أسواق حلب القديمة أمانة في أعناقنا

دعوة للجميع مسؤولين و تجار و زبائن و عشاق لأسواق المدينة القديمة كلٌ على قدر إستطاعته وقدر محبته أن نتعامل معها بقدرٍ أكبر من الإيجابية فليست أسواق فحسب فهي كل شيء جميل في بيت كل حلبي فمنها أقمشة ثيابه عندما كان صغيراً قبل أن تروج الملابس الجاهزة ومنها توابل طعامه ومنها صحنه وملعقته ومنها كل جميل ومشتهى فكثير من السلع لا يحلو شرائها إلا من أسواق المدينة أذكر منها الصابون والزعتز والمكسرات والسكاكر التقليدية يسمونها الحلبية الضيافة ومن ينسى رائحة الورد البلدي التي تعبق سوق السقطية في أيام الربيع ومن ينسى صيحات الباعة في سوق اسطنبول تفضلي يا ست أمري يا حجة ولا تزهو منازل الحلبين دون المطرزات الشرقية وصناديق الصدف والتحف التي تزين أركان منازلهم من منهم لم يشتري ولو خاتماً ذهبياً من أسواق صاغتها وأكاد أجزم أن مصاغ أمه وجدته كان من محلاتها مامن حلبي أصيل إلا ويفتخر بإقتناء سجادٍ خرجت من سوق السجاد القديم فأسواق حلب القديمة ليست أماكن للتبضع فقط بل هي نسيج إجتماعي حميم في أغلب الأحيان لا يشتري أحد شيء إلا من التاجر الذي إعتاد عليه حيث يربطهم ودٌّ قديم قد يتوارثُ عبر أجيالٍ عدة وكلٌ يعرفُ الآخر معرفة عميقة إما أن يكون قريباً أو جاراً أو صديقاً مما يجعل التسوق متعة وحالة إجتماعية فريدة لا توجد في الأسواق الحديثة وتحمل أحجار طرقات الأسواق القديمة ذكريات يتناقلها الأحفاد عن الأجداد والآباء عن صدق المعاملة وطيب المعشر الذي كان يسود مدينة حلب في شتى العصور حتى أيامنا القريبة عندما يفتح التاجر محله في الصباح الباكر ويأتيه زبونٌ ويسأله عن سلعة ما ويقول له التاجر أطلبها من عند جاري فلم يبع حتى الآن بالمصطلح الحلبي لم يستفتح ومن بعدها إذا أردت شيء آخر فعد لعندي كي أستفتح منك فهو ليس بأفضل حالٍ من جاره للمدينة قصصٌ أخرى كم من فتاةٍ خطبت من على أبواب متاجرها وكم من مواعيد بالزيارت بين جيرانٍ لم يروا بعضهم منذ سنواتٍ كان النصح والصدق من أركان معاملة تلك الأسواق وجودة بضائعها فكثيرٌ منها لا تجد له مثيلاً في أي مكانٍ آخر هي مجمع متكامل لكل نوع من السلع سوق متخصص

لذلك أبدء بمناشدتي للمسؤولين بالإسراع بإزالة الركام وفرز الأحجار وأناشدهم بتخصيص دوريات مشددة تراقب حتى من يأتي ليتطلع على ما آلت إليه بعد هذه الحرب القذرة فمنهم لا يكترث بحرمة المكان ويعبث ويبعثر كل ما يجده بطريقه وآمل أن تجد الحكومة طرقاً لإقراض صغار التجار كي يبدؤا بصيانة محلاتهم وإعادة الحياة لها ومن الضروري تخصيص مولداتٍ تعطي الطاقة لمن يرغب بافتتاح محله وهذا كله يخص الأسواق المتضررة جزئياً أما الأسواق المتضررة بشكل كبير أو المهدمة تماماً فلا يجب أن تترك سنوات حتى يعاد بنائها سمعنا عن الكثير من الندوات و ورشات العمل التي لم يجد لها أثراً ملموساً على واقع هذه الأسواق ومن بعدها أتجه للتجار أن يكون لديهم الشجاعة الكافية والإيمان المطلق أن بإذن الله لن تموت هذه الأسواق مازال أهلها متمسكين بالأخلاق الأصيلة يمكن لتاجر ميسور الحال أن يساعد بعض جيرانه على أعمال الترميم كي تنهض السوق في زمن واحد وأنتهي بالزبائن والمحبين أن لا يَركنوا إلى الأسواق البديلة فلا شيء يعوضهم عن أكبر وأعرق وأقدم سوقٍ عرفه العالم بأسره ف 13 كيلومتر من الأسواق المسقوفة والمتصلة لا تعوض ببعض الأسواق الهجينة في أماكن نائية ولو أعطوها أسماء برّاقة.

وسوم: العدد 718