بُزاعة وشاعرها محمد وليد الحسن
رباه إني ونار البعد تحرقني
أدعو إليك لعلّ النصر يقترب
مالي سواك إلهي أستعين به
فارحم بفضلك شعبا بات ينتحب
بزاعة ( بضم الباء ) بلدة تقع شرق مدينة الباب على بعد ٥ كم ، فيها آثار رومانية ، وكانت مدينة الباب تسمى ( باب بزاعة ) فانفصلت عنها واستقوقت بجبل عقيل والنبي حزقيل الذي تقسم به النساء جهلا ، وهو من الشرك المتساهل به مع الآسف ، فالقسم لا يكون إلا بالله ، وباسم من أسمائه الحسنى
بُزاعة فيها أحد فروع نهر الذهب ، ويسمى نهر بزاعة وفيه سبح ضيفنا المحامي القدير عبد الرحمن كرمان وكان يخاف من السباحة طمأنته أن ماء نهر بزاعة عمقه نصف متر فقط ، وشرقي البلدة عين تسمى ( عين منصورية ) ، ، يقال بأن معركة جرت عندها بين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وبين الروم !
وللعلم أن البعث العفلقي أفسد شبابها ، فصار نصفهم كتّاب تقارير ، حضرت حفل عزاء في بزاعة وأشرع كتاب التقارير أقلامهم وألقيت في العزاء كلمة ودخل المحافظ ومدير الأمن العسكري فتقدم الرجل فصافحني وعانقني فقال المخبرون ( طيط ) جينا نكتب تقرير هاهي الدولة تعانقه وتصافحه !!!
الأخوة من أبناء بزاعة يخرجون القاف ضخمة لا من الحلق بل من المعدة ، بينما ينطقها أهل حلب ( ا) نطق كلمة قاف في بزاعة تخيف !
لنا في هذه البلدة أحباب ومعارف أجلهم الشيخ حسن العاروني عالم بزاعة وفقيهها صاحب العمامة النظيفة التي يفخر كل رأس أن تكون عليه ، كان الرجل قمة في التواضع ، وكثيرا ماقدمني أخطب الجمعة مكانه تواضعا منه وتشجيعا لي .
ومنهم الشيخ عبد الله الأحمد الحاج عبد الله ، ومختار بزاعة الحاج صباح وحسين الرجو وهو طالب علم ، وهدى الصالح وهو مدرس حلقة قرآن في مسجد ابي بكر الصديق الذي هدّه الظالمون ، ومنير الصالح وكان يمزح معي فيقول نحن أي البزيعيون ارتددنا عن الإسلام مرتين يقول مازحا ،
ومن اخواننا في بزاعة الخطيب المفوه ، عريف حفلات الإخوان في دار فرحات ، وقد دخل العسكرية ووصل إلى رتبة عميد ، رحم المولى العميد خليل العبد الله ، ولا انسى المنشد العظيم الحاج فؤاد البزيعي وهو ينشد في اليوم الثامن من ذي الحجة قصيدته : ياراحلين إلى منى هيجتم يوم الرحيل فؤادي
بزاعة مدينة الداعية العظيم عمر عبود وابن اخيه الداعية محمد وليد الحسن .
عمر عبود رحمه الله جندي مجهول يحب أن يعيش في الظل بعيدا عن الأضواء ، لا يهمه أن يكون في المقدمة أو المؤخرة ، أسماه والده عمر تأسيا بسيدنا عمر بن الخطاب ، ومن لم يعتبر أن عمر سيده فليس عربيا ولا مسلما !
أما ابن أخيه الشاعر الداعية محمد وليد الحسن فهو شاب يتدفق حيوية ونشاطا ، يعتبر عزه وفخره خدمة الدعوة الإسلامية ، وقد رفع لوائها عاليا هنا وهناك ، عرفته مساجد بزاعة والباب ، وله خدمات لضيوف الرحمن وارشادهم ، يعد شعره نفثات صادقة من محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
شاعر مرهف الحس عميق الشعور بهموم أمته ، صادق العاطفة ، جزل العبارة ، ولا يخاف في الله لومة لائم .
تناول في شعره العديد من المواضيع منها السياسية والعاطفية والدينية .
اسمع إليه يفضح عمائم السوء :
عمائم السوء إن الخزي يلبسكم
من مفرق الرأس حتى أخمص القدم
برهنتموا أنكم أهل النفاق فقد عشتم على الزور في مستنقع الرمم
ناصرتم البغي والجلاد في بلدي
وكنتم العون للشيطان في النقم
فكيف موقفكم يوم الحساب اذا
نادى المنادي لفصل الحق والظُلَم
و يستصرخ أمة الإسلام والمسلمين :
ياأمة الإسلام أين المعتصم
أين السيوف تذود عن أرض العرب
ياأمة المليار قومي وانهضي
فدماء قومي قد تجاوزت الركب
ان لم يكن فيكم بقايا خالدٍ
أو نجدة الفاروق أو معدي كرب
إن لم يعد فيكم رجالٌ أعلنوا
أن النساء اليومَ حكامُ العرب
أجل ياوليد صدقت وانت تخاطب حكام العرب فتقول
تبت يداكم كل حكام العرب
إن لم تذودوا اليوم عن عرض حلب
ان لم تثوروا نخوة لكم العطب
أو لم تغاروا لدينكم حلّ الغضب
تبت يداكم من ولاة شُوهت
في عهدكم كل آثار العرب
قواه الله ، فحلب أبيدت من القادة الاوغاد :
حلب تباد وقادة أوغاد
وعلى جماجمنا العروش تُشاد
وقصور حكام البلاد مصونة
إلا بأرضي فالشعوب تباد
رباه قد عاث اللئام بشامنا
كفرا وظلما والأنام رُقاد
دمّر إلهي كيد ماصنعوا لنا
ضجت بذاك حناجرٌ وعباد
محمد وليد الحسن وظف دعوته وشعره في توجيه الناس وقيادتهم نحو الصراط المستقيم ، والتغيير والهداية ، والارشاد والوعظ والمناجاة :
لساني عاجز عن وصف شكري
فمنك الجود والفضل الجزيل
وقلبي هائم فيك إلهي
فإني لغير بابك لا أميل
ينادي القلب يارباه يامن
لطفت بنا ولطفك لا يزول
أغث عبدا كئيبا ظل يسعى
لكسب رضاك فاغفر ياجميل
التزم الصدق الفني والعقدي ، فتمثل العقيدة الإسلامية في شعره وسلوكه ، وارتبط بالحياة ليشارك الأمة في تحقيق أهدافها ونصرتها ، شعره شعر الحق والتغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتهذيب النفس ، واع كل الوعي ما يكتنف واقعه من مخاطر تحدق بالامة وقيمها
ستظل ياشعبي الأبي مناديا
ويظل صوت الحق دوما عاليا
درب الجهاد طريقنا باق على
مر الليالي الحالكات ضيائيا
سأثور كالبركان جمرا عاتيا
لو يقطعوا رأسي فجسمي راسخ
سيكون كالبارود يصعق داويا
فليرقبوا يوما فإني عائد
وسيرفع التاريخ اسمي عاليا
شعره فيه الإيمان والجرأة والصراخ في وجه الظلم والباطل ، شعر يرفض الزيف والظلم والنفاق ، ومن قصيدة له في ذكرى مولد خير الأنام عليه السلام :
النور حل فهاج الروح معناه
والعيد طل فزان الأرض ذكراه
ياأيها النور ياميلاد أمتنا
يارمز عز مدى الأيام صناه
جئنا لننهل حبا يوم مولدكم
ونرشف النور من نبع عشقناه
جاء البشير إلى الدنيا ليعمرها
بالحق والعدل والتوحيد مرماه
من أرقم الخير شع النور منبلحا
فأشرقت بالهدى والحق دنياه
الله أكبر راح الصحب يرفعها
ويعلو دينهم فالله أوحاه
ياسيد الرسل إن الحوض موعدنا
فكن شفيعا لنا فالقوم قد تاهوا
وفقه المولى لكل خير ، وسدد على الحق خطاه ،
والله اكبر والعاقبة للمتقين
وفرجك ياقدير
وسوم: العدد 703