في المزرعة التّراثيّة الأمريكيّة

يوم ٢٢ أكتوبر ذهبنا لزيارة مزرعة "فولكنج التراثيّة في بلدة "شامبيرج" إحدى ضواحي مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي الأمريكيّة، ولهذه المزرعة التي كانت مزرعة لتربية الأبقار، ومساحتها مئات الدّونمات تاريخ عريق، فقد تأسّست عام ١٨٤٠،وبقيت حتّى أغلقها أصحابها في بدايات خمسينات القرن العشرين. في بداية سبعينات القرن نفسه اشترتها بلديّة "شامبيرج" لتكون مفتوحة للزّائرين، كشاهد على مرحلة تاريخيّة من حياة الشّعب الأمريكيّ، وقد أعادت البلديّة بناء البيوت و"البراكسات" كما كانت، بما في ذلك بيت مؤسّس المزرعة الذي بني عام ١٨٥٢،  ووضعت فيه نفس الأثاث والأواني التي كانت مستعملة في حينه، كما بنت مرحاضا خارج البيت، على نفس النّمط القديم، وحوله "معرش عنب" وحوض سلق. والذي يشاهد أثاث هذا البيت سيجد أنّه لا يختلف عن أثاث الأسر الميسورة في بلادنا في بدايات خمسينات القرن العشرين، وهذا يعني أنّنا نعيش بفارق زمنيّ وحضاريّ بيننا وبينهم يزيد على المائة عام.

المزرعة مقسّمة إلى حظائر للحيوانات المختلفة، ترتبط بطرقات للمشاة، فهناك حظائر للخيول، الأبقار، الخنازير، أمّا الدّجاج فهو ينتشر طليقا، يرعى الأعشاب ويعود إلى أكواخ مخصّصة له متى أراد.

في المزرعة نماذج للأدوات الزّراعية التي كانت مستعملة في منتصف القرن التّاسع عشر، فهناك المحراث البلديّ الذي تجرّه بقرتان، وهناك محراث له أربع سكك، بجانبيه عجلان حديديان، يتوسّطهما مقعد للحرّاث، وهذا المحراث تجرّه الخيول، وتوجد بعض الأدوات التقليديّة مثل "الشّاعوب، المذراة، الكريك".

وهناك أكواخ تستعمل كمخازن للحبوب وللأعلاف.

في طرف المزرعة هناك جدول ماء عرضه حوالي خمسة أمتار، وهذا كان ضروريّا للمزرعة لسقاية الحيوانات، في حين أنّ مياه الشّرب تسحب بمضّخة من بئر أمام البيت، ويلاحظ أنّ الطّرقات في المزرعة تحفّ بها أشجار الغابات الأمريكيّة، والحفاظ على أشجار الغابات يبدو أنّه تراث أمريكيّ لتجميل البلد.

زرنا المزرعة أنا وزوجتي وابني قيس، وحفيدتي"لينا" لنّوش التي كانت نجمة الزّوار بلا مبالغة، فقد كانت تدرج في الطّرقات كطائر الشّنّار، تضحك وتردّ الابتسامات لمن يبتسمون لها، لم تتردّد في الامساك بأذن الحصان الذي وقف والدها بجانبه، حاولت الامساك بعدد من الدّجاجات.

عندما تعبتُ وجلست على الأعشاب الخضراء لأستريح، لم تتركني لنّوش، فكانت تعود لي، تجلس بحضني، تتكلّم معي وكأنّها تدعوني لمواصلة المسير.

وسوم: العدد 691