الثورة الجزائرية من خلال اليوميات
مازلت الآن بصدد قراءة كتاب..
Edouard LAPENE , " VINGT – SIX MOIS A BOUGIE " , EDITIONS TALATIKIT, Bejaia , ALGERIE, 2014 , 237 Pages
ومنذ 4 أشهر، أنهيت قراءة الكتب التاريخية الفرنسية التالية، بالإضافة إلى كتب أخرى في نفس السياق لا يحضرني الآن إسمها، وهي..
ARNOLD VAN GENEEP, « EN Algérie » Paris, 220 pages، 1911 – 1912،
EUGENE PLANTET " LES CONSULS DE FRANCE A ALGER , AVANT LA CONQUETE 1579-1830 " , ALEM EL AFKAR , ALGERIE, 88 pages.
وما يريد القارئ المتتبع أن يشير إليه من وما خلال هذه المقال، أن هؤلاء الفرنسيين عاشوا في الجزائر أياما معدودات..
الأول عاش عامين وشهرين. والثاني عاش 5 أشهر. والثالث حضر إحتفالات مرور مائة عام على إستدمار الجزائر. ورغم ذلك كتبوا عن تلك الأيام المعدودات التي قضوها في الجزائر.
وليس هذا مقام التحدث عن محتوى كتبهم التي تمجد الاستدمار الفرنسي، ويدعون إلى الاستدمار المطلق للجزائر، فقد تطرق صاحب الأسطر للكتابين الثاني والثالث عبر 3 مقالات بعنوان ..
" الجزائر.. كما يصفها فرنسي سنة 1911 " و " قناصل فرنسا بالجزائر .. غزو واستدمار" و " قناصل فرنسا بالجزائر .. أسرى فرنسيين، وهدايا فرنسية، وحملات صليبية"، وهو الآن بصدد قراءة الكتاب الأول.
هؤلاء الفرنسيين وغيرهم أصبحوا مراجع في كتابة التاريخ الجزائري، ولا يمكن الاستغناء عنهم حين التطرق لتلك المراحل المختلف من تاريخ الجزائر، الذين عاشوه لأيام ودونوه حتى أصبحوا مراجع، بغض النظر عن محتوى أيامهم التي دونوها.
إن الذي يتكاسل عن الكتابة عن أيامه وتدوين الأحداث التي تحيط به في حينها، لايحق له بحال أن يطالب المستدمر المغتصب أن يكون رفيقا بتاريخه، وأمينا بإرثه، ومخلصا لزعمائه، وراعيا لعرضه وأرضه.
وللتدليل على خطورة عدم تدوين الأيام والرحلات، يكفي أن صاحب الأسطر يير إلى أنه خلال شهر رمضان لهذا العام 1437هـ، أنهى قراءة كتاب " رحلتي إلى الأقطار الإسلامية "، لسيّدنا إمام البيان محمد البشير الإبراهيمي، رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه. يتحدث فيه وباختصار شديد لا يفي بالغرض، عن رحلة الإمام سنة 1371هـ - 1952، إلى..
القاهرة، وكراتشي، والبصرة، وبغداد، والموصل، وسرنسق بالعراق، وأربيل والمدن الشيعية، والمملكة العربية السعودية، وبيروت، وباكستان.
وجاء في الكتاب أن الإمام لم يكتب رحلاته رغم أنها كثيرة عديدة، وكان في كل مرة يؤجل كتابتها إلى أن لقي ربه دون أن يدونها. ويبقى القارئ المتتبع يتساءل..
لماذا سيّدنا البشير الإبراهيمي لم يكتب رحلاته، وهو آيت من آيات الله في الأدب واللغة وحسن البيان.
ولست على إستعداد أن أجد لسيّدي الإبراهيمي أيّ عذر من الأعذار لعدم كتابة رحلاته. وما كان له أن يمتنع عن كتابتها ويحرم الجزائر والأمة من سحر بيانه، وروعة حبره. وهذا العتاب أوجهه أيضا لكل..
علماء الجزائر، وفقهائها، وأساتذتها، وأئمتها، ومؤرخيها، وسفرائها، ودبلوماسييها، وساستها، وقادتها، وكتابها، وشعرائها، وفنانيها، الذين لم يدونوا رحلاتهم وحرموا الجزائر والأمة الإسلامية من وثيقة تاريخية ترسم الزمان، وتصف المكان ، وتكشف عن معادن الأشخاص والإنسان.
حب القارىء المتتبع لإمام البيان محمد البشير الإبراهيمي – كعينة ومثال - ومتابعة ما خط وكتب، لا يمنعه أبدا من توجيه اللوم له لعدم تدوين رحلاته، وهو الذي أوتي أسرار لغة الضاد.
المطلوب إذن من كل واحد قادر على الكتابة أن يدوّن أيامه بالقدر الذي تسمح به ظروفه، لأنها ستكون بعد مرور الأيام مرجعا للأبناء والأحفاد في معرفة تفاصيل الشخص، والمكان، والحادثة، والتواريخ، والأرقام، والعلاقات. وتلك عملية لا تحتاج لكثير من الجهد، وإن كانت تتطلب مثابرة ومداومة. وليس عيبا أن يستعين المرء الذي لايحسن الكتابة بمن يحسن الكتابة وحسن التعبير في سبيل تدوين أيامه التي تعتبر نافذة للوقوف على فترة من الزمن الحاضر، والتي ستتحول إلى ماضي يدرس ويعود إليه الأبناء وأهل الإختصاص، كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وسوم: العدد 683