الشهيد خالد نزال.. اسم يُطارد الاحتلال في حياته ومماته
حكومة الاحتلال الإسرائيلي تواصل عمليات التحريض ضد الشهداء والأسرى الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية في محاولة لتضليل الرأي العام العالمي وحرف البوصلة عن الجرائم التي ترتكبها ليلاً نهاراً ضد الشعب الفلسطيني واستباحة وتهويد المقدسات وتغيير معالم باب العامود وعبرنة الشوارع والطرقات، ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات بتسارع كبير في كافة أنحاء الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وتشديد الحصار على قطاع غزة، والعمل على محو الذاكرة الفلسطينية وتهويد التراث وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية.
الشاهد على التحريض الإسرائيلي، قيام رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن هجمة شرسة استهدفت الشهيد خالد نزال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤول قوات إسناد الداخل برتبة عقيد في قوات الثورة الفلسطينية، بعد تدشين النصب التذكاري وميدان الشهيد خالد نزال في شارع جنين – حيفا بمحافظة جنين شمال الضفة الفلسطينية في الذكرى الـ31 لاستشهاده، بحجة أن نزال كان مسؤولا للقوات المسلحة الثورية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية وخطط لتنفيذ عملية (معالوت/ترشيحا) عام 1974 والتي أدت إلى مقتل 26 إسرائيليا، وبذريعة أن ذلك يُعلم الفتية الفلسطينيين على قتل الإسرائيليين وليس صنع السلام.
ليس غريباً أن يشن الاحتلال الإسرائيلي هذه الهجمة الشرسة على شهداء شعبنا وأسراه ومقاومته الباسلة، فهو يبقى احتلالاً ويتسم بالعنصرية، ولكن المستغرب أن ترضخ قيادة السلطة الفلسطينية لتهديدات الاحتلال وسياساته العنصرية وللضجيج المفتعل الذي أثاره رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذا لم تزل الأجهزة الأمنية الفلسطينية النصب التذكاري ستقوم قوات الاحتلال بإزالة الميدان كاملاً، ما دفع الرئيس محمود عباس لإصدار أوامره للاستجابة السريعة للطلب الإسرائيلي على وجه السرعة، ضاربة السلطة بعرض الحائط كل الوفاء لدماء الشهداء وتضحياتهم وللنضال الوطني الفلسطيني الذي شق طريق اعتراف العالم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
إن حكومة الاحتلال تواصل تجريم المقاومة الفلسطينية ووسمها بالإرهاب وتواصل التحريض على الشهداء والأسرى والمناضلين الفلسطينيين وتطالب بوقف رواتبهم، ولكن أن ترضخ السلطة الفلسطينية لإملاءات الاحتلال سيفتح شهيته لمزيد من الضغط والتحريض على الشهداء والأسرى والمقاومة الفلسطينية والمؤسسات المعنية كهيئة الأسرى والمحررين، ومؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى. فشعبنا لن يتنكر لتاريخه الوطني ولن يتخلى عن تمجيد شهداءه وأسراه الذين صنعوا له المجد وانتزعوا بتضحياتهم اعتراف العالم به شعباً جديراً بالحياة وبحقه في تقرير المصير.
نتنياهو يصف المقاومة بالإرهاب ويتهم الفلسطينيين بتمجيد مقاومتهم متغاضيا عن تمجيد الصهاينة لجرائمهم ومجازرهم وتخليدها كما هو الحال مع العصابات الصهيونية وقياداتها الذين ارتكبوا عشرات المجازر ضد شعبنا، وتسمية العديد من الشوارع والميادين بأسماء (قادة إسرائيليين) تلطخت أيديهم بدماء الفلسطينيين وخير مثال على ذلك، إطلاق أسماء "الأرغون" و"الشتيرن" الذين أدينوا من قبل محاكم بريطانيا نفسها بارتكاب مجازر القتل الجماعي ، بل مواصلة بث السموم في المناهج الإسرائيلية والتحريض على الفلسطينيين وإصدار العشرات من الفتاوى التي تحرض على الشعب الفلسطيني وتبث ثقافة التطرف وإرهاب الدولة المنظم.
المؤسسة الإسرائيلية ترسخ مفاهيم التطرف والعنصرية والحكومة التي يقودها نتنياهو كلها تحرض على العنف والإرهاب، وعليهم أن يتذكروا قيام نتنياهو بشكل شخصي بافتتاح مشفى باسم "اسحاق شامير"مجرم الحرب الإرهابي الذي شارك بقتل وذبح مئات المدنيين، والمطلوب من سلطات الانتداب بجريمة تفجير فندق الملك داود التي ذهب ضحيتها العشرات، واريئيل شارون "بطل" مجزرة قبيا والذي أدانته لجنة تحقيق رسمية إسرائيلية بالمسؤولية عن مجازر صبرا وشاتيلا، بل دفاع نتنياهو عن الجندي القاتل "أليئور أزاريه" الذي ضبط متلبساً بممارسة الاغتيال بدم بارد للشهيد عبد الفتاح الشريف وهو جريح ملقى على الأرض وعاجز عن الحركة.
فاليوم يُزال النصب التذكاري للشهيد خالد نزال وغداً سيكون مقام الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات، وميدان الشهيد جورج حبش في رام الله والشهيدة دلال المغربي وسوى ذلك .
إن الشهيد خالد نزال "سنديانة فلسطين" كان ضحية الإرهاب الإسرائيلي الذي اغتاله جهاز الموساد الإسرائيلي بدم بارد في العاصمة اليونانية أثينا في التاسع من حزيران 1986، والسجل العسكري للشهيد خالد نزال سجل ناصع ومشرف، فهو مناضل من أجل الحرية والواجب الوطني وليس إرهابياً كما يدعي الاحتلال، بل قاد مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، والتي كفلتها كافة الشرائع والمواثيق الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
وختاماً، فمن اتخذ قراراً باستئناف المفاوضات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي دون شروط مسبقة - خاصة بعد تجربة ربع قرن من المفاوضات العبثية - بل في ظل الشروط الإسرائيلية ـــــ الأميركية، دون الرجوع إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية هو نفسه من رضخ للطلب الإسرائيلي بإزالة النصب التذكاري والميدان للشهيد خالد نزال في جنين، وهو نفسه من يعطل تنفيذ قرارات المجلس المركزي للمنظمة منذ أكثر من عامين ويواصل تهميش عمل المؤسسات الرسمية الفلسطينية، ويفتح شهية الاحتلال في التطاول على القيم والمبادئ الوطنية، خاصة بما يتعلق باتهام أسرانا وشهداءنا بأنهم «إرهابيون» ومطالبة السلطة الفلسطينية، وم.ت.ف، بالتوقف عن دفع رواتبهم وتعويضاتهم الشهرية، ورعايتهم في السجون، ورعاية أسرهم، في إطار ما تسميه الولايات المتحدة، وإسرائيل، «تجفيف منابع الإرهاب».
وسوم: العدد 726