على هامش خُطّةِ مؤسسة " راند "، للسلام في سورية

برؤاها الثلاث تكون مؤسسة الأبحاث والتطوير ( Research and Development )، المعروفة اختصارًا بـ ( راند )، إحدى أهمّ المؤسسات الفكرية المؤثرة في صناعة القرار في الإدارات الأميركية، و لاسيّما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.

تكون قد لخّصت على مدى ثلاث سنوات، تصورها لحلّ الأزمة السورية، على شكل خطة سلام، تقوم على خمسة عناصر أساسية:

1ـ تأجيل الانتقال السياسي الشامل، و مسألة مصير بشار الأسد، إلى حين الوصول إلى اتفاق أكثر ملائمة.

 2ـ تجميد الصراع في أكثر المناطق المضطربة، إن لم يكن في كلّها.

3ـ إقامة مناطق آمنة، مقترنة بضمانات من القوى الخارجية، التي تشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار في تلك المناطق المتفق عليها.

4ـ الاتفاق على صيغة لا مركزية في حكم سورية، و تسيير شؤونها، و لاسيّما في ( الرقة )، التي ستكون تحت إشراف دوليّ بعد طرد داعش منها.

5ـ البدء بمفاوضات بين جميع القوى المحلية و الإقليمية ذات الصلة؛ تمهِّد للوصول إلى الإصلاح السياسي في نهاية المطاف.

يرى الباحثون في ( راند ) أنّه بعد ما يزيد على ست سنوات من الحرب، و الكوارث الانسانية، و تطرف المتطرفين، و زعزعة استقرار الدول المجاورة لسورية، فإن التوصل إلى تسوية سياسية ناقصة، تنهي الحرب الأهلية على غرار ما تمّ اقتراحه، أفضل بكثير من الاستمرار في هذا النزاع، الذي تترتب عليه عواقب جمّة على الصعيدين: المحليّ، و الخارجيّ.

و أنّ احتمالات " عزل الأسد "، و الانتقال إلى حالة " المعارضة المعتدلة "، أكثر بعدًا من أي وقت مضى؛ و ذلك عائدٌ لتداخل مصالح الدول، و الجماعات النافذة، و المتحرِّكة في هذا الملف.

إنّ نظرة منفكّة عن المؤثرات بتنوعاتها المختلفة، لتظهر للمراقبين أنّ ثَمَّة مؤشرات تشي بالسير وفق هذه الرؤية:

ـ إنّ وقف إطلاق النار ـ باستثناء التصعيد الأخير ـ على الرغم من هشاشته، قد لامسَ رغبة متزايدة لدى الحواضن الشعبية في تكريسه كأمرٍ واقع، غير آبهة للشعارات و الوعود التي تقطع لها من طرفي الأزمة؛ فإفراطُ النظام و حلفائه في استخدام القوة العسكرية قد رغَّبها عنه، و تضييعُ مصالحها من الفصائل المسلحة قد زهَّدها بها؛ و باتَتْ تنظر إلى وضع حدٍّ لهذا الصراع المسلّح بفارغ الصبر.

ـ إنّ خارطة توزّع القوى العسكرية الخارجية في الجغرافية السورية، تظهر بوضوح حجم إمساكها بهذا الملف، فهناك قاعدة بريطانية في المثلث العراقي ـ الأردني ـ السوري، في ( التنف )، و قاعدتان أمريكيتان، واحدة على الحدود الشمالية الشرقية مع العراق، في ( الرميلان )، و أخرى على الحدود الشمالية مع تركيا، في ( عين العرب )، و أخرييان روسيتان، واحدة ممنوحة من النظام، في ( حميميم ) على المتوسط، و أخرى ممنوحة حديثًا من أطراف كردية، في ( عفرين )، و قاعدة إيرانية في جنوب شرق حلب، في ( جبل عزان )، فضلاً على ( 2000كم2 ) شمال حلب، انتزعتها تركيا من الفصائل الكردية، و داعش.

لتبقى بعد ذلك مناطق المثلث ( الأردني ـ السوري ـ الإسرائيلي ) خاضعة بنسبة كبيرة للفصائل المصنّفة كمعتدلة ذات بعد محليّ، تحت الإشراف الأردني، و منطقة شمال غرب سورية: إدلب، و ما يحيط بها حولها من غرب حلب، و جنوب حماة، و شمال اللاذقية، و مناطق متفرقة في شمال حمص، و في الغوطة، متروكة في عمومها للتجاذبات الدولية، و يتمّ فيها حرف الثورة عن مسارها، و تشويه مشروعها، لصالح الجماعات المؤدلجة ذات البعد العالميّ، إلى اللحظة التي ترى فيها الأطراف الدولية نفاد غرضها منها، فتنفضَ يدها منها، و تقومَ بإنهاء دورها، ليتسنّى لها بعدها وضعُ يدها على مفاصلها، على غرار ما ستشهده مناطق شرق الفرات في الرقة و دير الزور، و باعتماد محليّ من جماعات سيكون ولاؤها إلى تلك الدول، و إلى مصالحها الضيقة، أكثر منها لصالح سورية ( قضية، و شعبًا ).

وسوم: العدد 714