الشاعر القروي
ومن أشهر شعراء المهجر الجنوبي يبرز لنا اسم رشيد سليم الخوري الذي اشتهر بالشاعر القروي. وقد صاغ قصيدة بعنوان عيد البرية يستحث فيها المسلمين لاستعادة مجدهم القديم منها، ويقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاماته وحبه، داعياً إلى التحاب والتآخي بين المسلمين والنصارى، خدمة لأوطانهم والشرق كله، فيهتف:
عيد البرية عيد المولد النبوي في المشرقين له وفي المغربين دوي
عيد النبي ابن عبد الله من طلعت شمس الهداية من قرآنه العلوي
بدا من القفر نوراً للورى وهدىً يا للتمدن عمّ الكون من بدوي
يا فاتح الأرض ميداناً لدولته صارت بلادُك ميداناً لكل قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم لا يُنهض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة فبلّغوه سلام الشاعر القروي
ويتمنى الشاعر القروي أن يعود عهد المجد في بغداد والأندلس فيقول:
ياحبذا عهد بغداد وأندلسٍ عهد بروحي أفدي عَودَهُ وذوي
من كان في ريبةٍ من ضَخْم دولته فليتلُ مافي تواريخ الشعوب رُوي
وهو نفسه الذي طلب من كل قائد للأمة - وإن كان كلامه موجهاً آنذاك للزعيم الدرزي سلطان الأطرش، حين أشعل ثورته على الفرنسيين سنة 1925 - أن يقاتلوا أعداء الأمة بسيف محمد، لا أن يديروا لها خد المسيح - رغم أنه نصراني مؤمن بدينه - فهذا هو ما تُحمي به الأوطان، ويُدفع به العار، فيقول:
فتى الهيجاء لا تعتب علينا وأحسِن عذرَنا تحسنْ صنيعا
تمرستم بها.. أيام كنا نمارسُ في سلاسلنا الخضوعا
فأوقدتم لها جثثاً وهاماً وأوقدنا المباخر والشموعا
إذا حاولتَ رفعَ الضيم فاضرب بسيف محمدٍ واهجر يسوعا!
أحبوا بعضكم بعضاً.. وعظنا بها ذئباً.. فما نجَّت قطيعا
ألا أنزلتَ إنجيلاً جديداً يعلّمنا إباءً لا خنوعا!
أجِرنا من عذاب النير لا من عذاب النار إن تك مستطيعا
ويا لبنان مات بَنوك موتاً وكنت أظنههم هجعوا هجوعا
ألم ترهم ونار الحرب تُصلى كأنَّ دماءهم جمدت صقيعا
بدت لك فرصةٌ لتعيش حراً فحاذرْ أن تكون لها مُضيعا
وما لك بعد هذا اليوم يومٌ فإن لم تستطعْ لن تستطيعا
وفي إشارة إلى اهتمامه بالوطن - مع تقديره للإسلام والنصرانية جميعاً - يقول الخوري:
أرضيتُ أحمدَ والمسيحَ بثورتي وحماستي، وتسامحي وحناني
يا مسلمون ويا نصارى دينكم دينُ العروبة واحدٌ لا اثنانِ
بيروتكم كدمشقكم ودمشقكم كرياضكم ورياضُكم كعُمانِ
ستجدّدون الملُك من يمنٍ إلى مصرٍ إلى شامٍ إلى بغدانِ
وسوم: العدد 703