المولد النبوي كما جاء في المعيار لسيّدنا الونشريسي

كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والمغرب في فقه النوازل"، الجزء الحادي عشر، لسيّدنا الإمام أبي العباس أحمد بن يحي الونشريسي ت 914هـ، رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه، دار المغرب الإسلامي 1401هـ -1981 ، بيروت، لبنان، من 396 صفحة.

يتحدث عبر صفحات 278-289 عن فضائل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مستعينا بما نقله عن سيّدنا أبو عبد الله بن عباد، وسيّدنا ابن مرزوق، وسيّدنا أبا موسى بن الإمام. وكلهم تحدثوا عن فضائل ليلة مولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولا: سئل سيّدنا الولي العارف أبو عبد الله بن عباد، عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم، فأجاب..

الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسم من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك أمر يباح لاينكر، قياسا على غيره من أوقات الفرح. وقال للولي الصالح الحاج ابن عاشر رحمه الله مع جماعة من أصحابه، إن هذا اليوم يوم فرح وسرور، فلا يستقيم فيه الصيام لأنه يوم عيد. ولا يجوز تعظيم نبي الله تعالى إلا بما يرضيه ويرضى عنه. واختار جماعة من العلماء رضي الله عنهم الفطر في يوم المولد لأنه يوم سرور، والتوسيع على العيال بما أمكن من الميسور.

ثانيا: قول الإمام أبا موسى بن الإمام رحمة الله عليه وغيره من مشيخة المغرب، وما وضعه العزفي، وتبعه في ذلك ولده الفقيه أبو القاسم .. المستعمل في هذه الليلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والقيام بإحياء سنته، والاستكثار من الصدقة وأعمال البر، وإغاثة الملهوف، ونصر المظلوم، ولا أفضل في هذه الليلة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثا: صرح الشيخ الخطيب الحاج الرحال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق، رحمه الله ، بإيثار ليلة مولده عليه السلام على ليلة القدر، واحتج بإحدى وعشرين وجها، لمن يريد أن يطالعها. ويتعمّد صاحب الأسطر أن لاينقل المقارنة، لكنه ينقل فضائل ليلة مولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وردت وهي..

ليلة المولد شرفت بولادة خير خلق الله. وليلة المولد ليلة ظهوره صلى الله عليه وسلم. ليلة المولد شرفت بوجودها لا بوجود غيرها. وليلة المولد شرفت بمن ظهرت آثاره، وبهرت أنواره أبدا في كل فرد من أفراد الزمان إلى انقضاء الدنيا. وكل ليلة إشتركت مع ليلة المولد في الفضل، فإنه لامحالة ليلة المولد تفوقها في الفضل الذي لاتملكه ليلة أخرى. وأي عمل فاضل وشريف يقوم به المرء في سائر الأيام، لا يمكن أن يكون في الفضل والشرف من ظهور سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليلة القدر وقع التفضيل فيها على سائر الموجودات، فكانت أعم نفعا وكانت الشرف. ومن شرف ليلة المولد أنها تنسب لمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليلة المولد متعدية منفعتها. وليلة المولد شرفها باق. والليلة التي ولد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم هي أفضل الأزمنة. وليلة المولد أصل أصل والأيام الأخرى فرع. والفضل الذي عم ليلة المولد لم يقع في غيرها من الأيام. ليلة المولد أظهر الله تعالى أسرار وجوده صلى الله عليه وسلم، وتميز بها الحق من الباطل وظهر ما أظهر الله تعالى في الوجود من أنوار السعادة وسبيل الرشاد، وتميّز وعلا بها الدين. وأن بعض زمان المولد الريف، هو زمان ولادته صلى الله عليه وسلم، وولادته أفضل الأزمنة، فبعض ليلة المولد أفضل الأزمنة. والليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يختلف في تفضيلها على كل ليلة من الليالي على الإطلاق. فشرفها باقي ورعي زمانها ثابت. وليلة المولد عاد نفعها على كل الخلائق. وليلة المولد تميّزت بكونها أصل المواهب، وسبب فيض الخيرات والرغائب، لما امتاز به الرسول صلى الله عليه وسلم. وليلة المولد من المواهب المنعم بها على هذه الأمة، عناية بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وينطلق من نتيجة ثم يكررها في آخر السطر حين يؤكد.. إن الأزمنة إنما تتفضل بحسب مايصحبها من عمل، ولا فضيلة لها بأنفسها، بينما ليلة المولد بما حصل فيها من الولادة الشريفة، مع استدامة الفضل.

وسوم: العدد 698