عيد الحب
كانت لي صديقة تكثر الكلام عن نظافة منزلها ورتابته وحسن هندام الأولاد لدرجة جعلتني أتمنى زيارتها في أقرب وقت .. وحصل المراد وتفاجأت بأن البيت نظافته متواضعة جداً لدرجة قد تصل إلى القذارة في نظري ..
كما كانت أخرى تقول وتتحدث وتتفيهق بالكلام عن محبة زوجها وغرامه بها وهيامه بها .. ولما كنت أخبر والدتي وأشكو لها حظي العاثر .. كانت تربت على كتفي وتقول بثقة :
ـ من أكثر الكلام عن شيء فاعلمي أنه فاقد له ..
ما كنت أصدق هذا الكلام حتى سمعت خبراً أذهلني .. تلك الصديقة قد طلقت ..
ومن هنا بدأت أؤمن بتلك الفكرة .. من أكثر الحديث عن شيء فاعلم أنه فاقد له ..
وهكذا هم يزينون لنا الحب .. ويعبرون عنه بتلك الدببة الحمراء والقلوب الكبيرة وكلمات الحب المشتعلة الملهبة للحواس والمشاعر .. وفي الحقيقة هم حلقة مفرغة من الكذب والتلاعب بالمشاعر .. فالحب لم يكن يوماً له يوم .. بصرف النظر عن أصل هذا العيد وجذوره .. ولكن ما فائدة دبدوبك الأحمر وأنت لا تنوي ستر تلك الحبيبة في بيت الزوجية معك .. وما نفع تلك الوردة بعشرات الدنانير وأنت في أقل موقف تترك الحبيبة لتواجه مصيرها وحدها .. وما نفع الملابس الحمراء إن كان الحب لا يبسكما ثوب العفة والطهارة والدفء ..
لقد أجرموا بجعل للحب عيداً ..
الحب حياة .. حب الله ورسوله عليه أفضل صلاة وسلام أسمى ما عرفت البشرية من حب .. حب الوالدين من أرقى أشكال الحب .. نظرة حب ليتيم .. ضمة حب لطفلك .. شربة دواء لأختك المريضة .. كلمة مواساة لجارك .. بسمة في وجه مسن وحيد .. الحب لا حدود له .. الحب أرقى وأجل وأسمى من حصره في نطاق ذكر وأنثى .. ربما تحب بحراً تحادثه كصديق .. ربما تعشق وطناً تكلمه كأنما تكلم معشوقاً .. ربما وربما وربما .... مشاعرنا باتت باردة فأرادوا تحريكها ولكن باتجاه سيء وأعتقد بهيمي ومتخلف ..
عذراً أيها الحب كم ظلموك جهلة العالم الحديث ..
وسوم: العدد 707