قلب الإنسان بين العلم والدين

clip_image002_fb5a9.jpg

حقائق  و أسرار   .   و سبق الإعجاز في الحديث الشريف والسنة النبوية                             

الحمد لله حمدا كثيرا يوافي نعمه ، ويكافئ مزيده ، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وأصلي وأسلم على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين . لقد قدمت ثلاث محاضرات حول القلب  ، محاضرتين  في منتدى المرحوم  د. محمد العامودي . الأولى عن القلب والعقل ، والثانية عن أنواع القلوب في القرآن الكريم . المحاضرةُ والثالثة عن (قلب الإنسان بين العلم والدين ) وسبق الإعجاز القرآني للطب والعلم الحديث بأربعة عشر قرنا وقد أُلقيت في منتدى الشاعر : خالد النعمان ، وهذه المحاضرة الرابعة : عن قلب الإنسان بين العلم والدين وسبق الإعجاز النبوي في السنة الشريفة للطب والعلم الحديث بأربعة عشر قرنا أيضا . وهي موثقةٌ بآخر الحقائق التي توصلتْ إليها مراكز أبحاث رياضيات القلب في أمريكا ، ومزودةٌ بالصور والمراجع من مواقع الإعجاز في القرآن الكريم  والسنة النبوية الشريفة ، ومبينةٌ السبقَ القرآنيَ والسنةَ النبويةَ الشريفة لهذه الحقائقِ من قبلِ أربعةَ عشرَ قرناً مضى من الزمن .

(( الإعجاز في السنة النبوية))  :

لقد سبقَ النبيُّ الأعظمُ عليه الصلاة والسلام علماءَ الغربِ إلى الحديثِ عن دورِ القلب وأهميتِهِ في صلاحِ النفس ، بل إنَّهُ جعلَ للقلبِ دوراً مركزياً فإذا صَلُحَ هذا القلبُ فإن جميعَ أجهزةِ الجسدِ ستصلح ، وإذا فسَدَ فسوفَ تفسدُ جميعُ أنظمةِ الجسم ، وهذا ما نراه اليوم وبخاصة في عمليات القلب الصناعيّ ، حيث نرى بأنَّ جميعَ أنظمةِ الجسم تضطربُ ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (ألا إن في الجسد مضغة إذا صَلُحتْ صَلُحَ الجسدُ كلهُ وإذا فسدتْ فسدَ الجسدُ كلهُ ألا وهي القلب) [متفق عليه].           ( أفضل علاج للقلب ) :

يؤكدُ جميعُ العلماء على أن السببَ الأولَ للوفاة هو اضطرابُ نظام عمل القلب ، وأنَّ أفضل  طريقةٍ للعلاجِ هو العملُ على استقرارِ هذه القلوب ، وقد ثَبتَ أنَّ بعضَ التردداتِ الصوتية تؤثرُ في عمل القلب وتساعدُ على استقرارهِ ، وهل هناك أفضل من صوت القرآن ؟ ولذلك قال تعالى : (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) .  [الرعد: 28]. وقد وُجِدَ بالتجربةِ أنَّ تلاوةَ هذه الآية سبع مرات صباحاً ومساءً تؤدي إلى استقرارٍ كبيرٍ في عمل القلب ، والله أعلم .           ( تأثير الاستماع لصوت القرآن على القلب ) :

الحكمةُ ضالةُ المؤمن أينما وجَدها أخذَ بها ، والقرآنُ فيه شفاءٌ للمؤمن وخسارةٌ للكافر، يقول تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [الإسراء: 82]. وربما يعترضُ بعضُ الملحدين إذا قلنا له إنَّ صوتَ القرآن يؤثرُ على القلب ويجعلُه مستقراً وهذا ما عبّرَ عنه القرآن بقوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : 28] .  ولكنَّ الاكتشافَ الجديدَ أنَّ أطباءَ من فنلندا عرضوا ستين مريضاً يعانون من نوبة قلبية إلى صوت الموسيقى وَوُجِدَ أنَّ للموسيقى أثرٌ في شفاءِ القلب وزيادةُ مقاومتِه للمرض، ويقول الباحث Teppo Sarkamo من جامعة هلسنكي : الموسيقى يمكنُ أن تكونَ مهمةً جداً لمرضى القلب والذين يعانون من نوباتٍ قلبيةٍ وهي مادةٌ رخيصةٌ لا تكلف شيئاً . لقد وجدوا أن النوباتِ القلبيةِ التي يتعرضُ لها المريض تؤثرُ سلبياً على إدراكهِ وذاكرتهِ ، ولكن بعدَ أن تمَّ وضعُ كلِّ مريضٍ في الجوِّ الموسيقي الذي يرغب به أو الذي يرتاح لسماعهِ حدثَ تحسنٌ ملموسٌ في مستوى الذاكرةِ ، واستقرارٌ في أداء القلب . ويؤكدُ الباحثون : أن هذا البحثَ وللمرةِ الأولى يُظْهِرُ تأثيرَ الاستماعِ إلى الأصواتِ المرغوبةِ مِن قبل المريض وأثرُ هذه التردداتِ الصوتية على قلبهِ وبخاصةٍ بعد تعرضهِ للنوبةِ القلبيةِ مباشرة ، حتى أنَّ بعض هؤلاء الباحثين بدأ ينظرُ إلى أهمية الصوت في علاجِ المشاكل النفسيةِ العصبيةِ مثلُ مشاكلِ النطق التي عجزَ الطبُ عن علاجِها . وقالوا : إنَّ بعضَ التردداتِ الصوتيةِ تؤثر على مناطقَ معينةٍ من الدماغِ فتنشِّطُ الخلايا وتجعلُها أكثرَ قدرةٍ على العملِ بكفاءة وتَرْفعُ من قدرةِ نظامِ المناعة لدى المريض . ويتساءلُ الباحثون : هؤلاء عن سرِ تأثيرِ التردداتِ الصوتية على خلايا القلب والدماغ ، ولتاريخه لم يحصلوا على الجواب .

clip_image003_010af.jpg

قلبُ الإنسانِ هو ذلك الجزءُ الصغيرُ والذي حيَّرَ العلماءَ ولازال يحيرُهم . ففي كلِّ يومٍ تَكْتَشِفُ لنا الأبحاثُ الطبيةُ شيئاً جديداً عن القلب وأمراضهِ وعلاجهِ وتأثيرهِ الحاسم على حياة الإنسان . وكما نعلمُ إذا كانَ قلبُ الإنسان بخيرٍ فلا بدَّ أنَّ بقيةَ أعضاءِ جسدهِ ستكونُ بخير ، أما إذا اختلَّ توازنُ هذه العضلةِ فإنَّ ذلك سيؤثرُ على الجسمِ كلِّهِ . ويعتبرُ القلبُ مضغةَ دمٍ من الدرجة الأولى يَضُخُّ كلَّ يومٍ ثمانيةَ آلافِ ليتر من الدم !! و يقومُ بأكثرَ من ألفي مليون ضربة !!! هذا الجزءُ المهمُ من جسد الإنسان يُعدُّ بمثابةِ المحركِ للدورة الدموية ، ونحنُ نعلمُ بأنَّ الدمَ يقومُ بحملِ الغذاءِ والأوكسجين لجميع أنحاءِ الجسم ويعودُ بالفضلاتِ والسمومِ ليطرحَها .  وهذا يعني أنَّ تَعَطُلَ القلبِ وحركتهِ أو حدوثَ أيِّ خللٍ فيه سيؤدي ذلك إلى خللٍ في الدورةِ الدموية وبالتالي خللٍ في نظامِ غذاءِ أجهزةِ الجسم وبالنتيجةِ سوف يمتدُّ الخللُ لكافة أعضاء الجسد . إذنْ صلاحُ هذه المضغةِ وهي القلبُ يعني صلاحُ الجسدِ كلِّه ، وفسادُها يعني فسادُ الجسدِ كلِّه . هذه الحقيقةُ العلميةُ اليقينيةُ تَحَدَّثَ عنها البيانُ النبويُّ قبلَ أربعةَ عشرَ قرناً ! . ولنعدْ ولنتذكرْ حديثَ الرسولِ الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام : (ألا وإنَّ في الجسدِ مضغةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسدُ كلُّهُ ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجسدُ كلُّه ألا وهي القلب) . [رواه البخاري في ( كتاب الإيمان ح 52 ) ورواه مسلم] هذا الحديثُ موافقُ للحقائقِ الطبيةِ الحديثة والتي تُقرِّرُ الأهميةَ الفائقةَ للقلبِ وصحتهِ وسلامتهِ وتأثيرِ ذلك على جسدِ الإنسان وصحتهِ بشكلٍ كامل . إنَّ مرضَ تضيقِ الشرايينِ والذبحةِ الصدرية يُعتَبُرُ سبباً أساسياً في وفاة كثير من البشر ، حتى إننا نجدُ علومَ التغذية والطبِ الحديث والطبِ الوقائي جميعُها يُرَكِّزُ اهتمامَهُ على أهميةِ العنايةِ بالقلب من خلالِ عدمِ تناولِ الشحومِ والدسمِ والتأكيد على الأغذية  الخفيفة مثل الفواكه والخضار .

clip_image005_e01da.jpg  

ومن عجائبِ هذه المضغةِ القلبيةِ أنَّها تَرْبُط شبكةً من الأوعيةِ ، إذا وُصِلَتْ مع بعضِها لبلغَ طولُها (150) كيلو متراً  !!!  وتأملْ قبضةَ الإعجاز الإلهي : عضلةٌ لا يتجاوزُ حجمُها قبضةَ اليد ووزنُها ثلثُ كيلو غرام تقومُ بضخِّ الدم والوقودِ والغذاءِ إلى جميعِ أجهزةِ الجسم عَبْرَ شبكةً من الأوعيةِ الدمويةِ يتجاوزُ طولُها 150 كيلو متراً ، وطيلةَ حياةِ الإنسان ، فتباركَ القائل : (صنع الله الذي أتقن كل شيء) [النمل: 88] . وإنَّ تأثيرَ القرآنِ على الإنسانِ أكبرُ بكثيرٍ من تأثيرِ الموسيقى ،  فإذا كانَ علماءُ الغربِ اليومَ يتحدثون عن تأثيرٍ للموسيقى على الأمراضِ ،  فإنَّهم لو جرَّبوا القرآنَ لكانت النتائجُ مُبْهِرةً ! وإنَّ الله تعالى قد فطرَ كلَّ خليةٍ من خلايا دماغِنا على صوتِ القرآنِ فإذا ما استمعنا إلى القرآنِ شعرنا بالحنينِ وكأن أحدُنا طفلاً يحنُّ إلى صوتِ أمِّه ! حتى إنَّ بعضَ العلماء توصلَ إلى نتيجةٍ ثانيةٍ وهي أنَّ دماغَ الإنسانِ يحوي خلايا خاصةً لتخزينِ المعلوماتِ القرآنية !! وربما يَعْجَبُ أحدُنا من هذا الكلام ويقولُ أينَ المستندِ العلميِّ لذلك ؟ وأقول: للأسف لقد قصَّرنا كثيراً بحقِّ القرآنِ ونحن نَدَّعي أننا نُحِبُّ القرآنَ ! أليسَ غريباً أنَّ الغربَ يُنْتِجُ كلَّ يومٍ أكثرَ من ألفِ بحثِ علمي ،  ونحنُ طيلةَ سنواتٍ لم نُنْتِجُ بحثاً قرآنياً واحداً نتباهى به أمامَ الغرب  ؟ !

clip_image007_cd1ff.gif

وهذه خليةٌ عصبيةٌ من خلايا القلبِ ، يؤكدُ بعضُ الباحثين من معهدِ رياضياتِ القلب أنَّ لهذهِ الخلايا التي يبلغُ عددُها أربعينَ ألفاً تأثيراً قوياً على خلايا الدماغ ، وأنَّ للقلب دوراً مهماً في الإدراكِ والذاكرةِ وتخزينِ المعلوماتِ ،  والقلبُ يتأثرُ بالتردداتِ الصوتيةِ . لذلك والنصيحةُ لكلِ مسلم : أَنْ يستمعَ إلى هذا القرآنِ قدرَ المستطاع ، فكلما سمعَ أكثرَ تأثرَ قلبُهُ ودماغهُ أكثر حتى يصلَ إلى درجةٍ لا يعاني معها من أيِّ مرض ، بل إنَّ المرضَ يكون بمثابةِ تطهيرٍ لك من الذنوب ويساعدُكَ على الاستماعِ أكثرْ إلى القرآن ، إن للقرآنَ له أثرٌ عظيمٌ في الشفاء لأنَّه ليس مجردُ نغماتٍ موسيقية بل هو كلامٌ له معانيَ ودلالاتٍ ولحروفهِ قوةَ تأثيرٍ على الدماغ والقلب ،  ولذلك إذا كانت الموسيقى تؤثرُ على المرضِ فإن تأثيرَ القرآن هو أضعافٌ كثيرة ، ببساطةٍ لأنَّ خالقَ المرضِ هو مُنَزِّلُ القرآن وهو أعلمُ بأنفسِنا منا .

والسؤالُ :  أليسَ الأجدرُ بنا ونحنُ أصحابُ أعظمِ كتابٍ على وجهِ الأرض أَنْ نستفيدَ من هذا الكتاب العظيم فنستمعَ إليه كلَّ يومٍ ولو لمدةِ ساعة ؟ لنتأملَ هذه الآيةَ العظيمةَ والتي تتحدثُ عن تأثيرِ القرآن على أولئك الذين يخافون اللهَ ويمكنُكَ أن تُطَبَّقَ هذه الآية على نفسِك لتختبرَ درجةَ خشيتِك لله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [ الزمر: 23].      ( الضغوط النفسية وأثرها على القلب  ) :

لم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يغضبُ لأمرٍ من أمور الدنيا إلا أن تُنتهكَ حرمةٌ من حرماتِ الله تعالى ! فكان رضاه من أجلِ اللهِ وغضبُه من أجل الله ، فكانَ بذلك أسعدَ الناس وأكثرَهم استقراراً وطُمأنينةً ، وضربَ لنا أروعَ الأمثلةِ في ذلك . ولم يكدْ يمرُّ يومٌ على رسول الله إلا وتَحْدُثُ معه أحداثٌ تدعو للغضب والانفعالِ والتوترِ النفسي ، ولكننا لم نعلمْ أنَّه غضبَ مرةً واحدةً إلا عندما يَتعدى أحدٌ على حدٍّ من حدودِ الله. فقد كان النبيُّ الكريم يعالجُ أيَّ مشكلةٍ بهدوءٍ وأناةٍ وهذا ما جعلَ الناسَ يدخلون في دين الله أفواجاً ولذلك مَدَحَهُ الله في كتابهِ المجيد فقال في حقه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4] . وقد أثبتتْ الدراساتُ العلميةُ الحديثةُ أنَّ التوترَ النفسيَّ والضغوطَ والغضبَ تُعْتَبَرُ عواملُ مدمرة لصحةِ الإنسان وقلبهِ وقد تؤدي إلى أمراضٍ خطيرةٍ مثلَ السرطان ! ويعتقدُ الباحثون أنَّه على الرغمِ من أنَّ ممارسةَ التمارينِ الرياضيةِ واتباعَ حميةٍ غذائيةٍ جيدةٍ وغيرِها من العوامل ذاتَ أهميةٍ حيويةٍ لصحةِ القلب ،  إلا أنَّ للعواملِ الاجتماعيةِ والسعادةِ والإحساسِ بالرضا والكمالِ والعملِ من أجلِ هدفٍ في الحياة ، لها تأثيرٌ كبير ٌبدورها . بل إنَّ النبيَّ الكريمَ كان يأمرُ أصحابَه أن يرددوا عبارةً مهمةً تُعَبِّرُ عن الرضا  صباحاً ومساءً وهو هذا الذكر : (رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) . وكما يؤكّدُ الباحثون أنَّ الرضا يُعتبرُ من أهمِّ الوسائل العلاجية لأيِّ مرضٍ نفسيٍ ، فمُعْظَمُ الاضطراباتِ النفسيةِ ناتجةٌ عن عدمِ الرضا ، ويُعتبرُ الغضبُ على رأسِ العواملِ القاتلةِ للإنسان ، ويسببُ الموتَ المفاجئَ والجلطةَ الدماغيةَ واحتشاءَ العضلةِ القلبية وضغطِ الدم .

( الإجهاد النفسي وأثره على القلب)  :

كشفَ بحثٌ أمريكيٌّ أنَّ الإجهادَ والضغوطَ النفسيةِ التي يتعرضُ لها الأفرادُ بشكلٍ يوميٍ يُمكِنُ أن تسببَ بعضَ أنواعِ السرطان ،  في حينِ وُجِدتْ دراسةُ أوروبية مشابهةٌ أنَّ الإجهادَ مُضِرٌ لصحة القلب . وأظهرتْ الدراسةُ التي نفَّذَها باحثون من جامعةِ "ييل" الأمريكية ، أنَّ الضغوطَ النفسيةَ اليومية قد تُحَفِّزُ نموَ الأورامِ ، وأنَّ أيَّ صدمةٍ ، عاطفيةٍ أو جسديةٍ ،  يمكنُ أن تكونَ بمثابةِ "ممر" بين الطفراتِ السرطانية التي تؤدي في النهاية إلى الإصابة بأورامٍ خطيرة . وتبينُ نتائجُ الدراسة ، التي نُشِرتْ في دوريةِ الطبيعة"، أنَّ الظروفَ اللازمةَ للإصابةِ بهذا المرضِ يُمكنُ أنْ تتأثرَ بالبيئةِ العاطفيةِ بما في ذلك كلُّ المهامِ اليومية التي نقومُ بها سواءً في العمل أو في نطاقِ العائلة . يقول البروفسور تيان إكسو ، المختصُّ في علمِ الوراثة من جامعة ييل : "هناك الكثيرُ من الظروفِ المختلفةِ يمكنُ أن تؤديَ إلى الإجهاد ، والحدُّ منه أو تَجَنُّبُ الظروفِ المسببةِ له دائماً نصيحةٌ جيدة.."

clip_image009_2c376.gif

وتناولت دراسةٌ أوروبيةٌ جانباً آخرَ للإجهاد ، إذ أظهرَ بحثٌ بريطانيٌّ تأثيرَ الإجهادِ السلبيِّ على القلبِ وما يمكنُ أن يتسببَ به من أمراض ، لتؤكدَ علمياً الاعتقادَ السائدَ منذ القِدَم بارتباطهِ بالنوبات القلبية ، ويؤكدُ الخبراءُ أنَّ كلَّ ضغطٍ نفسيٍّ تتعرضُ له يُضعِفُ أداءَ القلب وكأنَّك تضغط عليه بأداة حادة  !!  وأخضع كلُّ المشاركين لاختباراتِ ضغطٍ ومن ثم قيست مستويات هرمون الكورتيزول ، وهو هرمون الإجهاد الابتدائي الذي ينتجهُ الجسم عندما يتعرضُ إلى ضغوطات نفسية أو جسدية ، ويؤدي في حال إطلاقهِ إلى تضييقِ الشرايين . ولاحظَ الباحثون أنَّ المشاركين مِمَنْ أصيبوا بالإجهاد جراء الاختبارات كانوا الأكثر عرضة ، وبواقعِ الضِعف ، للإصابة بضيق الشرايين ، عن أولئك الذين  احتفظوا بهدوئهم .

clip_image011_2d125.gif

ونرى في هذا الرسم الآليةَ التي يعملُ بها الكورتيزول cortisol وهو عبارةٌ عن هرمونٍ منشطٍ يُنَظمُ ضغطَ الدم ووظيفةَ القلب الوعائية وجهازَ المناعة ، كما يسيطرُ على استعمالِ الجسم للبروتين والكربوهيدرات والدهونِ ، ونتيجةً لزيادةِ الضغوط سواءً البدنيةِ مثل المرض أو الصدمة ، ويزيد إنتاجُ هرمون الكورتيزول كردٍّ طبيعيٍّ وضروريٍّ في الجسم إذا بقيتْ مستوياتُ التوترِ عاليةً لفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ . وقد وُجِدَتْ دراسةٌ بريطانيةٌ جديدةٌ أنَّ الإجهادَ الناجمَ عن العمل عاملٌ مهمٌ في حدوثِ أمراضِ القلب وداءِ السكريِّ والتعرضِ لأخطارِ السكتةِ الدماغية .

آياتٌ كثيرةٌ تحض على الهدوء النفسي:

إنَّ الذي يتأملُ القرآنَ يلاحظُ أنَّ كثيراً منَ الآياتِ تأمرُنا بالصبرِ وعدمِ الغضبِ والتسامحِ والعفو ، ومِنْ هذه الآياتِ قوله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40]. ويقول أيضاً: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 126-128] . ويقولُ في حقِ المتقين الذين وَعَدَهم جناتٍ عرضُها السمواتُ والأرض: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 134]. وأفضلُ طريقةٍ لعلاجِ الضغوطِ النفسيةِ هي العفو ، لأنَّ الله تعالى يقول: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 237] . فجزءٌ كبيرٌ من الضغوطِ اليوميةِ التي يتعرضُ لها الإنسانُ سببُها الإحساسُ بالظلمِ وعدمِ القدرة على النَيْل منَ الآخرين ،  ولكنْ بمجردِ أن يمارسَ الإنسانُ "العفوَ" فإنَّ المشكلةَ تتبخرُ ، مثلُ الحرارةِ عندما تُبَخِّرُ الماء ! ولذلك كان النبيُّ الكريم أكثرَ الناس عفواً ، ويكفي أنْ نتذكرَ يومَ فتحَ مكة عندما نصرَهُ الله على أعدائهِ الذين استهزؤوا به وآذوهُ وأخرجوه وشتموه، ولكنه عفا عنهم وقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ! إنَّ هذا الموقف هو درسٌ لكل مؤمنٍ أحبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومِنْ رحمةِ الله تعالى بعبادهِ أنه جعلَ ثوابَ التسامحِ والعفوِ كبيراً جداً في الآخرة، وجعلَ ثوابَهُ عظيماً في الدنيا وهو التمتعُ بصحةٍ أفضل واستقرارٍ نفسيٍّ أكبر ! . وتأملوا هذا النص القرآني الرائع: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34-35]، فمهما كانت مشكلتُك مع الآخرين يمكنُ حلُّها بمجردِ المعاملةِ بالتي هي أحسن وبقليل من الصبر وبكلمة طيبة كما قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [إبراهيم: 24-25].            ( التفاؤلُ وأثرهُ على القلب)  :

ما أعظمَ التعاليمَ التي جاءَ بها الإسلامُ ، وما أروعَ آياتِ هذا القرآن ، وما أجملَ أحاديثَ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم... فقد كان دائمَ التفاؤلِ ويستبشر برحمةِ الله ، ولم يكنْ يَحْزَنُ على أمر من أمورِ الدنيا أبداً ، بل كان في كل لحظةٍ يمتثلُ قولَ الله تعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58]. وقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبُهُ الفألُ الحسنُ ، وكان أبعدَ الناسِ عن التشاؤم ، بل كان يَنْهى عن التطيُّرِ و"النظرةِ السوداء" للمستقبل . وبما أنَّ الله تعالى قال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21] ، فإنَّه من الواجب أن نقتديَ بسنتهِ ونهتديَ بهديهِ فلا نتشاءمْ ونتفاءلْ بالخير دوماً ، وهذا خلُقٌ من أخلاقِ النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم ، ولكن ماذا عن العلمِ الحديث ، وهل هناك مِنْ اكتشافٍ علميٍّ يؤكدُ صدقَ تعاليم نبيِّ الرحمة عليه الصلاة والسلام ؟

فقد أكدت دراسةٌ أمريكيةٌ بأنَّ التشاؤمَ قد يُهْلكُ صاحبَهُ ، بعد أن كَشَفَتْ عن زيادةِ احتمالِ تعرضِ مرضى القلبِ للوفاة بسببِ معاناتِهم القلبية ، في حال أكثروا من التشاؤم في تعاطيهم مع حالتهم الصحية . ويقول الدكتور جون بيرفوت من المركزِ الطبي التابع لجامعة ديوك الأمريكية ، تُعَدُّ هذه من أولى الدراسات التي تختبرُ كيفيةَ تأثر صحةِ المريض بنظرتهِ وتوجهاتهِ حيال مرضهِ ، وهو ما يؤثِرُ في النهاية على فرصه في النجاة .  وقد ركَّزتْ الدراساتُ السابقة على تأثيرِ توقعاتِ المريض ، فيما يختصُّ بحالتهِ المرضية ، على قدرتهِ على استئناف الحياة بشكلٍ طبيعي ، وبالتحديد فيما يتعلقُ بالعمل وقيامهِ بالتمارين الرياضية ، إلا أنَّ الدراسةَ الأخيرةَ ساعدتْ في الكشفِ عن تأثيرِ توجهاتِ الفرد حيال مرضهِ على صحتهِ البدنية ، وتشيرُ نتائجُ هذه الدراسة إلى ارتفاعِ مخاطرِ الوفاة عند المرضى الذين أظهروا تشاؤماُ تجاهَ وضعهِم الصحي ،  وذلك بمقدارِ الضِعفِ مقارنةً مع المرضى الآخرين . ومِنْ وجهةِ نظر الباحثين ،  فقد باتَ من المعلوم وجودُ علاقة بين الاكتئابِ وزيادةِ معدلاتِ الوفيات عند الأشخاص ، غيرَ أنَّ النتائجَ الحاليةَ تُظهِرُ حجمَ تأثيرِ توقعاتِ المريض ،  على تعافيه مِنْ المرض ، بِغضِّ النظر عن أيةِ عواملَ نفسيةٍ أو اجتماعيةٍ أخرى . ويؤكد الدكتور "بيرفوت" على أنَّ الدراسةَ تقدمُ نصيحةً للطبيب حولَ أهمية التنبهِ إلى ما يعتقده المريضُ حيال مرضهِ ،  لما لذلك من تأثيرٍ على تعافيه ، كما تُبيّنُ للمرضى بأنَّ توقعاتِهم الإيجابيةِ تجاهَ هذا الأمر، لن تُحَسِّنَ من شعورِهم فحسب ، وإنما قد تمكنُهم من العيش فترةً أطول . وفي ظل هذه النتائج العلمية ندركُ أهميةَ أن يستبشرَ المؤمنُ برحمةٍ من الله، فهو القائل : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 171] . وقد عَجِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من حال المؤمن فكان كلُّ حالهِ خيراً : إذا أصابته ضراءَ صبر فكان خيراً له ، وإذا أصابته سراء شكر فكان خيراً له  ! ! . من هنا نتعلمُ درسين مِنْ دروس التقوى : الصبرُ والشكرُ، فالمؤمنُ يتميزُ على غير المؤمن بهاتين الصفتين أثناء تعاملهِ مع ظروفِ الحياة وصعوباتِها ، فتجدُ أنَّ الصبرَ والشكرَ يجعلان المؤمنَ أكثرَ تفاؤلاً وأبعدَ ما يكون عن التشاؤم ، لأنه يدركُ أنَّ الله معه ، وأن المستقبلَ له ، وأن الجنةَ بانتظارهِ ،  فلا يحزنْ على شيءٍ فاتَهُ ، ولا يخافُ من شيء سيأتيه ، ولذلك قال تعالى : (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس: 62-64]. فهل هناك أجملُ من أن يمتلكَ المؤمنُ البشرى في الدنيا والآخرةِ ، فماذا يريدُ بعد ذلك ؟

( القلب والروح ) :

نشرت جريدةُ ديلي ميل بتاريخ 9/4/2008 مقالاً مهماً بعنوان Can we really transplant a human soul? هل يمكنُنا حقاً أن نزرعَ الروحَ لإنسان ؟ وبسبب الوقائع المثيرةِ التي سردتْها المقالةُ ونقلها أحدُ العلماء وعلقَ عليها لنرى أنَّ كلَ ما يكشفُه العلماءُ اليومَ وما يستغربون منه قد تحدَثَ عنه القرآنُ وأشارَ إليه بوضوح بما يشهدُ على إعجاز هذا الكتاب العظيم .

1- إن زراعة الأعضاءِ ليست كما كان يظنُها العلماءُ مجردَ زراعةٍ أو نقلٍ من شخص لآخر ، إنّها نقلٌ لجزءٍ من ذكرياتِه وعواطفِه وروحِه ! ولذلك فإنَ العديدَ من المشاكل تواجهُ العلماءَ بسبب تغيرِ شخصيةِ المريض بعد أنْ يَتِمَ نقلُ عضوٍ جديدٍ له . وربما يكونُ أوضحُ هذه الحالات ما حدثَ منذ فترة لشخص يدعى سوني غراهام ، والذي كان رجلاً محباً للخير والحياة وبعد أن أُجريت له زراعةُ قلب من شخص ماتَ منتحراً ، حدثتْ تغيراتٌ عميقةٌ في شخصية هذا الرجل حتى انتحرَ بنفس الطريقة  ! ! .

2- كلير هي امرأةٌ عمرُها 47 عاماً أُصيبت بارتفاع ضغطِ الدم الرئوي الأساسي ، وأشرفت على الموت ، وتصادف أن مات شاب  عمره 18 عاماً بحادث دراجة نارية فأخذوا قلبه ورئتيه وتَمت زراعتُهما لكلير . تقول كلير : على الفور وبعد انتهاءِ العملية أحسستُ أنَّ في صدري قلبٌ يختلفُ عن قلبي وضرباتُه تختلف ، إنَّ أولَ سؤال سألَه الصحفيون لكلير بعد العملية ماذا تشعرين الآن : قالتْ أشتهي "البيرة" بشكل كبير ، واستغربَ كلُّ مَنْ حولَها مِنْ أهلها ، فهي لا تشربُ "البيرة" أصلاً ولا تحبُها ،  فماذا حدث ؟ تُتابعُ كلير قصتَها فتقول : لقد بدأتُ بعد شهر من العملية أشتهي بعضَ الأطعمة التي لم أكن أحِبُها مثل الدجاج ، وبدأتُ أتصرفُ مثلَ الرجال ، وكنتُ أحِسُ بأنني رجلٌ ولستُ امرأة ! وبدأتُ أشعرُ بميول نحوَ النساء بدلاً من الرجال ! بدأتُ أرى حلماً وهو أنَّ شاباً كان صديقاً لي أحببتُه ولم أستطعْ مفارقتَه وأحسستُ أننا سنكونُ معاً للأبد ، واسمُه "تيم"، وبعدما أفقتُ من الحلم اكتشفتُ بعد بحثٍ طويل أنَّ "تيم" هذا هو متبرعُ القلبِ والرئتين والذي ماتَ بحادث . وبعد ذلك بدأتْ "كلير" تبحثُ عن عائلةِ المتبرع ، لأنَّ الأطباءَ لا يجوز لهم أنْ يُخبروها عنه ، هكذا هي القوانين ، لا يُسمحُ بإظهار المتبرعِ . وبعد بحثٍ طويل بمساعدة الأصدقاءِ استطاعتْ الوصولَ للعنوان المطلوب ، وعندما ذهبتْ إلى بيتهم سألتْهم عن اسمه كانت المفاجأة أنَّ اسمَه بالفعل هو "تيم" وسألتْهم عن شخصيته فقالوا إنَّه كان يُحبُ البيرةَ والدجاجَ والأطعمةَ ذاتَها التي أصبحتْ "كلير" تُحِبُها  !

3- هناك مئاتُ الحالات المشابهةِ لحالة كلير والتي تَحْدثُ نتيجةَ زرع القلبِ والرئتين والأعضاء ، لقد رفضَ الأطباءُ في أمريكا التعاملَ مع مثلِ هذه الحالاتِ على الرغم من إلحاح المرضى معرفةَ مَنْ تبرعَ لهم وما هي صفاتُه ، ولكنَّ القوانينَ تمنعُ ذلك عندَهم ، ولذلك تبقى هذه الحالاتُ غيرُ مدروسة ، ويؤكدُ الكاتب PAUL THOMPSON أنَّ هناك أكثرُ من 70 حالة موثقة تُشبهُ حالةَ سوني وكلير ، حدثتْ لها تغيراتٌ في الشخصية تُشبهُ تماماً شخصيةَ المتبرع .

4- البرفسور Gary Schwartz في جامعة أريزونا يؤكدُ أنَّ هناك أعداداً هائلةً من المرضى حَدثتْ لهم تغيراتٌ شخصيةٌ بعد زراعةِ أعضاءٍ لهم ، ويقولُ إنَّ هذه الحالاتِ تُشكلُ تحدياً للطب الحديثِ الذي عَجزَ عن تفسيرها بحقائقِه الحالية فقد وَثَّقَ حالةً غريبة ، وهي امرأةٌ شاذةٌ جنسياً تُحِبُ الوجباتِ السريعةِ عمرُها 29 عاماً ، وقد أصيبتْ بفشل في قلبِها وتَمَّ زرعُ قلبٍ لها مأخوذ من فتاة نباتية لا تأكلْ اللحوم عمرُها 19 عاماً ، وبعد الزرعِ مباشرةً أصبحت هذه المرأةُ طبيعية : زالَ الشذوذُ وأصبحتْ تكرهُ الوجباتِ السريعةِ تماماً مثلُ صاحبة القلب الأصلي ! ! .

ملاحظة : في حالة هذه المرأةِ الشاذةِ وكيف تَغيرَ الشذوذُ الجنسيُّ لديها وأصبحتْ طبيعيةً بتغييرِ قلبِها ، دليلٌ على أولئك الذين يدَّعون أنَّ الشذوذَ الجنسيَّ هو حالةٌ طبيعية ٌموجودةٌ في جيناتِ الإنسانِ الشاذ ، ولذلك يقولون لماذا يعاقبه الله على أفعاله الشاذة ؟  والله يقول يا أحبتي إنَّ مركزَ الصلاحِ والفسادِ هو في القلب ، فبمجردِ أنْ تمَّ تغييرُ قلبِ المرأة "السحاقية" تغيرتْ على الفور وتزوجتْ وأصبحتْ طبيعيةً جداً! ماذا يعني ذلك ؟ إنَّه يعني أنَّ القلبَ هو مستودعُ المعلوماتِ وينبغي علينا أن نقومَ بصيانتِه وتخزينِ المعلوماتِ المفيدةِ فيه، وعلى رأسِها القرآن .

5- حالةٌ أخرى ُتوضحُ أنَّ زراعةَ الكليةِ تُعطي صفاتَ صاحبِ الكلية ، فقد تَمَّ توثيقُ حالةٍ امرأةٍ اسمُها Lynda Gammons تَبرعتْ لزوجِها بإحدى كليَتَيْها ، وبعد نجاحِ العمليةِ أصبحَ الزوجُ يُحِبُ تنظيفَ المنزلِ والطبخِ والتسوقِ  وهذه الأعمالُ كان يكرهُها قبلَ العملية ! إذاً الذاكرةُ موجودةٌ في كلِّ خليةٍ من خلايا جسدِنا !

              clip_image013_cfe1e.gif 

وفي هذه الصورةِ : مقطعٌ في الخلايا العصبيةِ للقلب ، وهي خلايا عددُها أكثرُ من 40000 خلية، ويؤكدُ بعضُ الأطباءِ "الشجعانِ" أنَّ هذه الخلايا مسؤولةٌ عن التفكير وعن توجيهِ الدماغِ ولها دورٌ كبيرٌ في التحكمِ بكلِّ الجسدِ! ومنهم البروفسور Gary Schwart الذي وثَّق عشراتِ الحالاتِ التي تُثبِتُ أنَّ للقلبِ دوراً كبيراً في التحكمِ بشخصيةِ الإنسانِ وأفعالِه وذكرياتِه، بل إنَّ القلبَ هو الذي يُحددُ مستوى الإيمانِ أو الكفرِ لدى الإنسان .

6-- تؤكدُ صحيفةُ ديلي ميل أنَّ الأطباءَ في الصينِ مهتمون بهذه الظاهرةِ ويدرسونَها الآن ، وإذا كانت هذه الظاهرةُ صحيحةٌ فإنَّها سَتُحَطِّمُ الكثيرَ من الحقائقِ في الطبِ الحديث ، ولكن لو تأملْنا القرآنَ والسنةَ الشريفةَ لوجدنا وصفاً واضحاً للقلب وعملهِ ، يقولُ صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسدُ كلُّه وإذا فسدتْ فسدَ الجسدُ كلُّه ألا وهي القلب) ، صدقَ رسولُ الله . ولنرجع  ننظرُ إلى حالةِ الرجلِ الذي كان قلبهُ سليماً من الناحية الإيمانية ، ولكنَه مريضٌ طبياً ، كيف أقدمَ على الانتحارِ بعد تغييرِ قلبهِ ، ماذا يعني ذلك ؟             ( نستطيع أن نستنتجَ منْ الوقائع السابقة ) :

1-  أنَّ القلبَ هو مركزُ الإيمان ، فقد انقلبَ هذا الرجلُ من الإيمان إلى الإلحاد ، فأوصلَهُ ذلك إلى الانتحار . يقول تعالى عن قلوب الكفار : (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) [المائدة: 41].

2- القلبُ هو مركزُ التفقهِ والإدراكِ ، يقول تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179].

3- القلبُ هو مركزُ العقل، يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) [الحج: 46].

4- للقلبِ دورٌ في إدراكِ ما يسمعهُ الإنسان ، فحالةُ الرجل الذي انتحرَ ولقيَ مصيرَ صاحبِ القلبِ الأصليِّ تؤكدُ أنه في وضعٍ غيرَ طبيعي ، وبالتالي يتصرفُ كإنسانٍ أعمى لا يُبْصر ، فكلُّ ما يشغلهُ هو الانتحار ، وهنا نستنتج أنَّ المريضَ أصبحَ يرى الأشياءَ رؤيةً جديدةً كما كان يراها صاحبُ القلبِ الأصليِّ ،  ولذلك يمكنُنا أنْ نقولَ إنَّ القلبَ هو مركزُ البصيرةِ ، يقول تعالى : (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحجر: 46].

5- للقلبِ دورٌ في إدراكِ ما يسمعهُ الإنسانُ وما يراه ، لأنَّ العلماءَ يؤكدون أنَّه مع كلِّ زراعةِ قلب ، تتغيرُ نظرةُ المريضِ للحياة وتتغيرُ طريقتهُ في فهمِ الأشياء والتعاملُ مع الواقع ، فهو يرى الأمورَ بمنظارِ صاحبِ القلب الأصليِّ ، ويسمعُ الأشياءَ كما كانَ يسمعُها صاحبُ القلب الأصلي ، ولذلك قال تعالى : (وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) [الأعراف: 100].

6- تؤكدُ حالةُ الرجلِ الذي انتحر ، أنَّ صاحبَ القلبِ الأصليِّ كان قلبهُ مريضاً ويحمل أفكاراً إلحادية ولا يؤمنُ بالآخرة وليس في قلبهِ إلا الانتحارَ ، وانتقلتْ الفكرةُ ذاتُها إلى المريض الجديد يدلُّ على أنَّ القلب يمرضُ مرضاً يفْقدُ المريض معه إيمانَهُ بالله ، يقول تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) [البقرة: 10].

7- حالةُ المرأةِ التي تمَّ تغييرُ قلبِها ورِئتيْها وكيف انقلبتْ انقلاباً جذرياً تدلُّ على أن الصدرَ هو مستودعٌ للذكريات أيضاً وأنَّ الرئتين لهما دورٌ في  التفقه والإيمانِ والكفرِ ، يقول تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 154] .

8- إنَّ الحالاتِ السابقةَ تؤكدُ أنَّ القلبَ هو مخزنُ المعلوماتِ وليس الدماغُ ، والدماغُ تابعٌ للقلب ، وهذا ما أكَّدَهُ القرآنُ بقوله تعالى :  (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) [آل عمران: 167] . إذاً القلب مستودعُ الذكرياتِ ، يقول تعالى: (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) [الفتح: 18] .

يؤكدُ العلماءُ أنَّ القلبَ قد يكونُ مركزُ الروح ،  وعندما يَتِمُّ زرعهُ في شخص آخر تنتقلُ أجزاءٌ مِنْ روحِ الإنسانِ صاحبِ القلبِ الأصليِّ ،  ولكنهم يقولونَ إنَّ العلمَ على الرغمِ من تطورهِ لا يزالُ يقفُ عاجزاً أمامَ تفسيرِ هذه الظاهرةِ المحيرةِ بسببِ نقصِ المعلومات ، وقد أزالَ القرآنُ الكريمُ هذه  الحيرةَ عندما قال :  (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85].

وأخيراً : ربما ندركُ الآن لماذا اهتمَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقلوب ، وأمرنا أن نغذيَها بكلامِ الله ، فَمِثْلُ القلبِ الذي لا يذكرُ الله كالبيتِ الخرب ، وربما ندركُ لماذا كان أكثرُ دعاءِ النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم: (يا مقلبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي على دينك) . نسأل الله تعالى أن يثبتَ قلوبَنا على الإيمان ، وأنْ نكونَ من الذين قال فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ِإذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 2-4]

 clip_image014_35fa1.jpg

وأخيراً نسأل الله تعالى أن يثبتَ قلوبَنا على الإيمان ، ونتذكرَ ، أن أكثرَ دعاءِ النبيِّ: (يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك) ، وندعو بدعاءِ المؤمنين: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8] . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

وأشكر حضوركم وحسن استماعكم ، وأستميحكم عذرا عن الإطالة ، وجزاكم الله خيرا  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

-------------------------------------

  المراجع العربية  :  -1- موقع المهندس : عبد الدايم الكحيل wwwKaheel7.com                                            

       2- موسوعة الإعجاز العلمي   للدكتور محمد راتب النابلسي .        

   3- رسالة طبيب وجراح القلب الأمريكي (سوري الأصل )  دكتور عامر شيخوني .

المراجع الأجنبية :

  1- Pearsall P, Schwartz GE, Russek LG, Changes in heart transplant recipients that parallel the personalities of their donors, School of Nursing, University of Hawaii, www.springerlink.com, 2000.

2- Paul Pearsall, The Heart's Code: Tapping the Wisdom and Power of Our Heart Energy, New York, Broadway Books, 1998.

3- Linda Marks, THE POWER OF THE HEART,

www.healingheartpower.com, 2003.

4- Dorothy Mandel, Spirit and Matter of the Heart, Grace Millenium, Winter 2001.

5- Linda Marks, The Power of the Soul-Centered Relationship, HeartPower Press, 2004.

6- Paul Pearsall, Gary E. Schwartz, Linda G. Russek, Organ Transplants and Cellular Memories, Nexus Magazine, April - May 2005.

7- Schwartz GER, Russek, LGS. The Living Energy Universe. Charlottesville, VA: Hampton Roads Publishing, 1999.

8- His Heart Whirs Anew, Washington Post, August 11, 2007.

9- Heart, Wikipedia.

10- Science of the heart, Institute of HeartMath.

11- Rollin McCraty, The Scientific Role of the Heart in Learning and Performance, Institute of HeartMath, 2003.

12- Does your heart sense your emotional state? www.msnbc.msn.com, Jan. 26, 2006.

13- Annual Meeting of the Pavlovian Society, Tarrytown, NY, 1999.

14- One heart links two men in life and death, http://www.smh.com.au/

15- http://www.kansascity.com/440/story/563838.html

16-http://www.therealessentials.com/followyourheart.html

18- http://www.webmd.com/heart-disease/news/20080313/pessimism-deadly-for-heart-patients

20- Music 'can aid stroke recovery', BBC.co.uk, 20 February 2008.

وسوم: العدد 692