الدُسْتُورُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

كَلِمةُ دُسْتُورِ ليست عربيةً..ولا يُوجدُ لها ذِكْرٌ في معاجمِ العَربِ القديِمَةِ..الدُسْتُورُ كَلِمةُ فَارِسيِّةٌ مركبةٌ:منْ (دست) ومعناها:(قاعدة أو مادة)وَ(ور)وتعني:(صاحب)..وبذلك يَكُونُ معنى الدُسْتُورِ بالفَارِسيِّةِ:(صاحب المادة او القاعدة) أي الجهة المَعنية بصياغة الموادِ والقواعدِ القَانونيِّةِ..والدستور وِعَاءُ القوانينِ والمبادئ..التي على أساسٍ منها  تُسيَّرُ وتُدارُ شُؤونُ الدَولَة وتُصرّفُ مصَالِحُ الشِعبِ..وفي القواميسِ السياسيِّةِ والأعرافِ الدَوليِّة يُعَرَّفُ الَدُستورُ:"أنَّه المبادئ الأساسيِّةُ المُنظِّمةُ لِسلطاتِ الدَولَةِ..والتي تُوجِّهُ العلاقاتِ بينَ الحَاكِمِ والمَحكُومِ..وتُحدّدُ صلاحيِاتِهما..التي تُنظِّمُ العلاقاتِ بين مُؤسساتِ الدَولَةِ..لتعمل الدولةُ بمُقتضَاها على إدارةِ شؤونها الداخلية والخارجية"والدستور باختصار:(وثيقةٌ تُحددُ الهياكِلَ القانونيِّةَ والسياسيِّةَ لِدَولةٍ ما)وعلى اساسٍ مما تَقدّمَ..أحسبُ أنَّه منَ الخَطأ:أنْ يُوصَف القرآنُ الكريمُ بأنِّه(دُسْتُورٌ)فالقرآنُ الكريمُ:أجلُّ وأكمَلُ وأشمَلُ وأوسعُ وأقدَسُ مما تَعنيهِ وتتضمنُهُ عِبارةُ) دُسْتُور)القرآنُ الكريمُ:كِتابُ اللهِ وفُرقانُهُ وهديهُ ورحمَتُهُ ورسالتهُ للعالمين..والقرآن الكريم:كليات رانيات ساميات هاديات راسخات وبُشرى للنَّاسِ وتبيَاناً لِكلِّ شيءٍّ..القرآنُ الكريمُ:مرجعيِّةٌ ربانيِّةٌ ساميةٌ خالدةٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"والقرآن الكريم:مؤتمن على كل قيم الكتب والشرائع السماوية التي أُرسل بها الأنبياء والرسل من لدن سيدنا وأبونا آدم عليه السلام وحتى خاتمهم وإمامهم نبينا ورسولنا سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مرجعية مقدسة كاملة مكملة محفوظة بأمر الله تعالى وعنايته تباركت أسماؤه..فهو بيان وبلاغ ومرشد للناس مع مرور الأيام وتعاقب الزمان وامتداد المكان لثوابتَ ومنطلقاتِ القيمِ والمَبادئ والأخلاقياتِ والضوابطِ والمعاييرِ الربانية..التي بها وعلى أساسها يَسْتَقِيمُ سُلُوكُ الإنْسَانِ وتصلح أحواله في دنياه وآخرته..القرآن الكريم:سبيل محكم ومنهج قويم للنهوضِ بِمَهمَةِ الاستخّلافِ في الأرضِ وعِمَارَتِها وإقامة الحياة الكريمة العادلةِ الراشدةِ في ربوعها وأقاليمها ومواطن شعوبه حتى يرث الله الأرض ومن عليها.