الأسد وروسيا وأخرون يهتفون نريد أجراء لا شركاء

لم تُفلح على مدى حوليات التاريخ  التي عهدناها وقرأنا عنها على الأقل إيديولوجيات متعارضة ومتناقضة في تحقيق أهداف حلفها وتحالفها، فبذور الفشل والخلاف تحمله معها، لا سيما إن كان  أصحاب هذه الإيديولوجيات لم يحسموا قرارهم بحل خلافاتهم سياسياً، ومناصفة ومشاركة في الحوكمة، كما حصل من قبل في عهد فرانكو باسبانيا أو لاحقاً في جنوب أفريقيا، ولعل ما حصل في أفغانستان من جمع مختلفين سياسيين مثل الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله من أجل مؤتلف حكومي أراده الاحتلال الأميركي خير دليل على هذا الفشل الذريع ..

إن كان هذا مصير حلفاء الاحتلال الأميركي، فالحدث الشامي لا يزال يضج بالأدلة المتصاعدة أن الطرفين الثورة والاستبداد ثنائية متناقضة، فلم يقتنع حتى الآن الاستبداد أنه على خطأ كما اقتنع من قبل في اسبانيا ولاحقاً في جنوب أفريقيا، فهو لا يزال مستعداً لحشد وتعبئة كل حثالات الأرض من أجل سحق الثورة وشعبها، ولذا من كان يظن أن العصابة الطائفية في الشام ستكون شريكاً في التسوية بالشام واهم، وقد حسم هذا رئيس الوفد السوري إلى المفاوضات نصر الحريري أخيراً بقوله لم نجد شريكا في هذه المفاوضات حتى الآن..

الجلي البين أن روسيا وإيران ومن بعدهما العصابة الطائفية لا تريد شريكاً وإنما تريد أجيراً عبيداً لها، وقد حصل أسوأ من هذا في تجارب عربية وتحديداً سورياً من قبل فقد رأينا تجربة الوحدة المصرية السورية كيف أدت إلى الخلاف والشقاق ثم الانفصال بعد أن اقتنع السوريون أن الحكم الناصري يريد أجراء لا شركاء له في حكم الجمهورية المتحدة، فما بالكم بانشقاق شعب كامل عن حكم طاغية مجرم لم يعهد التاريخ أن تفنن طاغية بمن يفترض أن يكون شعبه قتلاً وتشريداً وتدميراً كما فعل طاغية الشام...

وحين جاء جمال عبد الناصر إلى السلطة عام 1952 بدعم وتنسيق مع الإخوان المسلمين سريعاً ما انقلب عليهم وأطاح بهم وزج بهم في السجون والمعتقلات من أجل الاستفراد بالسلطة، وكي لا نذهب بعيداً عن الحدث الشامي لنذكر أن العصابة الطائفية لم تقبل شريكاً لها في الحكم منذ انقلاب آذار / 1963 الذي تمر ذكراه الأليمة هذه الأيام، فكان أن انقلبت على الناصريين ثم انقلبت على البعثيين غير الطائفيين وبعدها التفتت إلى الطائفيين من ضباط دروز واسماعيليين من غير المواليين للطائفة النصيرية، ولاحقاً تطور الأمر إلى تصفية كل ضابط نصيري ممن لا يقبل الخضوع والركوع لحافظ أسد والعائلة الأسدية وكان لها ذلك، أبعد كل هذا يشك عاقل أن العصابة الطائفية في الشام ستقبل بالثورة الشامية ورموزها شريكاً في تسيير البلد وحكم البلد...

ولنهب جدلاً أن العصابة الطائفية وافقت على الشراكة هذه ، فهل ستتم المشاركة في مؤسسات القتل والإجرام التي ذبحت وشردت ودمرت الشام على مدى سنوات، بمعنى هل تتم المشاركة في أجهزة الجيش والمخابرات، وإن حصل هذا أيضاً هل سيجرؤ معارض سوري واحد أن يدخل إلى الشام ويتجول في شوارعها وهو الذي يعرف كيف لاحقت العصابة الطائفية على مدى عقود كل معارضيها من بعثيين وإسلاميين وناصريين وغيرهم في كل بقاع الأرض وقامت بتصفيتهم من باريس وآخن إلى مدريد وبيروت والقاهرة وووو، وكنت قد سألت أحد المعارضين الكبار ممن يفاوضون العصابة الطائفية، إن حصل وتمت عملية المشاركة هل تجرؤ أنت على دخول دمشق فأجابني صادقاً بالنفي..

لا يمكن جمع البنزين والنار ولا يمكن جمع الشحم والنار، فهذه العصابة الطائفية لن تقبل لها شريكاً فقد نازعت الله في ألوهيته والعياذ بالله يوم هتفت الأسد أو لا أحد، وما تردد عن تغيير في آيات القرآن لصالح الطاغية، هل يخال عاقل بعد كل هذا أن تقبل شريكاً سياسياً لها...إنها عصابة لا تقبل القسمة ..إنها أضغاث أحلام.

وسوم: العدد 711