أخي المسيحيّ
أنا من مواليد عام 1949 في جبل المكبر-القدس، في طفولتي المبكّرة عمل شرطيّ أردنيّ من قرية "الحصن" قضاء اربد في شمال الأردنّ، شرطيّا في مخفر شرطة بلدتي، الواقع على قمّة جبل المكبر، وهدم المحتلون بنايته التي يملكها المرحوم الشّيخ حسين ابراهيم شقير مختار عشيرة الشقيرات بعد حرب حرب حزيران 1967، كان اسم ذلك الشّرطيّ موسى ابراهيم، وله ثلاثة أبناء هم : طعمة، وليام وغسّان، استأجروا بيتا في بلدتنا من غرفة واحدة تحتها مغارة، كان ملكا للمرحومة حمدة أبو موسى من حامولة الخلايلة، كنت وطعمة في صفّ واحد، كنّا نلعب سويّة، نأكل ونشرب على مائدة واحدة سواء في بيتنا أو في بيتهم، وأحيانا كنّا ننام بجانب بعضنا البعض، كنت أخاطب أبا طعمة بعمّي، وأمّ طعمة بخالتي، وهكذا كانوا يخاطبون المرحومين أمّي وأبي، عندما كنا نتشاجر كأطفال ونحن نلعب"الاكس" أو "البنانير، أو السبع صرارات،" كان الكبار وغالبا ما كنّ أمهاتنا يقلن لنا:"العبوا خيوه خيوه" أي كالأخوة.
في عيدي الفطر والأضحى، كان أبي يدعو أسرة أبي طعمة على منسف، وفي أعياد الفصح المسيحيّة، كانت أمّ طعمة توزّع علينا البيض المسلوق الملوّن، وفي أعياد الميلاد المجيدة ورأس السّنة الميلاديّة كانت توزّع علينا الألعاب. كنّا نعايدهم ويعايدوننا، حتّى حسبت وأنا طفل أنّ الأعياد المسيحيّة أعياد اسلاميّة، والعكس صحيح أيضا في مشاعرهم.
لم نشعر يوما ما بأنّ هناك فروقا في أيّ شيء بيننا وبينهم. تلك الأسرة الكريمة هي أوّل من عرفت من إخوتنا المسيحيّين، وعندما شببت تعرّفت على إخوة مسيحيّين آخرين وصرنا أصدقاء، لم يخطر ببالي، أو ببالهم أنّ هناك فروقا بين المسلمين والمسيحيّين. فأوّل مظاهرة شاركت فيها كنت في الأوّل الابتدائي، وكانت ضدّ حلف بغداد، كنت وطعمة جنبا إلى جنب نهتف بحياة زعيم الأمّة جمال عبد الناصر، في تلك المظاهرة التي قادها يومذاك الشّاب اسماعيل محمد عوض علان، واعتقل على أثرها لمدّة ستّة شهور.
فرّقتنا وأسرة أبو طعمة حرب حزيران 1967، ولم نلتق منذ ذلك التّاريخ. وبمناسبة أعياد الميلاد المجيدة، ورأس السّنة الميلاديّة، أقول لطعمة وإخوانه ولكلّ أبناء شعبنا وأمّتنا مسيحيّين ومسلمين : كلّ عام وأنتم بخير، وعلى الأرض السّلام وفي النّاس المحبّة، وخاب من يفرّق بين مسيحيّ ومسلم من أبناء أمّتنا.
وسوم: العدد 700