العلاقات الزوجية
قال لها : أُريدك أن تُنجبي لي ثلاث بنات !
سألت الأم ابنها الشاب : أما آن الأوان يا ولدي لتتزوج ؟
أجابها : بلى يا أمي .
قالت : إذن لأبدأ بالبحث عن فتاة نخطبها لك.
قال : ليس أي فتاة يا أمي !
قالت : ماذا تقصد ؟
قال : أريد فيها صفات معينة !
تساءلت : أي صفات يا بسّام ؟
قال : أريد أن تكون فيها إعاقة !
صُدِمت الأم وعجبت أشد العجب من طلبه ، فقالت له :
حسبتُك تريدها جميلة جداً ، أو ذات حسب ونسب ، أو غَنيَّة ، أو مُتعلِّمة وحاصلة على شهادة ، أما أن تطلب أن تكون ذات إعاقة ، فلا شك أن عقلك فيه شيء !
ابتسم وقال : لا ياأمي ، أنا جادّ في طلبي وصادق في رغبتي .
ردّت أمه : ما سرّ هذا الطلب الغريب إذن ؟!
قال : أُريد أن أتقرب بالزواج منها إلى الله سبحانه وتعالى .
قالت : أبواب الخير التي تتقرب بها إلى الله سبحانه كثيرة ، ولم تجد إلا أن تتزوج فتاة فيها إعاقة ؟! ثم إنك بطلبك هذا تحصِر بحثي في فئة محدودة جداً .
قال : إذن أُسهِّل عليكِ الأمر ؛ إذا لم تجدي فتاة فيها إعاقة فابحثي لي عن فتاة يتيمة لأعوِّضها عن فقد أبيها وأكون لها زوجاً و أباً .
قالت : الآن سهَّلت عليَّ بعض الشيء ، وإن كان العثور على يتيمة أمراً لايخلو من صعوبة .
قال : إذن فلأؤخر زواجي .
قالت : لا ، لا ، سأبحث لك عمن تطلبها ، وأدعو الله أن يهديني إلى فتاة يتيمة .
بعد أشهر قليلة من البحث ، أخبرت الأم ولدها الشاب أنها وُفِّقت في العثور على فتاة تُوفي والدها قبل عدة أسابيع ، وهي ذات خُلُق ودين وعلى قدر من الجمال .
شاهدها بسّام في زيارته أهلها مع أمه ، فوقعت في قلبه ، فتمت الخطبة ثم الزواج .
بعد أيام من الزواج قال لزوجته : أريدك أن تنجبي لي ثلاث بنات !!!
عجبت زوجته من طلبه ، فقالت له :
الناس يريدون الصبيان وأنت تريد البنات ، والله أمرك غريب عجيب !!
قال : النبي (ﷺ) كان أباً لبنات ، ولم يعِش أولاده الذكور الذين رزقه الله بهم ، وقد أوصى بالبنات كثيراً ، وجعل تربيتهن والإحسان إليهن حجاباً
من النار ، وسبباً لدخول الجنة .
قالت : بارك الله فيك ، ولكني لا أملك أن أُنجب لك البنات ولا الأولاد ، أما قال الله تعالى : " يهَبُ لمن يشاء إناثاً ويَهَبُ لمن يشاء الذكور "
قال : بلى ، وأنا مؤمن بذلك لكني مؤمن أيضاً بأن الله تعالى سيُعطيني ما سألته إياه .
ومضت الأسابيع وحملت زوجته ، وبعد أن انقضت أشهر الحمل التسعة وضعت حملها ، وكان أنثى جميلة استقبلها والداها - وأبوها خاصة - بفرح شديد ، وشكرٍ لله كبير .
وما إن بلغت طفلتهما سنتين من عمرها وفطمتها أمها ، حتى قال الشاب لزوجته : شدِّي حيلك أريد الثانية !
ضحكت زوجته وقالت : كم أنت واثق في ربك !
قال بجد : أوَ تشُكِّين في ذلك ؟
ابتسمت ولم تجبه .
حملت زوجته ، ومضت أشهر الحمل التسعة ، وضعت بعدها ابنتهما الثانية ، واستقبلها والداها كما استقبلا الأولى ؛ بفرح وشكر عظيمين .
وما إن فطمت الأم ابنتها الثانية حتى قال لها زوجها : أنتظر منك طفلتنا الثالثة .
قالت له زوجته : انتظرها من الله ، هو من سيرزقك إياها .
قال : صدقتِ ، الله سبحانه من سيرزُقني إياها ، لكنك أنت التي ستحملينها في بطنك .
ولم يمضِ وقت طويل على هذا الكلام الذي دار بين الزوجين حتى حملت الزوجة ، وصار الزوجان ينتظران معاً مجئ الطفلة الثالثة .
ومضت الأشهر التسعة ووضعت الأم حملها ، لكن مولودها هذه المرة لم يكن أنثى .. لقد وضعت ذكراً .
فرِحت به أمه ، وفوجئ به أبوه ، فقد كان ينتظر البنت الثالثة .
كانت زوجته تتشوق لمعرفة تعليق زوجها على مالم يتوقعه ، وتفسيره له ، فقد وجدته صامتاً لايتكلم .
نظر إليها وقال : تنتظرين أن تسمعي مني ؟
ابتسمت ولم تتكلم .
قال : أحسب أنه سبحانه أراد أن نكون أكثر تسليماً له ، ورضى بما يختاره لنا ، ويشاؤه سبحانه .
قالت : إذن هما اثنتان فقط ؟!
قال : لا ، مازلت أنتظر الثالثة ، وإني لأرجو أن تكون بعد ولدنا هذا إن شاء الله تعالى .
ومضت سنتان من عمر الصبي ، وفطمته أمه وهي تلحظ على زوجها قلة كلامه ، وطول تهجُّده في الليل .
ومضت شهور أربعة حملت بعدها ، وأرادت يوماً أن تداعب زوجها بقولها : أتراني حملت بالبنت الثالثة ؟
ابتسم وقال : مايختاره الله خير لنا ، ونرضى به منه سبحانه .
ومرَّت الأشهر التسعة ووضعت حملها ، وكانت البنت الثالثة .
. . .
ما حكيته لكم ليس خيالاً روائياً ، إنه واقع سمعته من والد البنات الثلات وأخيهم الرابع ، البنت الكبرى تدرس في الجامعة الآن ، والثانية كذلك ، والابن في الثانوية ، والصغيرة في آخر المرحلة المتوسطة .
وسوم: العدد 694