيم هما مصدرا السلوك الإيجابي للإنسان في ميادين الحياة..؟ أتريدني أن أتحدث عن الفقر والجوع والجهل مع استفحال ظاهرة فساد العقول والضمائر..؟ أتريدني أن أنفخ مع النافخين بقربة مُخرّقة..؟ وهل من فسدت عقولهم وتفلنت ضمائرهم يستجيبون ويلبون صرخات الجياع واستغاثة المشردين من الحفاة العراة من كل ملة وقوم..؟وهل يلقون بالاً لأنين من تحصد أرواحهم وتدمر ممتلكاتهم آلة وحشيتهم صباح مساء بل في كل حين..؟كيف لنا أن نواجه أصحاب العقول الفاسدة والضمائر الميتة..؟لا سبيل أمامنا إلا حملة إصلاحية فكرية شاملة..تُحشَدُ لها كل الفعاليات الفكرية والثقافية في العالم لبلورة فكر استراتيجي موضوعي راشد..يتولى مهمة تصحيح بنية العقول والضمائر..ويُؤصل لثقافة أنسنة قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه..وصون سلامة البيئة..ويقيم تعايش عادل آمن بين الناس والمجتمعات..وبعد أعرفت يا أخي الحبيب..لِمَ أنا منشغلٌ بمسألة تصحيحِ الفكرِ وتأصيلِ المفاهيم..؟
وسوم: العدد 671