الرأي العام المغربي يدعم مطالب حراك الريف المشروعة بقوة
الرأي العام المغربي يدعم مطالب حراك الريف المشروعة بقوة ويرفض بشدة ما يخالطه من مظاهر التعبير عن الانفصالية والطائفية
لا خلاف بين أفراد الشعب المغربي بخصوص مشروعية مطالب حراك الريف ، وهي مطالب جميع جهات الوطن علما بأن بعضها أسوأ حالا من منطقة الريف . ولا يعاب على حراك الريف أنه جاء كرد فعل على الحكرة يوم طحنت حاوية الزبالة بائع السمك الذي مات دون رزقه ، وكانت طريقة وفاته هي القشة التي قصمت ظهر البعير أو النقطة التي أفاضت الكأس ، تماما كما حدث في تونس يوم أضرم البائع التونسي المتجول النار في جسده ليموت دون قوت يومه . ومعلوم أن الحراكات لا تصنعها أحداث منعزلة بل هي تراكمات شبيهة بطبيعة البراكين حين يأتي أوانها تقذف بحممها . ولقد درج الناس على ربط الحراكات بالحوادث المعزولة ، والحقيقة غير ذلك . ومن المعلوم أن الاحتلال الأجنبي للمغرب وهو احتلال كان هدفه استنزاف خيرات الوطن قد رحل عنا مخلفا وراءه اختلالا في الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بين جهات الوطن أصبح التعبير عنها بعد الاستقلال بمغرب نافع وآخر غير نافع . والمقصود بالنافع هو تلك الجهات التي كان المحتل يوظفها لاستنزاف خيرات البلاد وشحنها إلى بلاده . ومعلوم أن الاحتلال يفعل فعل الجراد حين يسلط على بقعة من البقاع فلا يبقي ولا يذر . ولقد ظل وضع البلاد الاقتصادي كما خلفه المحتل ولم تعتمد سياسة لتغييره من خلال رسم خريطة ينتفي فيها الفرق النافع وغير النافع من خلال توزيع النفع على جميع جهات البلاد مع انطلاق تنمية شاملة متكاملة وعادلة . ولقد استمر تكريس الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفه المحتل ولا زال من خلال تسمية الجهات والمدن المغربية، فلا زلنا نسمي مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية لأن المحتل أرادها كذلك حين اتخذها ميناء يشحن منه خيرات البلاد التي ينهبها في اتجاه موانئه . ولقد أدى إفقار المحتل للشعب المغربي إلى هجرة نحو هذه المدينة وهي هجرة كرست فكرة المغرب النافع و المغرب غير النافع ، وخلقت وضعا اجتماعيا مختلا أيضا بحاكي الاختلال الاقتصادي ،فنشأت فئات عريضة من الفقراء مقابل فئة قليل تكدست في أيدها الثروات ، وحلت محل المعمرين . ومع مرور الزمن تفاقمت أزمة البلاد الاقتصادية والاجتماعية والتي كانت تولد بين الحين والآخر حراكات للتعبير عن رفض هذه الأزمة . ولقد اندلع حراك 20 فبراير حين اندلعت حراكات الربيع العربي ، وكان حراكا شبيها بحراكات سابقة لكنه لم يواجه بما كانت تواجه به تلك الحركات بل كانت مواجهته بمشروع دستور جديد واعد بتغيير الوضع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وهو إجراء انخرط فيه الشعب مع السلطة وأضفى طابع السلمية على حراك مغربي تميز عن باقي الحراكات العربية التي انحرفت نحو الفوضى والحروب الأهلية وعودة الأنظمة الفاسدة المستبدة التي انهارت بشراسة كعودة داء السرطان الفتاك . ولئن كان أصحاب حراك 20 فبراير قد شعروا ببعض الندم على نهاية حراكهم أول الأمر، فإنهم قد حمدوا الله بعد أن انتهت حراكات شعوب عربية إلى ما لا تحمد عقاباه . ولقد كان من المتوقع في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية لم تعرف التغيير ، وبعد تجربة ديمقراطية غير مكتملة أن يظل واردا اندلاع حراكات جديدة يقدح شرارتها حدث من الأحداث كحدث سمّاك الحسيمة أو غيره . ومما رجح كفة الحراكات فشل اللعبة الديمقراطية من خلال الانقلاب عليها بواسطة ما سمي البلوكاج على نتائج الانتخابات التي جرت رياح نتائجها بما لم تشتهه سفن النظام ، وهو ما خلق حكومة هجينة يتحكم فيها أصحاب أفل الأصوات الانتخابية مع وضعية عزوف شريحة طويلة عريضة من الشعب عن المشاركة في هذه الانتخابات لفقد الأمل في جدواها . وبهذه الوضعية عادت البلاد حيث كانت قبل حراك 20 فبراير ، وكان من المنتظر أن تندلع حراكات هنا أو هناك ، وكانت منطقة الريف وهي التي تدخل ضمن تصنيف المغرب غير النافع مؤهلة لحراك بدأ بموت السمّاك الذي قتلته الحكرة الجاثمة على صدور غيره من أبناء الشعب في ريف المغرب وغير ريفه . والمؤسف حقا أن ينحرف حراك الريف عن مساره كحراك ينشد وضع حد للحكرة والفساد إلى حراك تحركه نوايا انفصالية وطائفية مبيتة ومشبوهة وآية شبهتها رفع شعارات وأعلام انفصالية وطائفية ، تصاحبها تصريحات فيسبوكية لبعض متزعمي الحراك ، وكان هذا انحراف واضح لحراك كان مقدسا في البداية ، فصار مدنسا . ولم يستطع متزعمو الحراك إقناع الرأي العام ببراءتهم من تهمة الدعاية للانفصال مع تشبثهم برفع الأعلام الطائفية والانفصالية التي توحي وترمز إلى ذلك . ومما زاد شك الرأي العام الوطني فيهم هو الانفلات الأمني الذي انقلب على الحراك انقلاب السحر على الساحر حيث وثقت فيديوهات لمشاهد التعنيف بقوات الأمن خلال ممارستها لمهمة حفظ الأمن، وهو ما فرض على منظري الحراك الدعوة إلى التشبث بسلميته لتعويض النقط الضائعة بسبب هذا الانفلات . ومن مظاهر الانفلات تجاسر متزعم الانقلاب وأيقونته كما يوصف على منبر الجمعة ، الشيء أحاط الحراك بالشكوك في نوايا من يوجهونه من حراك ينادي بالإصلاح ومحاربة الفساد إلى حراك يستهدف الوحدة الترابية للوطن ،ويصير بذلك نقمة على الوطن عوض الانتقام من الفساد والحكرة . ومعلوم أن التلويح بالأعلام الانفصالية والطائفية هو تهديد صريح لا غبار عليه للوحدة الوطنية ومساس بها و من ثم هو تهديد للشعب المغربي قاطبة . وسيظل الشعب يؤيد الحراك ما دام يستهدف الفسادوالحكرة وينشد الإصلاح ولا يستهدفه في وحدة وطنه الترابية ، فإذا ما انحرف نحو ذلك ، فإنه سيواجهه بعزم وصرامة كما واجه الظهير البربري . ومن المؤكد حسب المؤشرات الواضحة أن حراك الريف صار مخترقا من طرف جهات انفصالية وطائفية لن يصدق الشعب براءتها المزعومة بسهولة ، ويكذب المؤشرات الفاضحة لها. والجميع في هذا الوطن مدعو بوازع الواجب الوطني إلى تدارك انحراف هذا الحراك وخروجه عن هدفه الشريف إلى هدف مبيت مكشوف تقف وراءه جهات لا تريد الخير لهذا الوطن .
وسوم: العدد 723