أرتّب المقاعد في مقهى لا يدخله أحد!
إحسان الفقيه
لطالما تعاملتُ مع الدنيا ووقائعها كما المظلّيون المحترفون الأوفياء لطبقات الجوّ العليا...المخلصون لقانون المغامرة، الباقون على العهد مع الريح، العائدون في كلّ مرّة بذات الأبجدية التي حملوها معهم زادًا وزوّادة تعويذة وذخيرة، بعطرٍ (خاص) اخترعوه هم بأنفسهم للرجوع، فما أحلى الرجوع إلى حضن أُمّهم الأرض.
أقول:
لِضمان هبوطي بأمانٍ بعد رحلة قفزي الأخيرة من طائرة البلادة واللامبالاة التي يجلس فيها أكثركم، حاولتُ أن أرتدي حذاءً من النوع السميك ولكني لم أكن قد توقّعت هبوطي فوق مستنقع كان فيما مضى دارًا ودوّارًا!
ولأني لم أكن ضليعة في التعامل مع التماسيح الطارئة على داري، ولأني لا أُجيد إجراءات مكافحة الحشرات التي تدبّ على أطراف ذلك المكان الرطب وما كان رطبًا، والذي غدا يستقطب الكائنات المنبوذة إلى بؤرٍ لزجة تنمو ممالك الزيف في أطرافها على مهل وتتطاول مُدنٌ تستقطب كل ما هو مشوّه في نواحيها.
*لأني لم أكن على دراية بتفاقم تلك التشوّهات، بذلتُ جُهدًا كبيرًا للخروج من ذلك المأزق وبفضل الله لم تخذلني الطيور التي أطعمتها يومًا من قمحي ولم تتخلّ عني الريح التي أودعتُها أُغنيات الصباح يومًا وتراتيل المساء، ولطالما أرسلها ربّي لي لتكون من أسباب نجاتي لا غرقي أمام غبطة أسماك القرش.
يقول اليابانيّون: (نقع سبع مرّات ونقف ثماني) ولله الحكمة فيما أبقى لي ومنع.
ما أعرفه.. أني لو شاركتُ إعلام مُسيلمة حربه على التيارات الإسلامية أو الدولة الإسلامية برجالها ومراحلها ومقاصدها لن يُقلّص ذلك من (ماهية) ذاك الذي تشكّل على الأرض -فعليًّا- وانتهى الأمر.
ولن يُربك (قلمي سواء كان مع أو ضد) المعادلة إلا بما سيقود إلى قسمة عادلة، وحاصل ضرب المعطيات جميعها لن يستوي أبدًا بأيّ طرح طرحتموه خارج تلك الخريطة التي تشكّلت بعد أن ذُبح التاريخ بسكين الجغرافيا، وأي عملية جمعٍ لا تحمل النتيجة النهائية الحتمية المعروفة مُسبقًا (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، فهي حتمًا منقوصة القيمة ولا فوائد ترجى منها، ولن أُشارك ما اجتمع الجمع على جمعه من غنائم خارج أرض المعركة.
وبناء على ما سبق ولمن يعرفني جيدا خلال مواقع التواصل الاجتماعي. أؤكّد أن عاصفة الحزم أو الحسم بما سبقها من ترتيبات وبما سيتبعها من نتائج.. هي جزء من مرحلة نهوض أمّتي وتكريس سيادتها ولو بدا للمقلّلين من شأن أي مبادرة طيبة او محاولة للنهوض ما بدا.
)الطبيعة لا تُحابي أحدًا وبأنها عدوّ للفراغ) والنصر لا يخضع لقانون توازن القوى دائمًا، ورغم كل هذا الزحام إلا أن أمّتنا وبلادنا كانت -وأقول كانت- كانت تعاني خواءً حدّ المجاعة وسقوطًا حدّ التشرذُم وغباء حدّ الحُمّى.
والحُمّى الآن أفرزت حالة من التعرّق الذي قد لا يطيقُه أكثركم إلا أنه ضرورة تطهيرية، بعد أن تراكمت السموم في جسد الأمّة لعقود من التبعية والهمجية والخنوع، بل ولقرونٍ من التخبّط والفوضى.
وما أمرّ التعافي الكامل أو الشفاء التام إلا بيد الله، ولا يملك أحدنا ترياقًا سحريًّا للتخلّص من آثار السموم أو عصا موسى للنهوض، والمسألة مسألة وقت وهكذا تنهض الأُمم.. والله حليف المخلصين المدافعين عن الحق أينما كانوا.