يوم يئس هو يوم أكملت
نعلم أن الله تعالى خلق من كل شيءٍ زوجين اثنين ، فجعل الليل و النهار ، و الأنثى و الذكر ، و المؤمن و الكافر ، و الموجب و السالب . قال تعالى :( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [2] .
ثم إن من أعظم المخلوقات على الله تعالى هذا الإنسان ، الذي جعله خليفةً في الأرض ، و أسجد له ملائكته ، و كرّمه على كثير من مخلوقاته بالعقل ، حتى يستضيء به لقراءة الوحي الإلهي .
الإنسان هذا الذي كرّمه الله تعالى ، ذاته انطوت على سريرة ازدواجيةٍ صعبة التوفيق ، إما أن ينجوَ بزاويةٍ منها أو يهلك دونها قال تعالى :(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )[4] .
والإنسانية بهذه الفطرة الإلهية متقلبة بين وِجهتين لا ثالث لهما ، إما الأغلبية للخير المتخلل لبعض الشر ، و إما الأغلبية للشر المتخلل لبعض الخير ، فلا تخلوا حالة من الأخرى ، يبني عليها أهل كل وِجهةٍ مبناهم و يتخذها أساساً يهتبل بها فرصة التشييد .
فكلما زاد الشرّ انتفاخاً واتساعاً ، فأعلم أن الخير في تراجع و اضمحلال ، و كلما انتصر الخير و علا صوته و بزغ نجمه ، فإن الشرّ يخبو و يتضاءل جسمه و يخفت صوته .
إن الصراع بين الخير و الشرّ قديم قِدم العالم البشري ، و بينهما جولات في "أولمبياد" العالم ، و ذلك في شتى التخصصات إما الفكرية، أو الحربية ، أو الاقتصادية ، أو رياضية حتى ، و كل هذه التخصصات عندنا معاشر المسلمين دين ، و الدين الذي ارتضاه لنا المولى جل جلاله ، هو الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)[6] .
إن الأعياد في هذه الدنيا تعددت و اختلفت ، فمنها الجائز ، و منها غير الجائز ، و منها المباح ، و منها الشخصي ، و منها الأسري و منها الوطني ، و منها الديني ، و هذه الآية ، و الله أعلم ، تعلن عن عيد عالمي كوني ، و هو اكتمال الدين و علوه على الكفر و الطغيان البشري ، و دوران الزمان و رجوعه إلى أصل الخلقة الأولى ، التي بدأ الخير فيها عزيزاً مكرماً يعلو على الشرّ مهيمناً عليه ، لأن الآية هذه سبقت بآية مبينة لسنة الصراع الدائر بين الشرّ و الخير ، و هي قوله تعالى( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ)
الذاريات 49[2]
البلد 10 .[4]
آل عمران 19 .[6]
المائدة 3 .[7]
وسوم: العدد 685