حروب الشطرنج – 7
سألني زميل في إحدى المؤتمرات قائلاً:يا دكتور إنك تقدم لنا قراءات نصوص قرآنية ونبوية بطريقة تؤكد أن الآخر مع الإسلام سمن وعسل..وغيرك يقدم قراءات لنفس النصوص تؤكد أن الآخر ليس له مع الإسلام إلا الاعتقاد به أو السيف..أو الجزية فأين الحقيقة ..؟ من نصدق ..؟وما هي معايير اعتماد قراءة نص ما لدى المسلمين ..؟أفيدونا رحمكم الله فإن الأجيال في حَيْرةٍ من أمرها..!قلت:بكل تأكيد هذا تحدي كبير يواجه مسيرة الأمة منذ العهود الأولى..وقد انشغلت بهذا الأمر منذ ما يزيد عن أربعين عاماً ولا أزال..وطرحت على نفسي أسئلة كثيرة مما يلتقي مع تساؤلاتك وأخرى..والجواب الذي ارتحت إلى حدٍ ما إليه مؤسسٌ على ما يلي:النص من حيث دلالته نوعان:قطعي وظني وفي الحالتين وجدت أن الاختلاف بين المسلمين قائم..فهم مختلفون حول قطعي الدلالة من حيث التزامه..ومختلفون حول ظني الدلالة فهماً والتزاماً..فهم على اختلاف في كل حال..ولخطورة هذه الحالة يأتي تساؤل الأجيال:أي الفهوم نعتمد..؟وبعد تأمل وبحث طويل ومرير لم أجد جواباً مقنعاً إلا في قول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم"فالاستجابة لكل أمر يعين على إقامة الحياة"لِمَا يُحْيِيكُم"هو المعيار الصحيح للموقف الراشد في التزام نوع فهم النصوص وأنماط ممارساتها..وتأسيساً على ذلك أطلقت عبارة(الحياة في سبيل الله أسمى أمانينا)باعتبار أن الذي لا يحيى في سبيل الله..لا يمكن أن يموت في سبيل الله..ولكن ما هي المبادئ والقيم التي تحقق إقامة الحياة في الإسلام..؟بكل تأكيد على رأسها إجلال قدسية حياة الإنسان وكرامته..وتعظيم شأن حريته وأمنه وممتلكاته..وإقامة العدل والأمن والاستقرار والسلام في المجتمعات..والتأكيد أن الآخر على تنوع انتماءاته..هو أخ في الإنسانية وشريك في مهمة عمارة الأرض..وأن أصل العلاقة بين الناس الحب والمودة والقسط والسلام..ولعل سائل يقول:وماذا عن الموقف عندما تهدر وتنتهك هذه القيم من الآخر..؟الجواب واضح وصريح ومؤكد في قوله تعالى:"فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ"فاعتداء باعتداء ولا زيادة لقوله تعالى:"فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ"طبعاً الأمر يحتاج إلى مزيد من البيان والتفصيل لا تتسع له مساحة هذه الرسالة..فمن شاء فليعد إلى كتابي(شركاء لا أوصياء) وهو على الإنترنت ومتاح مجاناً لمن يطلبه..والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
وسوم: العدد 687