أيهما أشد إرهاباً.. النظام السوري أم داعش؟
مع تتابع صور التعذيب المسربة
أيهما أشد إرهاباً..
النظام السوري أم داعش؟
م. عبد الله زيزان
باحث في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
ازدواجية المجتمع الدولي
انتفض المجتمع الدولي مذعوراً للفيديوهات التي أنتجها تنظيم البغدادي لضحاياه الذين قضوا ذبحاً أو حرقاً، حتى قبل التأكد من صحة هذه الفيديوهات رغم الأحاديث الكثيرة عن فبركة العديد منها، وإخراجها بطريقة سنيمائية احترافية لا تخلو من الكثير من الخداع والتضخيم، إلا أنّها كانت كافية لتحريك الدول العظمى واستثارة عواطف الشعوب الغربية للبدء بالحرب ضد ذلك التنظيم، وتوجيه الضربات له ولعدة تجمعات عسكرية ثورية في سورية تحت حجة محاربة الإرهاب...
وهنا لسنا بصدد تحليل مدى بشاعة الأفعال التي يقوم بها ذلك التنظيم ومدى انفصالها عن تعاليم الإسلام، فقد تحدث في ذلك الكثيرون، لكن التركيز فقط على المقارنة ما بين ردود الأفعال الدولية حول ما ينشره ذلك التنظيم من فظاعات ومدى التفاعل العالمي معها، إدانة واستنكاراً، وبين ما يُنشر من فظاعات النظام السوري المتمثلة أخيراً بالصور المسربة لضحايا التعذيب، التي تفوق الخيال، وتجعل من عمليات الذبح والحرق الداعشية مجرد أفعال بسيطة بالمقارنة ببشاعة الموت تعذيباً وجوعاً على يد عصابات النظام...
إنّ ازدواجية المجتمع الدولي في التعامل مع الأحداث، وكيله بمكاييل متعددة في أحداث تقع على بقعة واحدة من العالم، يفقد هذا المجتمع إنسانيته التي يدعيها، ويفقده مصداقيته التي يبنيها، ويجبر الشعوب للميل لأي جهة ترى فيها الصدق في إنقاذه من محنته بغض النظر عن خلفيتها المتطرفة، وهذا تماماً ما يغذي التشدد في بعض المناطق، ويقويه على حساب الجماعات الأكثر اعتدالاً...
السوريون ليسوا أرقاماً
لقد أثارت الصور المسربة لضحايا النظام، وقد أُلصقت على جبين كل جثة رقماً يدل على الضحية حفيظة كل ذي قلب أو إنسانية، فقد تحول السوريون إلى مجرد أرقام تتداولها وسائل الإعلام، وفي آخر نشراتها أحياناً، إن كان هناك من متسع لنشر حتى هذه الأرقام، وهو ما دعا مجموعة من النشطاء لإنشاء وسم خاص تحت اسم #السوريون_ليسوا_أرقاما، علهم بذلك يُسمعون صوتهم للعالم، ليتحرك ضد عصابة الأسد، كما تحرك سابقاً ضد عصابة البغدادي...
إلا أنّ واقع الدول الغربية لا يبشر بخير كثير، حيث تمكن الغرب من استخدام فظاعات تنظيم البغدادي، التي وثقها التنظيم بنفسه، لحرف مسار الثورة، وتحويل الأنظار من ثورة شعبية ضد الظلم والطغيان، إلى مجرد حرب على المجموعات الإرهابية، وياليتهم يصدقون في ذلك، فمجموع الغارات التي شنها التحالف ضد تنظيم البغدادي منذ بداية العمليات ضدهم، لا يعادل أسبوعاً واحداً من الغارات أيام الحرب على الرئيس صدام حسين في تسعينيات القرن الماضي، أو إبان احتلال أمريكا للعراق، مما يشير إلى عدم الجدية في حسم هذا الملف...
غاز الكلور عمل إرهابي؟
إنّ تعامل المجتمع الدولي الناعم مع جرائم النظام السوري، دفعه للعمل بوقاحة وجرأة تزداد يوماً بعد الآخر، فبعد أن ارتاح العالم لتدمير الأسلحة الكيماوية للنظام، التي كانت تشكل خطراً على "إسرائيل" حال خروجها عن السيطرة، عاد النظام لاستخدام الكلور كسلاح كيماوي قاتل، لكن هذه المرة دون أي اعتراض من "العالم الحر" المنشغل أساساً بحربه على إرهاب داعش وأخواتها...
فما إن تمكن الثوار من تحرير مدينة إدلب، حتى بدأ النظام بقصف تلك المدينة بالبراميل المتفجرة التي تحوي غاز الكلور السام، وهو ما أدى لسقوط عشرات الضحايا، منهم 35 فرداً يشكلون 9 أسر من آل رمضان أبيدت بالكامل أمس الاثنين 30 من آذار الحالي، دون أي ضجة إعلامية، أو حتى قلق أممي...
والقصف بالكلور، ليس إلا حلقة جديدة من حلقات الإرهاب الأسدي، فهي بالإضافة للصور المسربة من السجون، تظهر وحشية تفوق الخيال وتتجاوز إرهاب تنظيم البغدادي بأشواط عديدة، فالضحايا بالآلاف، منهم الأطفال والنساء والمسنون، والفيديوهات توثق الأطفال وهم يحاولون التنفس بصعوبة بالغة لاستنشاقهم غاز الكلور، دون أن يحرك ذلك الضمير العالمي..
ورغم كل المآسي في سورية، ورغم إعطاء العالم ظهره لهذا الشعب المسكين إلا أنّ الأمل كبير، فتحرير إدلب أعطى دفعة معنوية كبيرة، كما أن تشكل التحالف العربي لمواجهة التمدد الفارسي يعطي أملاً جديداً، فلعل هبة من عاصفة الحزم تهب على سورية، فتطيح برأس الأفعى في دمشق وتخلص العرب من شر قد اقترب...