الكرش والصوم ..

الشيخ حسن عبد الحميد

-  الكرش ظاهرة مرضية منتشرة في البلاد العربية أكثر من غيرها ، ولم تكن هذه الظاهرة موجودة في جيل الصحابة رضوان الله عليهم ، لأن الحياة عندهم لم تكن معقدة ، ولم يكن الرفاه موجودا ، بل كان الجوع حاضرا ، وكثير ماسمعنا بصحابي جليل كأبي هريرة رضي الله عنه يسقط على الأرض من الجوع .

اسمع ماتقوله أمنا عائشة رضي الله عنها يمر الشهر ثم الشهر ثم الشهر ولا يوجد في البيت نار ، يقول من سمعها ماذا كان طعامكم ؟؟ قالت رضي الله عنها : الأسودان ، التمر والماء . 

وهدي المصطفى عليه السلام ( بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) رواه الترمذي 

انفتحت الدنيا علينا وتنوعت المآكل وكثرت ، وصرنا في عصر الهامبرغر والكنتاكي فصارت الكروش تظهر ، والأرداف عند النساء تبدو ، إن كنت ستصوم وتفطر على عشر أصناف فتأكل حتى لا تستطيع القيام فأنت دابة برجلين ؟؟ 

هل سمعت برجل أكل ٢٥ محشية وهو يريد تذوق الطبخة فقط ؟؟ 

الإكثار من الطعام يكّون الكرش ؟؟

 وخاصة الفول ؟؟ 

انظر الى الشعب المصري تجد معظمه براميل متحركة ، العبء كله على القلب وضخه ؟؟ 

لذا كثرت عيادات القلب الطبية ، وكثر مستغلو الناس ، فصرنا نسمع بعملية شفط الدهون ، وهي عملية خطيرة قد تودي بصاحبها ؟؟ 

إن الأخذ بتعاليم الإسلام في الطعام والشراب كفيل أن يلغي ظاهرة الكروش ومنها :

قل سيروا في الأرض ، امشوا في مناكبها : السير المتكرر إلى صلاة الجماعة والجمعة يلغي ظاهرة الكروش ، وقديما قالوا : الحركة بركة 

ومن هدي النبي عليه السلام في صلاة العيدين : مشى ولم يركب 

الرياضة بأنواعها تخفف ظاهرة الكروش ، هل رأيت لاعب كرة له كرش ؟؟ هل رأيت عند هواة تسلق الجبال كرش ؟؟ 

قعود وراحة وطعام لذيذ وكثير لابد أن يصنع مرشا مخيفا ؟؟ 

والذي يدفع الثمن الباهظ هو القلب ، أكل لذيذ تفتن العقل البشري ، وعيون جائعة أبدا ، ومعدة لا ترتاح خلال ٢٤ ساعة من القضم والهضم ؟؟ هذا حار ، وهذا بارد ، هذا حد وهذا حلو ، وهذا مر ؟؟ 

فكيف لايتكون الكرش ؟؟ 

ان الصيام ، وصيام ست من شوال ، وصيام الاثنين والخميس ، وصيام أيام البيض ، وصيام داود تقضي على ظاهرة الكرش ، والأخذ بحث الإسلام على ركوب الخيل والسباحة ، وترك استعمال السيارة واستعمال الدراجة اضمن عدم بروز الكرش عندك 

مارس رياضة الحركات السويدية يوميا تقضي على الكرش عندك 

وقد رأيت العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة  يمارسها مع شباب صغار على يد مدرب رحمهم المولى 

كنا في مكة المكرمة  وكان معنا الصديق الحبيب عبد الغني المارعي رحمه الله وولده صهيب حفظه المولى وله كرش بارز ولي كرش صغير ، صدمني السيد صهيب بكرشه فرماني ، فانتقمت منه كرشا بكرش ووقف الشيخ حمد الصليفيح رحمه الله يتفرج على مباراة الكروش ، وكان الغالب هو صاحب الكرش الأكبر السيد صهيب حفظه الله وهو نزيل المدينة المنورة عند سيد الرسل عليه الصلاة والسلام  وله تحيتي ومحبتي . 

أخي الصائم أنصحك لكي لاتبتلى بالكرش :

- افطر على تمر أو ماء ، اترك السفرة والملعقة وأنت لم تشبع ، وقد تعوذ النبي عليه السلام من عين لا تشبع 

- قلل مااستطعت من الطعام ، واستفد من الصيام ، وارح هذا العضو 

- احرص على صلاة التراويح ولتكن عشرون ، وان استطعت أن تصلي ركعات آخر الليل فافعل .

 المولى سبحانه وتعالى خاطب نبيه عليه الصلاة والسلام ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) 

- وصف المولى سبحانه وتعالى عباده بأنهم ( يبيتون لربهم سجدا وقياما ) 

- لاتنس القاعدة : تعشى واتمشى فلا تنتقل من المائدة إلى الفراش ، ارحم هذا العضو الصغير القلب وهو يدق منذ ولدت إلى اليوم ولا يقف إلا إذا جاءه الايعاز من مولاه ، قف فيقف ، وتكون قد صرت من سكان القبور ،

- فارحم نفسك ، واعمل صالحا ، واطعم مسكينا ، وامسح على رأس يتيم يلن قلبك ، وتدرك ثمرة دعائك 

- هدف الصيام ( لعلكم تتقون ) فأكثر من الحسنات لا اللقيمات ، وركعتا الفجر خير من الدنيا ومافيها 

- امش وامش وامش ، سابق صديقك بالجري ، الرسول عليه الصلاة والسلام سابق عائشة رضي الله عنها مرتين ، مرة سبقها ومرة سبقته عليه الصلاة والسلام 

- اترك السيارة واذهب ماشيا للمسجد

- مارس صعود المرتفعات 

- قلل من الدهون والحلوى 

- وارحم هذا القلب ، واذكر القبر وظلماته .

وتذكر أن رمضان شهر الانتصارات في بدر وغيرها ، فلنرِ الله من أنفسنا خيرا لتدركنا معية الله في جهادنا لتحرير بلادنا ونهضة أمتنا 

وتذكر أن من كانت الدنيا همّه لن يبنيّ مستقبل أمة ، ومن لم يستيقظ لصلاة الفجر لن يستيقظ لانقاذ الأمة 

ومن لم يتصدق بالقليل ، لن يضحي بالنفس والروح ، فرمضان شهر النصر والعزة ، وليس شهر مسلسلات باب الحارة الهابطة المشوهة للتاريخ ، ولا الدورات الرياضية ، ولا الخيم الرمضانية ، رمضان شهرالقرآن ، رمضان شهر نصر المؤمنين 

تقبل الله صيامكم وقيامكم 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 672