العدالة الاجتماعية في رؤية وفكر الجماعة 3

العدالة الاجتماعية

في القانون الأساسي الجماعة

مقدمة

كان وما زال مطلب تحقيق العدالة الاجتماعية حاضراً وبقوة منذ إنشاء الجماعة ويبدو هذا جليا من خلال القانون الأساسي للجماعة والذي تم إقراره من المؤتمر الخامس المنعقد في عام 1939 والذي أصل فيه الإمام الشهيد فكر الجماعة الشامل حيث ورد في المادة الثانية منه:

“الإخوان المسلمون هيئة إسلامية جامعة تعمل لتحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام الحنيف.. "

ومن بين هذه الأغراض ما نصت عليه الفقرة (د) من المادة الثانية والتي نصت على:

"تحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي لكل مواطن والمساهمة في الخدمة الشعبية ومكافحة الجهل والمرض والفقر والرذيلة وتشجيع أعمال البر والخير" ...

يضاف إلى هذا ما ذكرته الفقرة (ج) من المادة نفسها والتي نصت على : " تنمية الثروة القومية وحمايتها وتحريرها والعمل على رفع مستوى المعيشة” وذلك لأن الأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى تنظيم شؤون الاقتصادية التي لم يغفلها الإسلام ووضع كلياتها.

ولم يقف اهتمام الجماعة عند حد التأكيد على قضية تحقيق العدالة الاجتماعية في مواثيقها وقوانينها الاساسية، بل امتد إلى التكبي والجانب العملي من خلال إنشاء والمشروعات العملية لتوؤي دورها في تحقيق هذا الهدف بحانب نشاك شعب الحماعة التي نمت وتوسعت وزاد عددها منذ انتقال المقر العام إلى القاهرة عام 1933، فأقامت مصانع للنسيج والسجاد في شبراخيت والمحمودية إلى جوار المؤسسات الثقافية والتعليمية.

وتم تأسيس الشركات فأسست شركة المعاملات الإسلامية برأسمال قدره 30 ألف جنيه والغرض من إنشائها جميع عمليات استغلال المال بما أجازته الشريعة الإسلامية سواء كان هذا الاستغلال بطريق الإنتاج أم بطريق المبادلات التجارية من بيع وشراء وإيجار أو مقاولات.

وأقامت المصانه وخاصة في مدال صناعة النسيج والتي أثبتت كفاءتها حين عرضت الشعبة الاقتصادية المختصة إنتاجها من منسوجات وحرير في المعرض الزراعي والصناعي لسنة 1936 .

الرؤية الاقتصادية للإخوان تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية

ويؤكد الباحث إبراهيم زهمول في كتابه حول الجماعة إلى أن الرؤية الاقتصادية للجماعة ترتكز في مبادئها الأساسية على هدف تحقيق العدالة الاجتماعية وأن المبادئ الاقتصادية للجماعة في قانونها الأساسي ركز بصورة مباشرة على المطالبة بعدة خطوات ووسائل لتحقيق تنمية الثروة القومية كمدخل أساسي لرفع مستوى المعيشة فيقول:

" ولتنمية الثروة القومية وحمايتها وتحريرها والعمل على رفع مستوى المعيشة كما نصت عليه الفقرة ج من المادة الثانية من القانون الأساسي " المشار إليها سابقا" يلاحظ أن الجماعة نادت بـ:

1- أن تمنع الدولة تملك الأجانب للعقارات .

2- أن من الأصول التي يقوم عليها دعائم النظام الاقتصادي الإسلامي الاهتمام الكامل بتمصير الشركات وإحلال رؤوس الأموال الوطنية محل رؤوس الأموال الأجنبية وتخليص المرافق العامة من يد غير أبنائها.

3- منع كل ما يؤدي إلى الاحتكار وتضخم الثروات عن غير طريق الجهد الشخصي والعمل المفيد المشروع كاحتكار صناعة السكر وصناعة المواد الكحولية واحتكار صناعة الأسمنت لأنها وسيلة تحكم في السعر والتحكم في العامل، ووسيلة لتضخيم الثروة بطريقة جائرة لا تحقق تكافؤ الفرص للجميع وشأناه كالمرافق العامة يجب أن تبقى ملكًا للشعب .

4- للدولة عند الحاجة الماسة أن تتدخل في الثروات العامة والخاصة والمرافق الكبرى بما تقتضيه مصلحة الأمة العليا على أن لا يقضي ذلك على الملكية الفردية والتنافس الاقتصادي، فكل ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر عام فهو واجب على السلطان، فتطبيقا لذلك يجب على الدولة :

(أ) سحب الأموال الفائضة من أيدي أصحاب رؤوس الأموال المتضخمة.

(ب) منع الفقر بتوفير العمل لكل قادر والتأمين الاجتماعي لكل عاجز، هذا ما نادوا به وقد ارتبط المبدأ الاقتصادي بأهداف اجتماعية.

ومن أجل هذا أشار الباحث إلى ما هاجمت به بعض صحف معارضة لها في قولها “ أن في دعوة الإخوان نزعة شيوعية لأن أربعة من أعضائها قد تضمنت خطبهم ما بحث الفلاحين على المطالبة بملكية الأرض، وأن الإخوان والشيوعيين يشتركون في الإخلال بالنظام .

ويعود الباحث لتفنيد هذا الاتهام بالقول" ولكن دعوتهم- كما رأينا- كانت استلهاما من مبادئ الإسلام التي قامت على التعاون والتكافل بما تفرضه طبيعة الاجتماع ولكن المتخمين بالثروة يأبون أن يردوا على الفقراء والمساكين بعض حقهم الذي يوجبه الدين، والقوانين عاجزة عن معالجة هذه الحالة لأنها لا توجد ولا وتنفذ إلا إذا رضي بها السادة الأغنياء.

وأن في مصر ماليين يكدسون الأموال عقارات ومنقولات ومشروعات صناعية ويستخدمون عمالا يكدحون ويشقون بأجور تافهة لا تقوم باللقمة الجافة والكساء الذي لا يستر العورة، وليس في مصر قانون يلزم أصحاب الأموال أن يشركوا في أرباحهم العمال كما يقضي بذلك الإسلام، وصاحب المال يكدس خزائنه ذهبا وفضة، والعامل يكدس في قلبه غضبا وحقدا ينمو ويزيد كل يوم ...

البعد الاجتماعي في الرؤية الاقتصادية للإخوان

كانت العدالة الاجتماعية حاضرة وبقوة في رؤية الإخوان الاقتصادية والمجتمعية وظلت الأهداف الاجتماعية غرضا رئيسيا فيما تنشأه من مؤسسات وأصول اقتصادية عملا بما نصت عليه الفقرة د من المادة الثانية السابق الإشارة إليها والتي تنص على: “ تحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي لكل مواطن والمساهمة في الخدمة الشعبية، ومكافحة الجهل والمرض والفقر والرذيلة وتشجيع أعمال البر والتأمين والخير”

ومن هنا فقد نادت الجماعة بسلسلة من الإجراءات يحب على السلطات إتخاذها من شأنها المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي، من بينها:

1- أن تؤخذ الزكاة وتنظم ليستعان بها في القضاء على الفقر والأمراض الاجتماعية، وليس ما يمنع أن تفرض في كل ما يسمى مالا أو كسبا، وكل ما يغل غلة ولو لم يكن من الأنواع التي فرضت فيها الزكاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك يجوز التصرف في مصارف الزكاة -قياسا على تصرف سيدنا عمر رضي الله عنه في شأن منع المؤلفة قلوبهم- فلا يعطي نقدا أو عينا لمن يصرف لهم بل تؤسس لهم به مصانع أو تشتري لهم به حصص في ممتلكات أو مؤسسات ليصبح مورد رزق دائم لهم، ويجب على الدولة توفير المأكل والملبس والمسكن والدواء والعلاج والعلم لكل فرد من أفراد الشعب، ومن حق كل وليد أن يجد الكفاية الغذائية والرعاية التربوية ما يجده كل وليد آخر في الدولة لأن الجميع يجب أن تتاح لهم الفرص متكافئة .

2- إعادة النظر في نظام الملكيات بتحديد الملكية وتعويض أصحاب الملكيات الكبيرة وتشجيع الملكيات الصغيرة حتى يشعر الفقراء المعدمون بأن قد أصبح لهم في هذا الوطن ما يعنيهم أمره وتوزيع أملاك الحكومة عليهم وقرروا أن يكون للفلاح حد أدنى للملكية وحق للحصول على سكن صالح وتأمين الصحة .

3- تنظيم الضرائب وفرضها تصاعديا بحسب المال لا بحسب الربح ويعفى منها الفقراء وتجبي من الأغنياء الموسرين وتنفق في رفع مستوى المعيشة .

4- تيسير العمل لكل فرد وتأمين الأجر الذي يتناسب والكفاية بمطالب الطعام واللباس، وأن يراعى الحد الأدنى للأجور وهو مراعاة مستوى المعيشة في البيئة وتحديد أوقات العمل ومنع استخدام الأحداث وتحريم تشغيل النساء إلا فيما يتفق مع طبيعتهن ووظيفتهن الاجتماعية.

الأقسام المهنية للجماعة وتطبيق العدالة الاجتماعية

نظراً لاهتمام الجماعة بالعدالة الاجتماعية والسعي لتحقيقها لم تخلو أقسام الجماعة المختلفة وخاصة المرتبطة بالتواصل مع المجتمع والمهن المختلفة من وسائل لتحقيق تلك الغاية التي تسعى إليها الجماعة وتوظيف كافة مقدرات الجماعة من كوادر وعقول وأموال لتحقيق المساواة والعدالة المجتمعية.

وقد أصلت المادتان 79 و 80 من القانون الأساسي على نصين شبيهين بما سبق عرضها من نصوص دور ومسئولية قسم المهن وضرورة اهمام الدراسات الفنية التي يعدها بهذا الجانب .

وقد نصت اللائحة العامة لقسم المهن على أن من أغراضه “توثيق الصلة بين أرباب المهن في مصر والبلاد الإسلامية، وتوسل لذلك بأن يعمل على توثيق الصلة بالشخصيات المهنية، والنقابات، والأندية والروابط، والجمعيات العلمية المحلية والدولية، وتنظيم إلحاق الإخوان الخريجين في الأعمال الحكومية والحرة حسب الحاجة والإمكان.

وفي السطور التالية نعرض للنصوص المنظمة لعمل قسمين من أقسام الجماعة المهنية ذات الصلة بقضية تحقيق العدالة الاجتماهية ومدى اهتمامها بهذا الأمر، وهما: فرع الزراعيين وفرع الاجتماعيين.

فقد ذكرت اللائحة الخاصة لفرع الزراعيين أن من أغراضه “أنه يهدف إلى إعداد المناهج الإصلاحية من الناحية الزراعية ومنها دراسة مشروعات الصناعات الزراعية وتنفيذ ما يمكن تنفيذه عن طريق شركات مساهمة أو جمعيات تعاونية مثل:

(أ) منتجات الألبان.

(ب) حفظ الخضر والفاكهة والمستخرجات النباتات الطبية.

(ج) العمل على رفع مستوى الإنتاج الزراعي وزيادة غلة الفدان.

أما فرع الاجتماعيين فقد نصت لائحته الخاصة على تكوينه:

1- المشتغلون والمتخصصون بالشؤون الاجتماعية.

2- الباحثون الاجتماعيون بمصلحة الضمان الاجتماعي.

3- الأخصائيون الاجتماعيون بمصلحة الفلاح (كانت تتبع وزارة الزراعة).

4- خريجو قسم الاجتماع بكليات الآداب.

5- خريجو مدرسة الخدمة الاجتماعية.

وحددت اللائحة الخاصة أهداف الفرع وهي:

(أ) تقديم البحوث لتوجيه الحكومة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية على ضوء المبادئ الإسلامية.

(ب) المساهمة في الخدمة الشعبية عن طريق تقديم البحوث العلمية، والبيانات الفنية اللازمة لإنشاء مؤسسات اجتماعية لمكافحة الفقر والجهل والمرض والرذيلة، كما يقوم بتنسيق التعاون بين هذه المؤسسات.

(ج) العمل على تقديم الخدمات الاجتماعية للإخوان وذلك عن طريق تعميم المشروعات الاجتماعية مثل التأمين الاجتماعي والصحي ونظام القرض الحسن، وكذلك دراسة مشكلات الأفراد وتقديم وسائل العلاج لمشاكلهم.

(د) جمع البيانات في الميادين الاجتماعية وفي مجتمع الإخوان يقصد ترتيبها وعرضها في صورة يمكن استيعابها ثم تحليلها واستخلاص النتائج منها للاستفادة منها في ميادين الدعوة.

ويقوم بتنفيذ الأهداف السابقة اللجان الآتية:

(أ) لجنة الإحصاء الاجتماعي.

(ب) لجنة خدمة الفرد.

(ج) لجنة المشروعات الاجتماعية.

(د) لجنة تنسيق الخدمات الاجتماعية.

(هـ) لجنة النشر والتسجيل ...

الإخوان وثورة 52 والعدالة الاجتماعية

كان من أهم أهداف الجماعة من مشاركتهم في ثورةة 23 يوليو 1952 هو تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الشعب المصري وإلغاء الإقطاع،

وقد ظهر هذا واضحا وبقوة في بيان الجماعة الأول عقب قيام الثورة والتي اكدت فيه على ضرورة تحقيق مكلب العدالة الإجتماعية والذي كان من أهم دواع قيامها:

بيان الإخوان المسلمين

عن الإصلاح المنشود في العهد الجديد

(يوم أول أغسطس 1952م)

بيان من الإخوان المسلمين في الموقف الحاضر...

أذاع مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين البيان الآتي:

يسر الإخوان المسلمين – وقد اضطلعت الحكومة الجديدة بأعباء الحكم في هذه الظروف العصبية التي تجتازها قضية الوادي، واجتمعت على تأييدها كلمة الأحزاب – أن تستهل عهدها بتأكيد الحرص على إدراك الحقوق الوطنية التي اجتمعت عليها البلاد وهى الجلاء والوحدة وأن تقرر أنها ماضية في خطة التحرير التي أعقبت إلغاء المعاهدة...

وينتهز الإخوان هذه الفرصة ليؤكدوا للحكومة أن الأمة على أتم الاستعداد لتحمل المزيد من الجهود، والتضحيات التي يقتضيها تحرير الوادى شماله وجنوبه

كما يسر الإخوان المسلمين ما أعلنه رفعة رئيس الحكومة من اعتزازه بالحريات وكراهته للأحكام العرفية وحرصه على إلغائها متى زالت أسباب قيامها ولو فى خلال أسبوع واحد، ويهيبون بمقامه الرفيع أن يتعجل هذا الإلغاء حيث لا ضرورة لقيام الحكم العرفى وخاصة بعد أن قال رئيس الحكومة منصفا أن ما حدث فى مصر يحدث مثله فى كل بلاد العالم.

وإلى أن يتحقق هذا الإلغاء يأمل الإخوان المسلمون أن تبادر الحكومة إلى إطلاق الحريات

ويود الإخوان المسلمون فى غمرة هذه الأحداث الوطنية الكبرى أن يضعوا تحت الحكومة قضايا الإصلاح الداخلى وتحقيق العدالة الاجتماعية التى تعالج الخلل والفساد وتهيىء للأمة حياة كريمة تتسم بالأمن والطمأنينة والإستقرار

والله أكبر ولله الحمد ...

كما كان للشهيد سيد قطب بعض الكتابات التي تناولت قضايا متعلقة بتطبيق العدالة الاجتماعية وإنهاء الإقطاع وخاصة في ظل تؤخر مجلس قيادة الثورة في إنهاء الإقطاع، فكتب تحت عنوان (تصحيح للأوضاع): أن ما تم صبيحة يوم الأحد الماضي كان تصحيحا للأوضاع، تصحيحا لا مفر منه.

فقد كان عجيبا أن تقوم الثورة لإزالة عهد الإقطاع، ثم يبقى أمراء الإقطاع طلقاء يحاربون الثورة مطلقي اليد، وفى أيديهم المال والنفوذ المأجورون.

وكان عجيبا أن تقوم الملوثون والمفسدون والمرتشون طلقاء، يشترون الصحافة ويبثون الفتن والدسائس، ويطلقون الإشاعات والأراجيف.

وكان عجيبا أن تقوم الثورة لإصلاح أداة الحكم، ثم يبقى الرجال القدامى الذين فسد على أيديهم الحكم، يصرفون الأمور بعقلية الروتين، يفتحون أبوابهم وصدورهم لكل من يريد تعويق حركات الإصلاح ...

كما نشرت مجلة الدعوة تحت عنوان (أموال تحديد الملكية):

من أهم أغراض تحديد الملكية الزراعية تقريب مستويات المعيشة بين الطبقتين الكادحة والمترفة وذلك برفع مستوى الأولى وتخفيض مستوى الثانية بحيث يهبط الفارق المادي الذي هو عنوان التفاوت بين الطبقات وهذا يحقق عدة نتائج طيبة أبرزها:

أ- تخفيف وطأة الحرمان الذي يدفع الطبقة الكادحة إلى التبرم والسخط وكراهية النظم القائمة .

ب- انعدام الجرائم التي تدفع إليها المسغبة كالسرقة والزنا والاتجار بالمحرمات.

جـ- صيانة فائض الدخل الذي يبدده الأغنياء لا في الكماليات فحسب بل فيما يقوض المجتمع ويتلف أفراده كالخمر والميسر والحفلات الماجنة والسهرات الخليعة.

د- القضاء على طغيان رجال الإقطاع.

فماذا يكون الحد المناسب للملكية الذي يتحقق به تقريب مستويات المعيشة؟ ...

كما نشرت أيضاً بعنوان (أين قانون تخفيض إيجارات المساكن؟):

في مطلع العهد الجديد أذيع بين الناس أن الوزارة ستصدر قانونا ستخفض به إيجارات المساكن، باعتبار هذه الإيجارات العبء الأكبر على مالية الموظف والتاجر ومتوسط الحال، وأنه لا معنى لبذل الجهود لتوفير 20 قرشا في الشهر في السكر، أو قرشين في البترول أو ملاليم، وعلى المستهلك عبء عدة جنيهات تدفعها مرة واحدة، تقضم ماليته قصما يذهب بها ويربكها إلى آخر الشهر.. وقد سبقت إحدى الجرائد الحوادث فحددت النسب... ثم قيل بعد ذلك أن القانون سيدرس وحتى الآن لم يدرس القانون ولم نسمع عنه شيئا.. إننا لا نريد لهذا العهد الكريم الذي اتسم بالسرعة والجراءة والنشاط ألا يذكرنا بالعهد القديم البائد... نريد هذا القانون الذي لن تصلح الأمور إلا به ...

العدالة الاجتماعية في البرامج الإخوانية

ركزت البرامج الانتخابية الإخوانية المختلفة على مبادئ تحقيق العدالة الاجتماعية والتي طانت مع قضية مواجهة الفقر ومحاربة البطالة أحد الركائز الأساسية لهذه البرامج..

برنامج التحالف الإسلامي المصري عام 1987

تضمن البرنامج الانتخابي للتحالف الإسلامي لانتخابات عام 1987 البرلمانية في مصر والذي تكون من جماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى حزبي العمل والأحرار في القسم الخامس منه، الوسائل لتحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة المشاكل المعيشية، فنص على عدة خطوات اقترحها لإيقاف انتشار الغلاء ولتحقيق العدل الاجتماعى ::

(أ‌) القضاء على التضخم النقدي كسبب رئيسي للغلاء ويقتضي هذا وقف الاعتماد على الإصدار النقدي (أي طبع أوراق نقدية جديدة) لسد ما قد يوجد في موازنة الدولة من عجز.

(ب‌) ضغط الإنفاق العام الحكومي بمنع الإنفاق على أبهة الحكم ومظاهره وتخفيض نفقات المهرجانات والاستقبالات، ومراجعة نفقات السيارات، والاستراحات، والأبنية الحكومية، وخفض نفقات التمثيل الخارجي، ووضع الضوابط لسفر الوفود الرسمية، والتخلص من المنشآت العامة الاقتصادية الخاسرة والأجهزة الرسمية عديمة الجدوى كالمجالس القومية المتخصصة، ومواجهة حرائق وحدات الإنتاج التي تلحق بالاقتصاد القومي أفدح الأضرار، وعمليات تأخير تفريغ البواخر بميناء الإسكندرية تفاديا لدفع غرامات التأخير، وعدم التوسع في نفقات العلاج بالخارج خاصة بالنسبة لما هو متوافر في مصر، وتخفيض نفقات الإعلانات والعلاقات العامة في الوزارات والهيئات والشركات العامة.

(ج) إنشاء إدارة متخصصة للأسعار تتولى متابعتها، ودراسة الظروف التي تطرأ عليها، وما يقتضي تسعيره من سلع ومنع الوسطاء بين المنتجين والمستهلكين بما يتسبب في تضخم الأسعار ويخلق مجالات للتحكم والتلاعب والكسب الحرام.

(د) إصلاح النظام الضريبي في مصر بزيادة التركيز على الضرائب المباشرة التي تفرض على الدخول الكبيرة التي لا تتفق على الإنتاج حتى لا يؤدي اتفاقها الكبير على الاستهلاك إلى زيادة الأسعار، وفرض ضريبة على مظاهر الإنفاق الترفي المعبر عن هذه الدخول الخفية المصدر، مع زيادة الضرائب المباشرة، وتخفيض غير المباشرة بالنسبة لمحدودي الدخل تحقيقا للعدل الاجتماعي.

(هـ) رفع الحد الأدنى للأجور ومستوى الأجور في الدولة والقطاع العام، والأخذ بنظام يقضي بالزيادة التلقائية لفئات الأجور والمعاشات بما يتمشى مع زيادة التضخم والارتفاع تحت إشراف مجلس قومي - وليس حكوميا بحتا - للأجور والأسعار يختص برسم ومتابعة تنفيذ سياسات الأجور والأسعار ويراعى أن تمثل فيه النقابات العمالية.

(و) إعادة النظر بصورة جذرية في مرتبات العاملين بالحكومة والقطاع العام لرفعها بما يؤدي إلى تضييق الفروق الشاسعة غير المقبولة للأجور والمرتبات عن الأعمال المتماثلة التي تؤدى فيها وفي كل من القطاع الخاص والاستثماري والمشروعات المشتركة.

(ز) الإبقاء على الدعم للسلع الأساسية مع إلغائه بالنسبة للسلع التي لا ضرورة لاستعمالها وتقريره في المراحل النهائية للإنتاج حتى لا يتسرب لغير مستحقيه خلال المراحل السابقة ...

مبادرة الجماعة للإصلاح السياسي 3/3/2004م

اشتملت مبادرة الجماعة للإصلاح السياسي والتي أعلنها المرشد السابق الأستاذ محمد مهدي عاكف فى 3 مارس 2004 على محور خاص بالإصلاح الاجتماعي، ركزت فيها على اتخاذ عدة خطوات هامة لتحقيق التماسك والسلام الاجتماعي ورفع مستوى الفئات المهمشة، كما جاء في البند السابع منها الذي نص على ضرورة إقامة العدل الاجتماعي، فقالت تحت عنوان " في مجال الإصلاح الاجتماعي":

" نحن نؤمن بأن التماسك والسلام الاجتماعي ضرورة لكل تقدُّم، وهذا يتطلب العمل الجادَّ والمستمر علي القضاء علي مظاهر الفقر والحدًّ من آثارها، كما يتطلب القضاء علي العشوائيات، ومحاربة الإدمان والمخدرات، ورفع مستوي الفئات المُهَمَّشة، وتضييق الفجوة في توزيع الدخل والثروة، من خلال مؤسسات الزكاة في ظل نظام إسلامي متكامل .

فيتمثل الإصلاح الاجتماعي - في نظرنا - فيما يلي :

1- تحقيق الربَّانية والتدين في المجتمع .

2- الحفاظ علي الآداب العامة، وتعزيز مؤسسات النظام الاجتماعي .

3- دعم مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية .

4- رعاية الأسرة، وبالذات (المرأة والشباب والأطفال) .

5- محاربة الجرائم والفساد .

6- إحياء نظام الحًسٍبة .

7- إقامة العدل الاجتماعي، وتوفير العمل والكسب .

8- العناية بالصحة العامة .

9- إصلاح التربية والتعليم .

10- تنظيم السياحة، وخاصة السياحات العلمية والثقافية والعلاجية والبعد عن أنواع السياحات المشبوهة .

11- تأهيل العاطلين مهنيًّا، وتوفير فرص العمل المناسب لهم .

12- الحفاظ علي كيان الأسرة الشرعية أساساً للمجتمع ومَحضًنيا للنشء، وبيئة صالحة للتربية، والتصدي لمحاولات الخروج عليها، والالتفاف من حولها لإقامة علاقات غير شرعية بكل أشكالها ...

برنامج الجماعة لانتخابات مجلس الشعب 2005م في مصر

حيث ورد فيه: " يعتقد "الإخوان المسلمون" أن تحقيق الوفرة الاقتصادية وإقامة الحياة الطيبة فريضةٌ دينيةٌ وضرورةٌ بشريةٌ، والواقع الاقتصادي العالمي أحد أهم ما يتطلبه أمم قوية اقتصاديًّا وأفرادها يعيشون في وفرة من العيش، وبدون ذلك ضاعت الأمم وعاش أفرادها في إحباط، وأصبحت لديهم القابلية للاستعباد لباقي الأمم"

ومن هنا فقد حرصت الجماعة على تضمين برنامجها لخوض انتخابات مجلس الشعب ( البرلمان) عام 2005 في مصر حلول ووسائل تراها ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية تحت عنوان (الإصلاح الاجتماعي... الحقوق التأمينية والتقاعدية)، حيث ذكر:

تُعد أنظمة التأمين الاجتماعي من الأنظمة المهمة والرئيسة في أي دولة في العالم؛ وذلك لما تمثله من استمرارية الدخل، خاصةً في حالات الإصابة، والعجز، والوفاة؛ ونظرًا لأن أنظمة التأمينات والمعاشات إحدى الركائز الأساسية لمحدودي الدخل، ولأن كافة الحكومات السابقة والحالية كل همِّها هو الاستيلاء على أموال المعاشات لسد عجز الموازنة العامة للدولة، دون التفكير في بدائل أخرى، كضغط الإنفاق والحد من الإسراف وغيرها.

وأهم مشاكل نظام التأمين الحالي:

تعدد قوانين التأمين الاجتماعي.

نظام التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، والخاص بالعاملين في الدولة.

نظام التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومَن في حكمهم الصادر بالقانون رقم 108 لسنة 1976.

نظام التأمين الاجتماعي الشامل الصادر بالقانون رقم 112 لسنة 1980.

نظام التأمين الاجتماعي على عمل المصريين العاملين في الخارج الصادر بالقانون رقم 50 لسنة 1978.

أنظمة التأمين الخاصة البديلة وينظمها القانون رقم 64 لسنة 1980.

التغطية الفعلية للأنظمة القائمة أقل من المستهدف "عدد المؤمَّن عليهم 18 مليونًا"؛ بسبب عدم الاشتراك فيها أو الاشتراك بأجور أقل.

صدور العديد من الأحكام بعدم دستورية بعض نصوص قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فضلاً عن أن العديد من أحكامه محل للطعن بعدم الدستورية.

تزايد حجم المديونية المستَحَقَّة على الخزانة العامة لصالح الهيئة المصرية للتأمين.

تراكم مديونيات بعض الجهات خاصةً بعض المؤسسات الصحفية وبعض شركات قطاع الأعمال العام والخاص، وتراكم المديونيات لفترة طويلة ولا تسدد لصندوق التأمين الاجتماعي.

تلتزم الهيئة القومية للتأمين بإيداع قائمة إيراداتها وإحتياطاتها النقدية ببنك الاستثمار القومي، وذلك طبقًا لنص المادة (625) من القانون رقم 119 لسنة 1980، بإنشاء بنك الاستثمار القومي، كما تلتزم بألا تستثمره في أي وجه من الوجوه إلا بعد موافقة مجلس إدارة البنك.

وهذا الوضع يتنافى مع كون هذه الأموال ملكيةًَ خاصةً لأفراد المجتمع، وحقهم في أدائها بصورة كاملة بما يحقق مصالحهم وينمِّي مدخراتهم.

الحلول المقترحة:

تجميع أنظمة التأمين الاجتماعي القائمة في قانون واحد، وتخفيض فصول مستغلة لتغطية كل فئة من الفئات التي تغطيها الأنظمة القائمة، ويراعى في القانون عدم تجاهل الجوانب الدستورية والقانونية والحقوق الحالية لأصحاب المعاشات الموجودة حاليًا في القانون، مع الدراسة الاقتصادية والفنية حتى نحقق الاستفادة القصوى لمحدودي الدخل.

رفع كفاءة الأجهزة الحالية في الصرف والتحصيل ودعمها تشريعيًّا للحصول على مستحقاتها المتأخرة لدى جهات القطاع العام والخاص.

اقتراح نظم اختيارية بمنح معاشات إضافية يموَّل من اشتراكات المستفيدين من النظام فقط.

إعادة النظر في قانون بنك الاستثمار القومي، بما يسمح للهيئة القومية للتأمين بإيداع احتياطيات في الحسابات التي تحقق لها أعلى العوائد بالبنوك المصرية، وأدائها كليًّا بنفسها بالاستعانة بخبرات محلية وعالمية.

عقد اتفاقيات مع دول العالم، خاصةً التي يعمل بها عدد كبير من المصريين العاملين في الخارج؛ بهدف عدم الازدواج التأميني، والمحافظة على حقوقهم التأمينية.

تيسير صرف المعاش للمواطنين والتوسع في خدمة توصيل المعاشات لكبار السن والمرضى في منازلهم، ودراسة إمكانية عمل بعض مكاتب الصرف فترة مسائية على مستوى الجمهورية ..(115)

 برنامج حزب الجماعة الإصدار الأول (25 أغسطس 2007)

اهتم برنامج الحزب الذي عزمت الجماعة على تأسيسه في إصداره الأول (25 أغسطس 2007) - والذي ظهر بصورته النهائية في برنامج حزب الحرية والعدالة عام2011 – بصورة أساسية بالبعد الاجتماعي معتبراً البُعد الاجتماعي أحد أهم مُحدِّدات الأمن القومي طبقًا للمعايير التي اعتمدها العالم في غضون المائة عام الأخيرة؛ وعلى اعتبار أنَّ السِّلم الأهلي والأمن الاجتماعي- بكل فئاته- هو أحدُ مكوِّناتِ استقرار الدَّولة وحمايَة تماسُكِها في مواجهةِ أيِّ طارئٍ.

كما رأى الحزب في برنامجه أن العدالة الاجتماعيَّة من أهم مكونات العدل في الإسلام، وقال :

" وتقوم العدالة الاجتماعيَّة في الدين الحنيف على عددٍ من الرَّكائزٍ؛ أهمها: المساواة الإنسانيَّة الكاملة، والَّتكافُل الاجتماعي الوثيق، ويُقْصَدُ به التزام الأفراد بمعاونة بعضهم بعضًا؛ وفي داخل الأُسرة ثمَّ المُجتمع المحلي وصولاً إلى مسئوليَّة الدَّولة عن أفرادِ هذا المُجتمع.

وأضاف البرنامج " كما ترتبط قضيَّة البعد الاجتماعي بالعدالة الاجتماعيَّة؛ فإنَّها ترتبط- أيضًا- بقضيَّة الأمن الاجتماعي الذي يعني "كل ما يُطَمْئِن الفرد على نفسهِ وعلى مالهِ، والشُّعور بالطِّمأنينةِ وعدمِ الخوفِ، والاعتراف بوجوده وبكيانه وبمكانته في المُجتمع"،

ويضيف "يكتسب الأمن الاجتماعي أهميَّة كبرى لأنَّه يتعلق بالمجتمع وهو قاعدة الدَّولة، وأساس قوتها، وبالتَّالي فهو طريق تحقيق الأمن في مُخْتَلَفِ المستويات، ويجبَ التَّعامُل معه من خلال منظومة متكاملة تبتعد عن الإقصاء؛ فلا يمكن لإنسانٍ: فقير، مضطهد، معوز اجتماعيًّا.. إلخ أنْ يكون مرآةً سليمة لحضارة المجتمع وتاريخه.

كما حدد البرنامج تصورا لمعالجة قضايا شعبية تتعلق بصورة أساسية بغياب العدالة الاجتماعية

وطرح البرنامج تصور حل لمشكلتي الفقر والبطالة التي تعانى منها مصر بصورة أساسية .

التصور لحل مشكلة الفقر:

اعتمد البرنامج للتَّصدِّي لمشكلة الفقر أربعة محاور، هي:

التَّنمية: وضع خطة تنميَة شاملة على مسارَيْن؛

تنمية اقتصادية تعمل على زِّيادة الإنتاج والثَّرْوَة القوميَّة بما يترتَّب عليه من زيادة مُعَدَّلات الدخل الفردي، وعدالة توزيع الدخل القومي،

وتنمية اجتماعيَّة تعمل على رفع مستوى الحياة الاجتماعيَّة، والارتقاء بمستوى الخدمات في التَّعليم والصِّحة وغير ذلك،

مع إصلاح المسار الحالي للاقتصاد المصري باتِّجاه تلك الإستراتيجية التَنمويَّة الشاملة، خاصة للفئات الفقيرة

والعمل على توفير المُقَوِّماتِ الأساسيَّة لحياةٍ كريمة لعموم الشعب المصري، وبالذَّاتِ للفئات الفقيرة وذات الدَّخلِ المُنْخَفِض، وتشمل هذه المقومات: المسكن الملائم الذي تتوافر فيه ضروريَّاتِ الحياةِ الكريمة، الغذاء المُتوازن والصِّحي، الملبس المُناسب، الرَّعايَة الصِّحيَّة الحقيقيَّة، والخدمات التَّعليميَّة الجادة والمجانيَّة.

التَّوعية: في الإعلام ودور العِبَادَة والمُؤَسَّسات الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة بمخاطر عدد من السُّلوكيَّات الفرديَّة والمُجتمعيَّة التي تتسبَّب في ظهور بعض المُشكلات، مع إعادة الاعتبار للعديد من القيم التي بات المجتمع يفتقدها في هذه الأيام بسبب الفقر والمشكلة المَعيشيَّة في مصر؛ ولعل أبرز القيم الواجب التَّحرُّك لإنقاذها هي قِيَم التَّكافُل الاجتماعي بكلِّ آليَّاته الإسلاميَّة من نفقاتٍ واجبةٍ وزكاة مفروضة وصدقاتٍ تطوعيَّة وغير ذلك.

إجراءات تشريعيَّة: ضمان تطبيق القوانين الموجودة، واستحداث حزمة جديدة من القوانين- والدَّفع باتجاه طرح بعض التَّعديلات الدُّستوريَّة- تدعم الدُّور الاجتماعي للدَّولة، ومواجهة الفساد، واستحداث آليات جديدة من السِّياسات الاقتصاديَّة والتَّنمويَّة التي تضمن عدالة توزيع الثروة القوميَّة لتشمل كافة فئات المُجتمع وليس فئة أو طبقة واحدة منه فقط؛ حيث يستفيد- طبقًا لها- كل مُواطن وكل شريحة.

إجراءات عمليَّة تنفيذيَّة: وتهدف:

أولاً إلى مستوى مهم وهو دعم جهود الدَّولة والجمعيات الأهليَّة وجمعيات النَّفع العام في كلِّ المجالات سباقة الذِّكر، وإدخال أموال الصَّدقات والزَّكاة بأنواعها المختلفة لتمويل مختلف الأنشطة التي تدعم برامج الرَّعايَة الاجتماعيَّة؛ مثل مشروعات الزَّواج الجماعي لمعالجة مشكلة العنوسة، أو تقديم دعم مالي شهري- أو لمرة واحدة لإقامة مشروع مُنْتِج يكون مجالاً للكسب الدَّائم ويُدخِل مبلغًا شهريًّا يكفي للوفاء بالحدِّ الأدنى لمُتطلبات العيش الكريم.

وثانيًا تأسيس الصَّناديق المُتَخَصِّصة- صناديق تكافُل- لجمع التَّبرعات الطَّوعيَّة اللازمة لعلاج هذه المشكلات، إلى أنْ تأتي السِّياسات الاقتصاديَّة والتَّنمويَّة بثمارها في الجانب الاجتماعي،

وهذه الصَّناديق تأخذ صورتَيْن:

أُولاها حساباتٍ مصرفيَّة تقبل التَّبرُّعات الماديَّة والعينيَّة،

والثَّانية تأسيس مكاتب تنفيذيَّة لتجميع البطاقات والمعلومات الخاصَّة بكلِّ مشكلةٍ على حدة، وطرح تصوراتٍ وخُطط العلاج المُختلفة في صورةِ مشروعات أو أيَّةِ أنشطةٍ أُخرى، على أنْ يكون هناك دعم فني ومادي من جانب الجهات صاحبة الخبرة في القطاعَيْن الحكومي والخاص في مجالات الأنشطة المُجْتَمَعيَّة المُخْتَلِفَة لهذه الصَّناديق، سواء في صورة دعم إداري أو خططي وصولاً إلى الدَّعم المالي المباشر وغير المُباشر.

كما تهدف- ثالثًا- إلى دعم القطاع الخاص وتقديم الحوافز الملائمةِ له لكي يتشجَّع على خوض غمار معركة الخدمات الاجتماعيَّة.

تصور حل مشكلة البطالة:

طرح برنامج الحزب – المقترح- تصور عملي وزمني لحل مشكلة البطالة التي تعانى منها مصر بصورة كبيرة، ووضع البرنامج مجموعة من الإجراءات قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى، فقال:

" يحتاج حلُّ مُشكلةِ البَطَالَة إلى اتِّخاذ مجموعة من الإجراءات والسِّياسات العلاجيَّة على المدى الطَّويل، وأُخرى يتمُّ تنفيذها في المدى القصير.

الإجراءات قصيرة المدى:

1- العمل على استغلال الطَّاقاتِ الموجودة في شتَّى قطاعاتِ الإنتاج المحلِّي؛ حيثُ إنَّ ذلك لا يحتاج إلى استثماراتٍ إضافيَّةٍ.

2- وقف عمليات الخصخصة بالنسبة للشركاتِ الرَّابحة التي يتم تسريح جزء من العمالة بها، ودفعها إلى صفوف البطالة من خلال نظام المعاش المبكر، مع ترشيد هذا النِّظام في الشركات الخاسرة التي يتم خصخصتها.

3- حماية الصِّناعة الوطنيَّة من المُنافسة القادمة مع تحرير التِّجارة العالميَّة؛ وذلك من خلال الإعفاءات وفترات السَّماح الممنوحة للدِّول النَّامية في اتفاقية منظمة التجارة العالميَّة، لحماية المشروعات الصَّغيرة والمُتوسِّطَة التَّشغيل.

4- تشجيع المشروعات الصغيرة؛ حيث إنَّها تتميز بقلة حجم رأس المال المطلوب لكل فرصةِ عملٍ، ويتم هذا التَّشجيع من خلال خفض الضَّرائب، وإعطاء فترات سماح لمثل هذه المشروعات، وتخفيف القيود الإداريَّة والإجراءات المطلوبة للموافقةِ على إنشائها، كما يُمْكِن إنشاء كياناتٍ مُسْتَقِلَّة تقوم بنشاط تسويق مُنتجات هذه المشروعات الصغيرة وفتح أسواق جديدة أمامها، وزيادة حجم صادراتها.

5- إعداد قاعدة بيانات عن نوعية الوظائف المطلوبة، والقيام بإعداد القوى العاملة لها، مع إعداد قاعدة بيانات عن واقع البَطَالَة في مصر، وبخاصة مواصفات ومؤهلات العاطلين عن العمل وأعدادهم.

6- تشجيع القطاع الخاص الوطني ومَنْحِه حوافزٌ مُشجِّعةٌ تساعده على النُّمو، واستيعاب عمالة إضافيَّة.

7- زيادة حجم الاستثمارات الحكومية خاصة في القطاعات الخِدْميَّة؛ مثل: الصِّحَّة، والتَّعليم؛ حيث تؤدِّي هذه الاستثمارات إلى رفع مستوى هذه الخِدْمات وزيادة مُعدَّلاتِ التَّوظيف.

8- التَّوسُّع في إنشاء مراكز للتَّدريب المهني، لتأهيل الأيدي العاملة لمتطلبات سوق العمل، وإنشاء مظلَّة أو شبكة لإعانة العاطلين ورعايتهم لمدة زمنيَّة مُحدَّدة- ستة أشهر في المُتوسِّط- حتى يتسنَّى لهم الحصول على عمل.

الإجراءات طويلة المدى لحلِّ مشكلة البَطالة:

1- أولاً وَضعِ إستراتيجية تنمويَّة تُوضِّح الصُّورة المرغُوبَة لحالِ الاقتصادِ المصري في الفترة القادمة (25 عامًا)، تستهدف النُّمو المُتواصِل مع التَّوظيف الكامل، وهذا الهدف لنْ يتمَّ تحقيقُه إلا من خلال الاقتصاد المُختلط يجمع بين جهد القطاعَيْن العامِ والخاص، وذلك جنبًا إلى جنبٍ مع القطاعِ التَّعاوني، فالاعتماد المُطْلَق على آلياتِ السُّوق لنْ يُحَقِّق هذا الهدف؛ فالسوق في مصر لا يزال يُعاني من تشوهاتٍ يصعب معها أنْ يعمل بكفاءة.

2- ثانيًا اختيار أساليب الإنتاج المُناسبة، فلابد من تطوير فُنونٍ إنتاجيَّة محليَّة تتناسب مع البيئة الاقتصاديَّة المصريَّة وما تتسم به من تَمَتُّعها بمَيزةٍ نسبيَّةٍ في الأيدي العاملة الماهرة ونصف الماهرة، بحيثُ يُمكن المُوازَنَة بين إخراج مُنتجٍ ذي جودةٍ عاليَّةٍ وتكلُفة مناسبةٍ، وتوظيف أكبر قدرٍ من العِمَالة، بمعنىً آخر اختيار صناعات وفُنون إنتاجيَّة تساهم في زيادة معدلات التَّوظيف (مشروعات كثيفة العِمَالة)،علي أنْ يتلازم مع هذه الخُطوة زيادة مُعدَّلاتِ الادِّخار المحلِّي للارتفاع بحجم الاستثمارات الوطنيَّة، بحيثُ يصل مُعدَّل الاستثمار المحلِّي إلى ما لا يقلُّ عن 30% من الدَّخلِ المحلِّي الإجمالي.

3- ثالثًا تنفيذ برنامج مُلائم وطموح للتَّنميَة البشريَّة للارتفاع بمستوى إنتاجيَّة العامل؛ لأنَّ عُنصر "العمل الوفير ثروةٍ وطنيَّة" ويعني ذلك ضرورة مُراعاة احتياجات التَّنميَة من الأيدي العاملة في المدى الطَّويل عندَ صياغة السِّياسات التَّعليميَّة والتَّدريبيَّة ...

برنامج انتخابات مجلس الشعب ( البرلمان) 2010م في مصر:

ركز برنامج الجماعة لخوض الانتخابات التشريعية في عام 2010 على العدالة الاجتماعية بصورة رئيسية، وخصص لذلك باب كامل في البرنامج الانتخابى وطرح رؤية الجماعة لعلاج ثلاثة مشكلات رئيسية تعانى منها مصر وهى:

ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بالإضافة الى مشكلتي الفقر والبطالة.

ورأى البرنامج الانتخابي أن تحقيق العدالة الاجتماعية والتأكد من توزيع عوائد النشاط الاقتصادي بشكل يحقق العدالة وتكافؤ الفرص من أهم واجبات الدولة.

ونص البرنامج " انطلاقاً من هذه المسئولية فإن مواجهة الغلاء والقضاء على الفقر والبطالة، وتقديم الخدمات العامة الأساسية كالمرافق والتعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، وتحسين الظروف المعيشية للعمال والفلاحين، وإيجاد حلول عملية لمشكلات اجتماعية كالعنوسة وأطفال الشوارع وذوى الاحتياجات الخاصة ورفع مستوى معيشة الأسر المعيلة وزيادة دخول أصحاب المعاشات، يعد ذلك كله من أهم أهداف برنامجنا الانتخابي، والتي سنعمل على تحقيق العدالة فيها بين جميع المواطنين على النحو التالي:

أولا: مواجهة الغلاء :

الدعوة إلى تطبيق سياسة المنافسة ومنع الاحتكار حتى لا تتحكم مجموعة من المحتكرين أو الشركات في السوق وتفرض أسعاراً فيها مغالاة فادحة للسلع والخدمات.

التزام الدولة بوضع تسعيرة للسلع والمنتجات الضرورية في حالة التلاعب في الأسعار مع المراقبة الصارمة للأسواق لرصد حالات التلاعب ومواجهتها .

الالتزام بضوابط الجودة للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين .

العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية كالقمح والسكر والزيت واللحوم.

تشجيع ودعم جمعيات حماية المستهلك لتعريفه بحقوقه الاستهلاكية التي من أبرزها سلامة المنتج والحق في التعويض عن الأضرار التي يتعرض لها.

العمل على ترشيد سياسة الخصخصة وضبطها وفق محددات واضحة، وخصوصاً بالنسبة للصناعات الإستراتيجية ..

تشجيع الإنتاج المحلي وتنظيم عمليات الاستيراد.

ثانياً: مكافحة ظاهرة الفقر:

برنامجنا هدفه الرئيسي هو السعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر، والزكاة والوقف من الطرق التي سلكها الإسلام لمكافحة الفقر والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتدعيم التضامن والتكافل الاجتماعي ومنع تكدس الثروة في أيدي القلة.

ومن أجل مواجهة حقيقية للفقر في مصر سوف نعمل على :

تقديم مشروع قانون لتعديل قانون الضرائب بإقرار ضرائب تصاعدية على الإيراد العام ورفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل العام، لتحقيق العدالة الضريبية، وإنصاف أصحاب الدخول الثابتة من الموظفين، وبخاصة العاملون بالحكومة والبالغ عددهم نحو 5.6 مليون فرد.

تفعيل الزكاة والوقف بما يتيح فرص عمل للفقراء ويقدم لهم إمكانيات الدعم المادي والتدريب، وامتلاك أدوات الحرف، حتى يخرجوا من دائرة الفقر، إلى ساحات العمل والإنتاج .

إعادة توزيع الدخول بما يحقق العدالة ويضمن حصول كل فرد على عائد يكفي الحد الأدنى لمتطلبات الحياة، وفي هذا الصدد سنعمل على إصدار قانون بتحديد الحد الأدنى للأجور وكذلك الحد الأعلى، وتغيير هيكل الأجور الحالي بما يجعل الأجور الأساسية هي عماد الرواتب، وأن تكون الحوافز والمكافآت حسب الأداء.

التقدم بمشروع قانون لتعديل قانون التأمينات الاجتماعية، لتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية لتشمل كل المصريين، وبخاصة شريحة المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي.

توفير الخدمات الأساسية الصحية والغذائية والتعليم والسكن والنقل والمواصلات وذلك للارتقاء بمستوى حياة الأفراد.

دعم المشروعات الصغيرة، وتوفير القروض الحسنة وتسهيل الإجراءات الخاصة بالحصول عليها.

تفعيل وتنظيم الدور الاجتماعي لرجال الأعمال.

ثالثاً: معالجة مشكلة البطالة:

على الرغم من تضارب الأرقام الخاصة بحجم البطالة فى مصر، حيث تشير الأرقام إلى أنها تتراوح ما بين 9% – 12%، فإن من المسلم به أن البطالة تضرب تقريباً أجناب كل بيت فى مصر، وتشمل الريف والحضر، والذكور والإناث، وسمتها الغالبة أنها بطالة متعلمين، وترجع أسباب هذه المشكلة لعوامل عدة، كما تتعدد آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكننا سنشير وبما يقتضيه المقام إلى رؤيتنا لتبني سياسات تهدف لحل المشكلة:

إنشاء صندوق قومي لمنح إعانة بطالة للمتعطلين وتيسير إجراءات الحصول عليها، وذلك من خلال تقديم مشروع قانون ينظم هذا الأمر، وضرورة وجود قاعدة بيانات حقيقية عن أوضاع البطالة.

إعادة تشغيل الطاقات المهدرة والموجودة فى مختلف قطاعات الاقتصاد القومى.

إعادة النظر فى سياسة الخصخصة والمحافظة على المشروعات العامة الناجحة حتى لو تم بيعها للقطاع الخاص سعياً لزيادة كفاءتها.

العمل على تحسين مناخ الاستثمار والقضاء على معوقات انطلاق القطاع الخاص.

النهوض ببرامج الخدمات الصحية والتعليمية العامة وهو الأمر الذى سيستوعب أعدادًا كبيرة من الخريجين.

التوسع فى برامج التدريب للمهن المختلفة.

العمل على إيجاد فرص عمل منتجة، ويتحقق ذلك من خلال وجود دفعة قوية للاستثمار والنمو في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي.

الارتفاع بمستوى الاستثمارات القومية بما لا يقل عن 30 % حتى يمكن استيعاب الأعداد الداخلة سنوياً لسوق العمل.

الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل حقيقي دون الاكتفاء بنقل الملكية للمشروعات المحلية القائمة مع تعزيز هذه الاستثمارات في مجال الصناعات الاستراتيجية.

الاهتمام بنوع التكنولوجيا المناسب لمشروع التنمية فى مصر، وبخاصة فى المراحل الأولى حيث يكون الواجب التركيز على التكنولوجيا والصناعات كثيفة العمالة.

إعادة التوازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.

رابعاً: تحسين أوضاع العمال والفلاحين :

إعادة هيكلة الأجور في مصر حتى تتماشى مع الحد الأدنى لتوفير فرصة حياة كريمة للأسرة المصرية بحيث لا يقل الراتب الشهري عن 1200 جنيه مع إلزام جهات العمل بإعادة النظر دورياً في مستويات الأجور لتتواكب مع المستوى العام للأسعار.

تعديل بعض مواد قانون التأمينات الجديد لاسترداد أموال التأمينات.

تعديل بعض مواد قانون التأمينات والمعاشات رقم 79 لسنة 1975م، لتغطي مظلة التأمينات كل المصريين.

تعديل بعض مواد قانون العمل 12 لسنة 2003م لصالح العمال.

التوسع في إنشاء المدارس الصناعية والفنية، وتطويرها بما يحقق مستوى تعليمي وتأهيلي متميز يغطي كافة متطلبات سوق العمل .

التقدم بمشروع قانون التأمين الصحي بما يمنع خصخصة التأمين الصحي لإتاحة الرعاية الصحية وتوفير سبل الحصول عليها للجميع مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة في القانون الحالي.

زيادة دعم الفلاحين لمواجهة الزيادة المستمرة في ارتفاع تكلفة العملية الزراعية.

تسهيل تسديد مديونية صغار الفلاحين لبنك التنمية بدون فوائد.

تثبيت العمالة المؤقتة في قطاعات الزراعة.

تفعيل نقابة العاملين بالزراعة والري للقيام بدورها فى رعاية مصالحهم، وتبني مطالبهم ...

رؤية حزب الحرية والعدالة لمفهوم العدالة الاجتماعية

ركز حزب الحرية والعدالة في برنامجه الأساسي على سعى الحزب لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وعدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات

وقد اشار برنامج الحزب فى الفصل الثاني تحت عنوان (المبادئ السياسية الأساسية) فذكر فى فقرته الثانية تحت عنوان (المساواة وتكافؤ الفرص):

يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضرورياً لتحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق:

أ- عدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون بإتاحة الفرص أمامهم فى التعبير عن الرأى، والترشح، وتولى الوظائف والتنقل، والانضمام للتنظيمات السياسية، والتعليم والعمل، فى ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع .

ب- تمكين المرأة من كافة حقوقها بما لا يتعارض مع القيم الأساسية للمجتمع، وبما يحقق التوازن بين واجبات وحقوق المرأة.

ج- سن التشريعات التي تجرم الواسطة والمحسوبية وتوفير الإجراءات التطبيقية التي تضمن تكافؤ الفرص.

كما وضع الحزب رؤية خاصة وخطوات عملية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع وأجمل هذه الخطوات فى عدة نقاط هى:

1- إرساء مبدأ المساواة بين الأفراد في المشاركة في الاقتصاد الوطني كل حسب مهاراته وقدراته وهو ما يعني ألا تكون هناك فرصة للوساطة أو المحسوبية، فالعبرة يجب أن تكون للقدرة والكفاءة. ويستلزم ذلك أن يتاح لأفراد المجتمع ككل وسائل بناء القدرات والمهارات حتى يتمكنوا من المشاركة الفعالة.

2- مواجهة قضية الفقر باعتبارها مظهرا من مظاهر انعدام العدالة الاجتماعية وذلك بالقضاء على أسبابه، ومحاربتها، والعمل على توفير متطلبات الحياة الأساسية لجميع أفراد المجتمع، ويشدد الحزب هنا على أهمية توظيف التمويل المجتمعي من زكاة ووقف وصدقات وغيرها في معالجة الفقر، وتوفير تمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة للفقراء من هذه الأموال، لانتزاعهم من دائرة الفقر. ويقترح الحزب أن تضاف إلى مخصصات الفقراء بالموازنة العامة، نسبة 20% من الإيرادات البترولية والتعدينية تحت بند زكاة الركاز، للعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية.

3- يقترح الحزب تعديل قانون الوقف الحالي لكي يعمل على تشجيع الأثرياء لإنشاء أوقاف جديدة، من خلال توفير عنصر الثقة، وإطلاق مبادرات خيرية جديدة للنفع العام، وبخاصة في مجال وقف الأموال المنقولة، حيث أصبحت تشكل جزءًا رئيسيًا من الثروة، وكذلك توحيد النظام القانوني والإداري لجميع الأوقاف المصرية (إسلامية ومسيحية) على أساس المواطنة، وليس الانتماء الديني.

4- إعادة هيكلة أنظمة المعاشات والضمان الاجتماعي وبخاصة للفئات الفقيرة حتى تضمن الحياة الكريمة لهؤلاء.

5- إعادة هيكلة مخصصات الدعم بالموازنة على نحو يلبي احتياجات الفقراء ويرشد من الهدر والتسرب لأنظمة الدعم الحالية.

التكافل الاجتماعي:

فإذا لم يجد عملاً أصلاً أو كان عمله لا يكفيه أو كان غير قادر عليه، وجب على ولي الأمر أن يتدخل ليحقق له ضرورات الحياة المذكورة آنفًا بالزكاة. وهي فريضة مقررة مقدرة وليست صدفة يدفعها الغني متفضلاً، وهي حق للفقراء، وتصرف حيث تجبى ولا تنقل إلى مكان آخر حتى يستوفي أهل كل جهة بفقرائها الذين يعرفون حاجتهم، فيشعر الأغنياء والفقراء بأنهم متكافلون متراحمون.

فإن لم تكف الزكاة لتوفير تلك الحاجات الضرورية، وجب على من عنده فضل مال أن يرده على الفقراء حتى يستوفوا حاجاتهم، فإن لم يفعلوا أجبرتهم الحكومة على ذلك، واتخذت من التشريعات ما يكفل إصلاح حال المجتمع بقدر ظهور الحاجات وبروز الضرورات.

وقبل توفير هذه الضروريات الأساسية لكل فرد لا يوقع الإسلام حد السرقة على السارق.

وبناء على هذه المبادئ يجب النظر في عدة إجراءات يلزم أن تتخذها الدولة لتحقيق تلك الغايات، نلخص أهمها فيما يلي:

1- تحديد الملكيات الزراعية. فإن الملكيات الكبيرة قد أضرت أبلغ الضرر بالفلاحين والعمال وسدت في وجوههم فرص التملك، وصيرتهم إلى حال أشبه بحال الأرقاء، فلا سبيل إلى إصلاح جدي في هذا الميدان إلا بتقرير حد أعلى للملكية وبيع الزائد عنه إلى المعدمين وصغار الملاك بأسعار مقبولة تؤدى على آجال طويلة، كما يتعين توزيع جميع الأطيان الأميرية المستصلحة والتي تستصلح على صغار الملاك والمعدمين خاصة.

2- تحديد العلاقة بين المالك والمستأجر، فمن الواضح أن عددًا كبيرًا من المشتغلين بالزراعة لن تتوفر له ملكية حتى بعد التحديد، وذلك نظرًا إلى قلة الأراضي الصالحة للزراعة بالقياس إلى عدد المشتغلين بها.

ولقد جرت العادة أن يلزم المستأجر بأداء مبلغ نقدي أو قدر عيني من المحصول لقاء انتفاعه بكل فدان دون مراعاة للقصد والاعتدال، الأمر الذي يترتب عليه أن يحرم الفلاح ثمرة عمله طوال العام، بل يخرج في أكثر الأحيان مثقلاً بدين لا يستطيع أداءه.

ولا علاج لهذه الحال، بعد تحديد الملكية، إلا بإصدار تشريع يقصر التأجير على المزارعة، بمعنى انقسام المحصول بنسبة يتفق عليها كالنصف مثلاً؛ لأنها أقرب الصور إلى العدالة.

3- استكمال التشريعات العمالية: بإعادة النظر في التشريعات الحالية لتشمل جميع فئات العمال بما فيهم العمال الزراعيين، ولتكفل للعامل وأسرته التأمينات الكافية ضد البطالة والإصابات والعجز والمرض والشيخوخة والوفاة -مع مراعاة جعل الانتساب إلى النقابات إجباريًا، وإباحة تكوين الاتحادات النقابية وتحديد أجور العمال وفق المبادئ الإسلامية على أسس اقتصادية سليمة، مع ضمان حصول العمال على نصيبهم من غلة الإنتاج، وإلغاء مكافآت مجالس إدارة الشركات، على أن يكون تقرير هذه الحقوق وحمايتها بنصوص قانونية صريحة.

4- إصلاح نظم التوظيف: على أساس تقريب الفوارق بين الحد الأعلى والحد الأدنى للمرتبات والأجور، وكفالة الضمانات القانونية والمالية في الخدمة والمعاش وتأمين المرءوسين ضد أهواء الرؤساء واستبدادهم وتحديد التبعات وتبسيط الإجراءات وإلغاء المركزية.

مبدأ العدالة الاجتماعية في برامج الأخوان في الاقطار الأخرى

للتأكيد على أصالة هدف الحرص على تحقيق العدالة الإجتماعية مبادئ وأسس وجهود عملية تطبيقية في فكر ومفهوم الجماعة، نورد هنا ما ورد في أحد الرسائل التربوية والتي تدرس داخل أسر الجماعة  الإسلامية في لبنان-وهي المحضن التربوي الأول لأفراد الجماعة، حيث تقول: " ... والركن الثالث من الاقتصاد الإسلامي هو مبدأ العدالة الاجتماعية التي جسدها الإسلام فيما زود به نظام توزيع الثروة في المجتمع الإسلامي من عناصر تكفل للتوزيع قدرته على تحقيق العدالة الإسلامية وانسجامه مع القيم التي يرتكز عليها فان الإسلام حين أدرج العدالة ضمن المبادئ الأساسية التي يتكون منها نظامه الاقتصادي، لم يتبن العدالة الاجتماعية بمفهومها التجريدي العام ولم يناد بها بشكل مفتوح لكل تفسير، ولا أوكله إلى المجتمعات الإنسانية التي تختلف في نظرتها للعدالة الاجتماعية باختلاف أفكارها الحضارية ومفاهيمها عن الحياة..

وإنما حدد الإسلام هذا المفهوم وبلوره في مخطط اجتماعي معين واستطاع – بعد ذلك- أن يجسد هذا التصميم في واقع اجتماعي حي، تنبض جميع شرايينه بالمفهوم الإسلامي للعدالة... فلا يكفى أن نعرف من الإسلام مناداته بالعدالة الاجتماعية، وإنما يجب أن نعرف أيضاً تصوراته التفصيلية للعدالة، ومدلولها الإسلامي الخاص.

وتضيف الرسالة: " والصورة الإسلامية للعدالة الاجتماعية تحتوى على مبدأين عامين، لكل منهما خطوطه وتفصيلاته:

أحدهما مبدأ التكافل العام، والآخر مبدأ التوازن الاجتماعي.

وفى التكافل والتوازن بمفهومهما الإسلامي، تحقق القيم الاجتماعية العادلة ويوجد المثل الإسلامي للعدالة الاجتماعية.

وتوضح الرسالة تحت بند " التكافل الاجتماعي":

" وإذ كنا بصدد الكلام عن التكافل الاجتماعي في الإسلام فلنتكلم عن الوسائل العملية في تحقيق التكافل، فالوسائل في تحقيق التكافل تقوم على أمرين هامين:

أولاً: مسؤولية المجتمع:

وتقسم هذه المسؤولية إلى قسمين:

1- قسم يطالب به الأفراد على سبيل الوجوب والإلزام ويشمل الأمور التالية: (الزكاة – النذور- الكفارات- الأضاحي- صدقة الفطر- إسعاف الجائع والمحتاج .. إلخ)

2- قسم يطالبون به على سبيل التطوع والاستحباب ويشمل الأمور التالية: ( الوقف الخيري – الوصية – الضيافة- العارية – الهدية – الهبة.. إلخ).

هذه هي أهم الوسائل العملية التي قررها الإسلام لتحقيق التكافل المادي في المجتمع، وهى إن طبقت حققت في المجتمع اقوي تكافل وأعمقه وأشمله وأن تطبيق هذه الوسائل منوط بتربية الوجدان والضمير ومرتبط بفعالية الشعور والإحساس ومتعلق بمدى ما تهفو النفس إلى ثواب الله واحتساب الأجر منه.

ثانياً: مسؤولية الدولة:

ومسؤولية الدولة فى تحقيق التكافل شاقة وخطيرة فهى المسؤولة عن الطبقة الفقيرة التى لاتجد المالن أو العاجزة التى لاتستطيع العمل، أو المشردة التى لاتجد المعيل، أو المعطلة التى لاتجد وسائل الكسب.

لهذا نجد أن الحاكم المسلم مسؤول أمام الله، هل أدى الحقوق، وحكم بالعدل،أم أهمل وقصر؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع).

إن مسؤول ة الدولة فى تكوين المجتمع الأفضل وتحقيق العيش الأرغد تحدد فى واجبين هامين:

1- تأمين موارد المال: ويمكن أن نحصر الموارد التي تقوم الدولة على تحقيقها وتأمينها في الأمور التالية:

أ‌- جباية الزكاة : وللعلم يجب أن يعرف أن الزكاة فريضة وليست صدقة تطوع، وإنها ضريبة يعاقب تاركها، وأن الدولة تتولى جبايتها وتوزيعها على المستحقين.

ب‌- الاستفادة من الوقف الخيري: ولا يخفى أن الدولة إذا أحسنت الاستفادة من هذا المورد ركزت دعائم التكافل وأمنت للفقراء والعجزة والأيتام ما يسد عوزهم ويصون فكرامتهم ويحفظهم من الفاقة وذل السؤال.

ج- الاستفادة من وسائل التكافل الفردي: كالإشراف على (الوصايا) و(النذور) و(الأضاحي) ومورد الكفارات وصدقة الفطر وغيرها من وسائل التكافل الفردي.

د- الاستفادة من أموال الأغنياء عند الحاجة: ففى القاعدة الشرعية (يجب دفع الضرر الأعلى بتحمل الأدنى)

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله (وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم، ولا في سائر اموال المسلمين بهم. فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة).

2- توزيع المال على المستحقين: فالدولة بعد أن تشرف على جباية الأموال الآنفة الذكر تقوم بواجب توزيعها على المستحقين وهم: الفقراء – المرضى – العميان – المقعدون- الشيوخ- اللقطاء – اليتامى – الأرامل اللواتي لا يجدن المعيل- الأسرى- أبناء السبيل وغيرهم.

المبحث الخامس

الممارسة العملية

لتطبيق العدالة الاجتماعية

مقدمة

استعرضنا في المباحث السابقة الرؤى المبدئية التأصيلية للجماعة سواء فى الفكرية والتربوية والتنظيمية تجاه قضية العدالة الاجتماعية.

وفي المبحث التالي نتناول الممارسة العملية للجماعة في هذا المجال سواء على أرض الواقع أو من خلال الممارسة البرلمانية لبعض نوابها ، من واقع ما ورد في بعض الدوريات والمجلات الخاصة والتي استعرضت مساعي الجماعة لتطبيق العدالة الاجتماعية.

اهتمت الجماعة منذ نشأتها بأن تكون مبادئها قابلة للتطبيق وعملية أكثر منها نظرية وانتهجت القاعدة المشهورة "عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل" ...

فقد التزمت الجماعة منذ تأسيسها بمنهج السعي العملي لتطبيق أفكارها وخاصة الأفكار المجتمعية، ومن بينها الانتشار بين المجتمع وعموم الناس والسعي لتطبيق العدالة الاجتماعية،

وبسبب وعى الإمام البنا بمقاصد مفهوم الزكاة والصدقات وأعمال البر عموما وإدراكه أثر ذلك في سلامة الفرد والمجتمع المسلم، وكيف أن الإسلام له مع كل مشكلة اجتماعية دواء، وإدراكه كذلك لأهمية الدواء الأول في كل علاج: صلاح النفوس والتضامن الاجتماعي، فقد اهتم رحمه الله بأمر أعمال البر والخدمات الاجتماعية العملية، وعمل على أن يكون للجماعة السبق في إحياء هذا الركن عمليا، مبتدئين بأنفسهم فيخرجوا زكاة أموالهم طيبة بها نفوسهم، فإذا نجحوا في ذلك كانوا حجة على المقصرين ودليلاً للراغبين ودعاة للقاعدين .

يقول الإمام البنا: ولهذا كان هدف الإخوان المسلمين يتلخص في كلمتين:

العودة للنظام الإسلامي الاجتماعي.

والتحرر الكامل من كل سلطان أجنبي.

ويقول أيضا: “ فمن أهدافكم أن تعملوا لإصلاح التعليم، ومحاربة الفقر والجهل والمرض والجريمة، وتكوين مجتمع نموذجي يستحق أن ينتسب إلى شريعة الإسلام “.

ويقول أيضا: “ووسيلة الإخوان في هذه الميادين: التنظيم والتطوع والاستعانة بأهل الرأي والخبرة، وتدبير ما تحتاج إليه هذه المشروعات من أموال من المشتركين تارة ومن المتبرعين أخرى إلى ما يدفع لمثل هذه المشروع “.

وكان من حرص الجماعة على تطبيق العدالة الاجتماعية ونشرها في المجتمع المصري ومحاولة إحياء روح التكافل الاجتماعي قيام الجماعة بإنشاء قسم خاص بالبر وتقديم الخدمات الاجتماعية،

كما ظهر هذا الحرص في العديد من رسائل الإمام البنا فها هو يبين ما يريده الإخوان المسلمون ويجهزون أنفسهم له فيقول: ( وتتكون الجماعة من جماعات الإخوان، فتتخذ داراً وتعمل على تعليم الأميّين، وتلقين الناس أحكام الدين، وتقوم بالوعظ والإرشاد والإصلاح بين المتخاصمين، والتصدق على المحتاجين، وإقامة المنشآت النافعة من: مدارس.. ومعاهد.. ومستوصفات.. ومساجد، في حدود مقدرتها والظروف التي تحيط بها ...

وجعل الإمام البنا العمل في مجالات البر واجب فردي على الأخ فقال مبينا سبيل كل أخ في ذلك: (أعتقد أن المسلم مطالب بالعمل والكسب، وأن في ماله الذي يكسبه حقاً مفروضاً للسائل والمحروم، وأتعهد بأن أعمل لكسب عيشي وأقتصد لمستقبلي، وأؤدي زكاة مالي وأخص جزءاً من إيرادي لأعمال البر والخير وأشجع على كل مشروع اقتصادي نافع ... ولا أتعامل بالربا في شأن من شئوني، ولا أتورط في الكماليات فوق طاقتي.

الجماعة والخدمات الاجتماعية

عندما استقرت الجماعة في القاهرة كان من أول ما اهتمت به وأنشات له مكتباً للمساعدات الاجتماعية على أحدث نظم الخدمة الاجتماعية.

وقد نص ميثيقه على أن الخدمات الاجتماعية التي يقدمها تنقسم إلى أربعة أقسام هي:-

1- خدمات مسكنة كإعطاء مساعدات للمحتاجين، وتكون عادة عينية، إلا إذا اقتضت الضرورة أن تكون المساعدة مالية، وجمع زكاة الفطر، ولحوم الأضاحي وجلودها، لتوزيعها على المستحقين.

2- خدمات شافية: كمساعدة العاطل للحصول على عمل، وذلك بالاتصال بمصلحة العمل، والمصالح الأخرى، وأصحاب الأعمال، وإقراض رؤوس أموال صغيرة في بعض الأحوال بدون فائدة، وكذلك علاج المرضى بالمجان أو نظير أجر أسمي.

3- خدمات واقية – مثل بث الدعوة الصحية بين الأسر التي يرعاها المكتب، والعمل على توفير وجبات غذائية تباع بمبلغ زهيد لفقراء الحي.

4- خدمات إنشائية: للارتفاع بمستوى الحياة العادي، وذلك بالعمل على إنشاء ناد للعمال، وصغار أصحاب الأعمال الحرة، تنظم به أوقات فراغهم لكي ينتشلوا من السقوط، ويوجهوا توجيهاً مهنياً ووطنياً وصحياً.

كما نص نظام المكتب على أن المساعدات المادية تقدم للفئات الآتية:-

أ- الأسر الكريمة التي أخنى عليها الدهر.

ب- الأسر التي فقدت عائلها الوحيد وليس لها أي مورد رزق كاف.

ج- الأسر الفقيرة التي اشتهرت بحسن السير والسلوك ولم تصدر ضدها أحكام مخلة بالشرف، ولها استعداد لمعاونة المكتب في تحقيق رسالته بتنفيذ إرشاداته وتوجيهاته ...

وحينما صدر القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بتنظيم الجماعات والمؤسسات الخيرية، انفصل هذا المكتب من هيئة الجماعة، وأصبح قسماً مستقلاً له لائحته الخاصة به، وسمي باسم " جماعات أقسام البر والخدمة الاجتماعية للإخوان المسلمين " وتوسع دائرة نشاطه إلى تقديم خدمات صحية وثقافية، بالإضافة إلى أنواع النشاط القديمة التي كان يقدمها مكتب المساعدات الاجتماعية السابق ذكره.

وقد قدم قسم البر والخدمة الاجتماعية قبل الحل خدمات كثيرة لا سبيل إلى حصرها، وكان للقسم قبل الحل 500 شعبة في أنحاء القطر المصري تشرف عليها وزارة الشئون الاجتماعية ...

أما بعد الحل والسماح للجماعة باستئناف نشاطها، فقد بدأ القسم نشاطه بمشروع ضخم يقوم به فرع البر والخدمة الاجتماعية للإخوان بحي الروضة بالقاهرة وهو بناء مؤسسة اجتماعية تشمل مسجد ومستوصف للعلاج، ومكتبة للمؤلفات العلمية، وصالة للمحاضرات.

وقد تنازلت وزارة الأوقاف عن الأرض لهذا الغرض، وتطوع الدكتور المهندس سيد كريم بعمل تصميم المشروع.

وتقوم الأقسام الرئيسية بالمركز بالمساهمة في الخدمات الاجتماعية بجوار الخدمات الأخرى التي تقوم بها، فقسم العمال والفلاحين تنص لائحته على أن من أغراضه " دراسة وشرح ونقد قوانين العمل وتبصير العمال بحقوقهم، والعمل للحصول على هذه الحقوق.

وتوجيه الشركات العمالية وصبغها بالصبغة الإسلامية، وتوجيه العمال الصناعيين للاشتراك في النقابات والمطالبة بعمل نقابات للعمال الزراعيين، وبث روح التعاون في صفوف العمال من الإخوان، والاستفادة من تكتلهم في مشروعات تعاونية.

وقد خطا القسم في سبيل ذلك خطوات عملية فأنشأ مدرسة عمالية بالمركز العام لتبصير العمال بحقوقهم، وشرح التشريعات العمالية وتبسيطها لهم، ومساعدتهم على الاستفادة من هذه التشريعات إلى أقصى حد ممكن.

كما نصت لائحة القسم أيضاً على " العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق التكافل الاجتماعي.

والأخذ بمبدأ الخدمات الاجتماعية في جميع المصانع. وحل مشاكل الفقر بين الفلاحين وما يتصل بها من مشاكل الملكية الزراعية ومطالبة الدولة بإصدار التشريعات الاقتصادية والاجتماعية التي تكفل ضمان حقوقهم.

والعمل على حل المشاكل الاجتماعية العمالية المتجددة بما يحقق مصلحة العامل الصناعي والزراعي " ...

وقد عمل قسم العمال من جانبه أيضاً على تقديم خدمات اجتماعية للعمال، وذلك بمساعدتهم في حل مشاكلهم.

ففي إدارة القسم بالمركز العام محامون متخصصون في الشئون العمالية، لتوجيه العمال التوجيه السليم، وإرشادهم إلى ما فيه صالحهم.

كما يعمل القسم أيضاً على مساعدة العاطلين على إيجاد أعمال لهم في حدود إمكانياته، وذلك بالاتصال بمصلحة العمل، والمؤسسات التجارية والصناعية التي تربطها بالإخوان صلات طيبة.

ويقوم قسم المهن بالمركز العام ببعض الخدمات الاجتماعية بالإضافة إلى أنواع نشاطه الأخرى، وقد نص على أن من أغراضه " توثيق الصلة بين أرباب المهن في مصر والبلاد الإسلامية "

وتوسل لذلك بأن يعمل على توثيق الصلة بالشخصيات المهنية، والنقابات، والأندية والروابط، والجمعيات العلمية المحلية والدولية، وتنظيم إلحاق الإخوان الخريجين في الأعمال الحكومية والحرة بحسب الحاجة والإمكان ...

المدينة النموذجية التعاونية

لم يقف الإخوان عند حد التعاون المحدود الأثر في حل مشاكلهم الخاصة، بل عملوا على أن يمتدوا بذلك التعاون حتى يشمل محيطاً أوسع في حياتهم، فكونوا الجمعية التعاونية المصرية للتوفير والتسليف لبناء المساكن بمصر القديمة، ومقرها 77 شارع الملكة بالقاهرة.

وقرروا إنشاء مدينة نموذجية تعاونية " يشترط في سكانها حسن السمعة، ومكارم الأخلاق والروح التعاوني، والخلق الاجتماعي، الذي يجعل من الفرد عضواً أصيلاً في المجتمع يعيش فيه وله، ومن المجموع جسماً سليماً، يجعل الفرد عضواً يعيش فيه ويعمل لخيره،

ومن المزايا الاقتصادية لذلك المشروع أن تكاليف بناء المسكن وثمن الأرض المقامة عليه والحديقة المحيطة به ستكون في حدود ألف جنيه، وذلك لاستفادة المشروع من المزايا التي يمنحها قانون التعاون للجمعيات التعاونية.

وسيقام المسكن على مساحة 400 متر منها 150 متراً مباني و 250 متراً للحديقة، وسيكون دفع الثمن على أقساط زهيدة تتناسب مع حالة الطبقة المتوسطة من محدودي الدخل، كالموظفين والعمال ومتوسطي التجار.. إذ سيدفع العضو خمس الثمن تقريباً مقدما، ويسلم إليه المسكن، ويقوم بسداد باقي الثمن على أقساط شهرية في مدة عشر سنوات، وستكون جميع المرافق الاقتصادية في المدينة من تجارية، وصناعية، وغيرها ملكاً للجمعية، بحيث يعم نفعها على جميع الأعضاء، وبذلك يتلاشى نظام الاحتكار ويحل محله نظام التعاون.

ومن مزايا المشروع الاجتماعية، إنه سوف يعمل على تحقيق التآخي والتآلف بين سكان المدينة، بتخير العناصر الصالحة المتقدمة للسكنى بها.

كما أنه يرمي إلى إعداد جيل جديد قوي، وذلك بإسناد تربية الأبناء وتعليمهم إلى أيد أمينة، فتقوم الجمعية بإنشاء مدارس لرياض الأطفال وللتعليم الابتدائي والثانوي.

كما سيعمل المشروع على تحقيق معنى التكافل الاجتماعي بين مجموعة السكان، وتنفيذ فكرة التأمين الاجتماعي والصحي بينهم.

وستنشئ الجمعية الأندية الرياضية، ومكتبة عامة، ومسجد، وغير ذلك مما يعتبر مرافق ضرورية للمجتمع الحديث ...

دور نواب الجماعة لمواجهة الغلاء وتطبيق العدالة الاجتماعية

لم يقتصر دور الجماعة على الأداء الخدمي والاجتماعي فقط لتحقيق العدالة الاجتماعية ولكن عندما أتيحت لهم الفرصة ودخلوا مجلس الشعب كان لهم أداء رقابي وبرلماني لمواجهة الفساد والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والتحذير من ثورة جياع قد تجتاح مصر نتيجة لارتفاع الحالة الطبقية واستيلاء مجموعة بسيطة من رجال الأعمال على مقدرات الاقتصاد المصري وانتشار البطالة،

فخلال مجلس عام 2005 والذي شارك فيه الإخوان بـ 88 نائب، اتسم أداء نواب الكتلة البرلمانية للجماعة بالتركيز على حالة التفاوت الطبقي ومحاولة مواجهة بعض المشاكل الاجتماعية التي يعانى منها الشعب المصري وعلى رأسها غلاء الأسعار والبطالة .

وسنستعرض هنا بعض المواقف والأداء البرلماني لبعض نواب الجماعة من خلال بعض الأخبار التي تناولت نشاطهم..

فقد وجَّه النواب العديدَ من الاتهامات الخطيرة للحكومة، من خلال 14 استجوابًا، و146 طلب إحاطة وسؤالين و6 طلبات مناقشة حول انتشار الفقر بين المجتمع المصري، وزيادة الأسعار بصورةٍ تهدِّد الاستقرار الاجتماعي بعد اختفاء الطبقة المتوسطة.

وقد شنَّ الأعضاء هجومًا حادًّا على السياسات الحكومية، واتهموها بالفشل والعجز وعدم القدرة على مواجهة الكوارث الاجتماعية التي أدَّت إلى تفاقم الأزمات، فيما حمَّل النواب الحكومةَ مسئوليةَ ازدياد معدلات الجريمة، في ظل استمرار الفقر وانتحار الشباب وغرقهم داخل سواحل البحر الأبيض المتوسط.

وقال النواب إنها حكومة الأغنياء ورجال الأعمال على حساب الفقراء والذين يحتاجون قوت يومهم، محذِّرين من حدوث ثورة الجياع،

واتهموا في استجواباتهم رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف ووزراء المجموعة الاقتصادية باتباع سياساتٍ أدَّت إلى زيادة معدلات التضخُّم والبطالة وانخفاض المرتبات.

وشكَّكوا في الأرقام التي قالها رئيسُ مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب، وقالوا إن الواقع المصري غيرُ ذلك؛ فالفقراء في تزايُد، والتضخُّم في ارتفاع، وأسعار السلع الأساسية تقفز لأعلى بصورة سريعة، والفساد تفشَّى.

وتساءلوا: ما هي الإنجازات التي تحقَّقت؟ وهل تعرف الحكومة أن دولةً كانت من أشدِّ الدول فقرًا مثل مالاوي أصبحت الآن تصدِّر الحبوب والقمح لدول جنوب إفريقيا وقد رفضت منحةً من اليونيسيف عبارة عن ألبان أطفال؛ لأن عندهم فائضًا؟!.

وأين حكومة مصر التي لا تستطيع توفير طعام الصغار (وهو لبن الأطفال) وطعام الكبار (وهو رغيف العيش)؟!

واتهموا في استجوابتهم الحكومة بتهديد الأمن الصحي للشعب المصري عن طريق رفع أسعار الأدوية بطريقةٍ لا تراعي الفقراء ومحدودي الدخل، مضيفين أن الحكومة فشلت في وضع سياسةٍ واضحةٍ لتسجيل وتسعير الدواء؛ مما أدَّى إلى حدوث فوضى في سوق الدواء أثَّر بالسلب على كل أفراد الشعب.

وأكدوا على أن الحكومة مسئولةٌ عن ضبط الأسعار، ونواب الشعب مسئولون أيضًا عن الشعب المصري الفقير، مشيرًا إلى أن مصر تأتي في المركز الثالث لبيع الأعضاء بعد الصين وباكستان.

وأشاروا إلى بيانات البنك الدولي في تقرير مؤشرات التنمية في العالم لعام 2005 بأن نحو 3.1 من السكان في مصر عام 2000- أي نحو مليونَي إنسان- كانوا يعيشون بأقل من دولار يوميًّا، وأن هناك 43.9% من السكان يعيشون بأقل من دولارين، مُرجعًا أسباب الفقر وتزايدَه في مصر إلى عدم عدالة النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والسيطرة المتزايدة لرأس المال على الحكم في مصر، وجمود الحد الأدنى للأجور وفساد نظام الرواتب والأجور في مصر عامةً.

وتساءلوا: أين تلك الحكومة من الارتفاع الرهيب في السلع والخدمات بنسبٍ تزيد على 300% في السنوات الخمسة الأخيرة؟! ...

كما حذَّروا من ثورةِ الجياع التي بدأت في التوسع بمصر؛ نظرًا لزيادة أعداد البطالة وفشل سياسة الحكومة في التعامل مع هذه المشكلة، محذِّرًين من أن البطالة تمثِّل قنبلةً موقوتةً، وأنها السبب الرئيس وراء البلطجة والتفكك الاجتماعي الذي يعاني منه الشعب المصري الآن.

وقالوا إن الجزء الأكبر من كتلة البطالة يتمثَّل في بطالةِ الشبابِ الذين يدخلون سوقَ العمل لأول مرة، مشيرًين إلى أن البطالة في مصر هي "بطالةٌ متعلمةٌ"، فالغالبية العظمى من العاطلين من خريجي الجامعات ومدارس ثانوية، ويُلاحظ أن نسبة المتعلمين في كتلة المتعطلين آخذةٌ في الازدياد، وهو ما يعني إهدار طاقات وموارد استثمارية تمَّ استثمارها في العملية التعليمية، دون أن ينتج عنها عائد يتمثل في تشغيل هذه الطاقة البشرية لتصبح منتجةً ...

كما عبر مركز (سواسية) لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز (وهو مركز حقوقى مقرب من الجماعة) عن بالغ قلقه من الأداء الاقتصادي للحكومة المصرية؛ حيث يرى المركز أن الحكومة تتبع أسلوب الأداء الاستعراضي في هذا الملف بما يؤثر على الأمن القومي.

وأوضح بيان المركز أنه في الوقت الذي تعهَّدت فيه مصر بالقضاء على الفقر عام 2015 فإن إحصاءات الأمم المتحدة تقول: إن الفقر في مصر يزداد فيما تتزايد الاحتجاجات العمالية والمؤشرات على وجود خلل في أداء الدولة لوظائفها وخصوصًا وظيفة العدل والوظيفة التوزيعية.

ويرى المركز أن الفقر يؤثر سلبًا على الوضعَيْن الاجتماعي والأمني، ومن الدلالات الواضحة في هذا السياق أن مواطنًا شابًّا قَتَل آخر أثناء التنافس على الوقوف في طابور الخبز؛ بسبب رفض المجني عليه إفساح الطريق أمامه في مدينة شبرا الخيمة!!.

ودعا المركز إلى تبنِّي تعريف بسيط للفقر في ظل التعددية الموجودة في تعريف خط الفقر وهو: "عدم القدرة على تحقيق مستوى معين من المعيشة المادية يمثِّل الحد الأدنى المعقول والمقبول في مجتمع ما من المجتمعات في فترة زمنية محددة" ...

كما ناقش نواب الجماعة في سؤال لرئيس الوزراء ما جاء في تقرير لصندوق النقد الدولي حول التنمية في مختلف دول العالم، والذي كشف فيه التقرير أنَّ مصر أصبحت واحدةً من الدول الـ47 الأكثر فقرًا من بين 186 دولة الأعضاء بالأمم المتحدة وأنَّ 48% من سكانها تحت خط الفقر، من بينهم 7.5 مليون مصرى يعيشون بأقل من دولار واحد يوميَّا، ومعظمهم يعيشون بمناطق في المقابر والعشوائيات حول القاهرة الكبري والمدن الرئيسية.

مضيفين أن السياسات الحكومية أدَّت إلى أن 54% من أطفال مصر مصابون بالأنيميا وتراجع ترتيب مصر الصحي إلى 116 من 189 دولة ...

كما قام الدكتور محمد مرسي -رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري- والذي اصبح أول رئيس مدني منتتخب لمصر عقب ثورة 25 يناير 2011  الحكومةَ بأنها تتلاعب في توزيع الدعم على مستحقيه من المصريين.

وقال في طلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء ولوزير التموين، إن هناك دراسة للبنك الدولي أكدت أنه يوجد في مصر نسبة كبيرة من الدعم المخصصة لرغيف الخبز لا يصل إلى مستحقيه من محدودي الدخل.

وأشارت الدراسة أن 66 % من الفقراء يستفيدون من دعم رغيف الخبز بشكله الحالي غير المطابق للمواصفات، أي أن هناك 34 % من الفقراء لا يحصلون على هذا النوع من الدعم ويصعب عليهم الحصول على رغيف الخبز على الرغم من حالته السيئة وغير المقبولة، كما أوضحت الدراسة بأن 75 % من الأغنياء يستفيدون من هذا الدعم بالاستيلاء عليه عن طريق تصنيع رغيف الخبز بطريقة محسنة، ومعظمهم من موظفي الجهات الرقابية على الدعم وعلى صناعة رغيف الخبز، وحذرت الدراسة من قلة الدعم للمناطق الريفية بل قد لا يصل إليها أحيانًا.

وتساءل إلى متى يستمر هذا الحال بالنسبة لرغيف الخبز وغيره من الخدمات المدعومة ولباقي احتياجات المواطن المصري المحدود الدخل؟؟، ومتى يتم التوصل إلى رقابة أفضل لتحسين الوضع وضمان وصول الدعم لمستحقيه وعدم تسربه لغيرهم؟،

وطالب بتحويل طلب الإحاطة إلى لجنتي الشئون الاقتصادية والإدارة المحلية والتنظيمات الشعبية لبحث هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها ...

ألهمنا الله وإياك الرشد وهدانا سواء السبيل ... آمين

والله أكبر ولله الحمد

وسوم: العدد 695