نكسة حزيران....أدب الصدمة...
ما دمنا في الحديث عن نكسة حزيران فأذكر أن هذه النكسة قد أنتجت أدبًا يمكن أن يسمى (أدب الصدمة) فقد كانت أبواق الإعلام السلطوي تصور العرب وقد امتطوا صهوات العزة والمنعة، وأن أعداءهم من صهاينة وإمبرياليين وغيرهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الفناء المحتم، وأن تطلعاتهم العربية في طريقها إلى التحقق بين عشية أو ضحاها.. ولم تكن هذه الأوهام الفجة منطلية على الطبقات غير الواعية من الشعب فحسب، بل ترسخت في أذهان شرائح المثقفين والشعراء على وجه الخصوص، واطمأنت نفوسهم إلى خطاب تتلقاه آذانهم من الإذاعة، ثم يتابعون في المقاهي تثاؤبهم المتأنق الرهيف. ولما اكتشفوا فجأة أن أحلامهم الفضية ما هي إلا تنك صدئ ارتفعت نبرة النواح والعويل، وتدحرجت من حناجرهم القوافي شاحبة ممتقعة اللون مرتعشة أمام هذا الوجع المباغت الثقيل.
كنت آنذاك شديد الولع بصلاح عبد الصبور، أتقصى كل ما ينجزه من شعر ونثر ومسرح، هذا الشاعر الذي يحمل شجون روحه ويطوف بها في فلوات الوجود، كما تحمل الطفلة ألعابها وتنعزل في زاوية الحديقة لتمارس حوارها الخاص، وأذكر أنه سئل في إحدى المقابلات الصحفية: لماذا لم تكتب شعرًا عن هذه النكسة كما كتب غيرك من الشعراء؟ فأجاب: لأنني لم أفاجأ بما حدث، فقد كنت أتوقع ذلك منذ أكثر من عشر سنوات.
من منا يجيد فن التوقع!!!
وسوم: العدد 723