حَقِيقَةُ جَوْهَرِ الأدْيَّانِ
التَديَّنُ نَزعةٌ فَطَرَ اللهُ تعالى البَشَرَ عليها لقوله تعالى:"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى"وَطبعَ بها جِبلَةَ الخَلائقِ لقوله تعالى:"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ"والدينُ بشكل عام هو الإيمان والاعتقاد بأمرٍ ما أو بحالة شيء ما..والدينُ اصطلاحاً هو الإيمانُ بالله وعبادتُه والتزامُ أوامره ونواهيه..والدينُ من حيث المصدريَّةُ نوعان:دينٌ رَبَّانيٌّ..ودينٌ بَشَريٌّ،والدينُ الرَبَّانيُ واحدٌ لا يتعددُ لقوله تعالى:"إنَّ الدينَ عِندَ اللَّه الإسْلَامُ"ولكنه بشرائعَ متعددةٍ لقوله تعالى:"لِكُلٍّ جعلنَا مِنْكم شِرعَةً ومنْهاجاً"أمَّا الأديَّانُ البَشريَّةُ فَهي مُتعددةٌ في مصدريَّتها وشرائعها..إلا أنَّ جوهر الدين الربَّانيّ والأديانِ البشريَّة هو الاعتقاد بوجود خالق للكون..ولكلِّ أتباع دين تصورهم الخاص بهم عن حقيقة هذا الخالق..فمنهم من يجسده بشيء من الأشياء..أو بمخلوق من الخلائق..ومنهم من يتخيله بصورة ذهنية ما..والمسلمون يعتقدون أن الخالق سبحانه متفرد بخصائصه وصفاته وأسمائه فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد لقوله تعالى:"لَيسَ كَمثلِه شيءٌ"إلا أنَّ البشرَ مجمعون على وجوده سبحانه..ومجمعون على قدسيته..ومجمعون على الافتقار إليه..ومجمعون على وجوب عبوديته واللجوء إليه..فجوهر الدين والتدين عندهم:الاعتقاد بوجود خالق يستحق التقديس والعبادة..والحقيقة الربَّانيَّة واحدةٌ مُطلقةٌ لا تتعدد..ولكنَّ الذي يتعدد هو تصورُ النَّاسِ وفهمُهم لحقيقةِ الإله الخالق سبحانه..وهذا بفهمي هو مصدر تنوع الأديان عند البشر..أمَّا في الإسلام فحقيقة الله جلَّ جلاله واحدة مطلقة لا تتعدد لقوله تعالى:"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"وهو متفرد في صفاته وأسمائه وأحواله لا يماثله شيء لقوله تعالى:"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"وبعد..فإنْ افترقَ النَّاس على حقيقةِ جوهرِ كينونةِ الله تعالى في الحياة الدنيا..؟فإنَّه لَيَسعُهم أنْ يجتمعوا على كليات قيمه وتعاليمه الإنسانيَّةِ السامية سبحانه..؟والتي يجمعون على الإيمان بها ويُنَادون بها ويتمنونها ومنها:(الحرية،الكرامة،الرحمة،المحبة،العدل،قدسية الحياة،الأخوة،الأمن،السلام،الكفاية(!وعد:فإنَّنَا لَنَدعُوهم إلى ذلك..وإنَّا لَنَأملُ أنْ يَتحقق ذلك بإذن الله ومشيئته وهو سبحانه المستعان.
وسوم: العدد 715