حروب الشطرنج 10
المكايدة والماكرة من سنن الصراع في الحياة لقوله تعالى:"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"ولقوله صلى الله عليه وسلم:"الحرب خدعة"بشرط ألا تكون نقضاً لعهد أو أمان..هذا بشكل عام ولكن هناك تساؤلات..هل يصح أن يمكر مسلمٌ بمسلم..؟أو يمكر مسلمٌ بمُسلميِّن خصمين سياسيين يحرض بينهما ليقتتلا لصالح مذهبه السياسي..؟وهل يصح لمسلم أن يمكر فيوقع حرباً بين مسلم وغير مسلم ليقتتلا لصالح غاياته السياسية والأمنية..؟القاعدة النبوية تقرر لنا شمولية حرمة المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم:"المسلم أخو المسلم،لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره،التقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم،كل المسلم على المسلم حرام:دمه وماله وعرضه"إلا أن هناك استثناءات يجوز معها انتهاك هذه الحرمات منها..إقامة الحدود الشرعية..ومقاتلة الباغي المحارب..ومقاتلة المرتد المفارق للجماعة الخارج على الإمام والمقاتل له..علماً أن هذه الاستثناءات لها أشراطها وضوابطها الدقيقة..مما يقيد تطبيقها باليقين القاطع لوقوعها وممارستها..مع وجوب تأويل الشبهة والظن لصالح قدسية حياة المسلم وكرامته وحرمته..ومسألة لا بد أن تراعى فيما يتعلق بمسألة الباغي..من حيث هل هو بغي سياسي وفكري مع الموالاة وعدم الخروج على الإمام ومقاتلته..؟أم هو بغي تمردي عدواني يعلن أهله الخروج على الإمام ومحاربته..؟أحسب أن الحالة الأولى المتمثلة بالبغي السياسي مع المولاة والسمع والطاعة ففيها سعة ومرونة..ينبغي أن تعالج بالمحاجة والمناصحة والصبر والمصابرة..أما البغي السياسي المشفوع بالعداوة والخروج وحشد الأنصار لمقاتلة الإمام..فهو بكل تأكيد بغي مبررٌ شرعاً مقاتلة ومماكرة ومكايدة أهله حتى يُقهروا ويُذعنوا ويفيئوا لأمر الله..وحتى يُعطوا السمع والطاعة لإمام الأمة..ويبذلوا من أنفسهم ما يصدِّق أوبتهم وولاءهم لكل ما يصون سيادة الأمة وأمنها واستقرارها لقوله تعالي:"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ"ولقوله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ"وبعد..فأحسب ما تقدم من بيان لهو كافٍ لِيَخرُجَ الحيارى من ترددهم وليتخذوا موقفٍاً جاداً وفاعلاً..حيال ما يواجه الأمة من فتن وما يهدد وجودها وأمنها وسيادتها من مكائد..ها هي ترسل شواظ نيرانها من كل مكان..والله المستعان وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
وسوم: العدد 677