علمت الدنيا يا عاكف
تحية خاصة لهذا الرجل ، الشيخ الطاعن في السن ، شيخ ناهز التسعين ، أحببته لبذرة الشباب المشعة في روع هذا الرجل ، أحببته لتلك القوة الداخلية التي صغر فيها الطغيان و الجبروت ، أحببته لثباته الأسطوري ، يواجه الأمراض و المحن و السجن و الجلاد وروحه لا تنحي ، كبرت في عيننا معلمي فدروسك لا تنسى لا يمحيها الدهر و جهادك لا يطمس ، فك الله أسركم و أتابكم الله بعظيم أجره و جزيل متوبته فذلك البلاء العظيم .
إن حديثنا عن الرجل ليس من باب المجاملة أو الإشفاق ، إنما هو وقوف عند محطات العطاء لتاريخ مشرق و مشرف ، ملأ صفحات من الجهاد الطويل ، فالرجل عرفته ساحات النضال و مقاومة المستعمر الإنكليزي في بلده مصر ، فكان يرأس كتائب الطلبة في القناة السويس إلى غاية قيام الثورة المصرية ، فكان الشيخ سجلا حافلا بالتضحيات خدمة لوطنه ، و بذلك ضرب مثلا للمتشدقين أن ضريبة حب الوطن، هي بذل المهج و النفوس و تعريض النفس للمخاطر، حبا لتلك القطعة من وطنه ، و في هذا يكبر عطاء الرجال ، فينالوا الأعجاب والتقدير خارج أرضهم و من غير بني جلدتهم ، حبا و احتراما فقد تعلمنا منه كما تعلمنا من أوطاننا كيف تكون رابطة الرجل لوطنه و أن هذه المحبة من صميم حبه لدينه .
مع هذا النضال يرتقي الرجل لمصاف الرجال المهتمين بالشباب فلا عجب و هو أستاذ رياضة بدنية و اهتمامه بهذا الجانب الحيوي ناشئ من نبع فكرته التي رضع لبنها ، و هي إحدى صفات الفرد المسلم ، أن يكون قوي الجسم ، تمثلا للحديث النبوي الشريف . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " رواه مسلم.
فقد ساح الشيخ في أرض الله الواسعة يرسم هدي الدعوة في بعدها العالمي يرعى شؤون الشباب فشغل منصب مستشار في الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية ، يؤطر المخيمات العالمية و مؤتمراتها ، كما شملت محطاته العديد من البلدان ، الأردن و ماليزيا و بنجلادش و تركيا و ة أستراليا و قبرص و ألمانيا و بريطانيا و إمريكا و في عمق إفريقيا ، أن هذه الطاقات المميزة جدير أن يتلفت إليها الكتاب بالدراسة و التحليل لهذه الكاريزما من الشخصيات .
لاشك إن أمثال هؤلاء من عملة الرجال تترصدهم المخاطر و العقبات ، لأن سجل حياتهم غير أولئك الذين يعيشون على هامش الحياة ، لا يحملون الهم ، أما شيخنا فقد شغلته هموم الأمة ، أن لم يكن لها أمثال هؤلاء أصحاب الأقدام الراسخة الوفية الثابتة على الطريق تكون عرضة للمخاطر .
وقد سجلت هذه الملاحظات من خلال المتابعة و المطالعة و تقصي أخبار الرجال ، فحق لهؤلاء أن يحظوا بالاهتمام و التقدير، فالحر يقر بالفضل و يعرف الأقدار و المقامات لأن المروءة لا تموت عند الأحرار.
وسوم: العدد 727