انتقال خصوم الإسلام من اتهام المنتسبين إليه بالإرهاب إلى اتهام القرآن الكريم وسيد المرسلين بذلك
ازداد تجاسر خصوم الإسلام عليه في الآونة الأخيرة ، ونصبوا أنفسهم شرّاحا مؤولين ومفسرين للقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف انطلاقا من خلفية عدائهم له. ومعلوم أن القرآن الكريم والحديث الشريف يحددان خصوم الإسلام بشكل واضح وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى . ولا زال هؤلاء هم خصوم الإسلام إلى يومنا هذا وسيبقى الوضع كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لسبب بسيط هو أن هذا الدين يعتبر الرسالة التي ختمت بها الرسالات ، وهي رسالة للناس كافة أو للعالمين إلى قيام الساعة ، وأنها الرسالة المصدقة لما بين يديها توراة وإنجيلا والمهيمنة عليهما والكاشفة لما اعتراهما من تحريف . ولقد صرح القرآن الكريم بشكل واضح أن اليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين حتى يتبع هؤلاء ملتهم على ما فيها من انحراف عما أنزل من عند الله عز وجل . ولن يتغير أبدا عدم رضا اليهود والنصارى أو سخطهم عن المسلمين حتى تقوم الساعة. ومعلوم أن عدم رضا اليهود والنصارى عن المسلمين الذين لا يتبعون ملتهم هو السر وراء كل أشكال التآمر عليهم وعلى دينهم . وبعد إقناع اليهود والنصارى بفكرة ارتباط الإرهاب بالمنتسبين إلى الإسلام بدأ حديثهم مؤخرا عن اعتبار القرآن الكريم وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم مصدر هذا الإرهاب، وذلك لاحتواء القرآن والحديث على نصوص يعتبرها اليهود والنصارى داعية ومحرضة على الإرهاب ومستهدفة لهم . ولقد تناقلت مؤخرا وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لخصوم الإسلام من يهود ونصارى يتهمون فيها علانية القرآن الكريم وسيد المرسلين بالإرهاب . ويوشك خصوم الإسلام على سن قانون دولي يجرم الإسلام ويعتبره دين إرهاب ، ويوشك أن يرمى كل من بحوزته نسخة من القرآن الكريم أو من كتب الحديث بتهمة حيازة شيء ممنوع يعاقب عليه القانون لأنهما يتضمنان ما يعتبره خصوم الإسلام فكرا ينظر للإرهاب . ولقد بدأ الانتقال شيئا فشيئا من اعتبار التنظير للإرهاب ناتجا عن سوء تأويل للقرآن والحديث أو عن تطرف في فهمهما إلى اعتبارهما مصدرين ينظران للإرهاب ، وهكذا انتقلت تهمة الإرهاب من المنتسبين إلى الإسلام إلى الإسلام نفسه وإلى القرآن والحديث . ولقد بدأ تآمر خصوم الإسلام عليه في البداية عن طريق إضافة صفات ونعوت إليه من قبيل الإسلام المعتدل ، وهو وصف أو نعت يقتضي ذكر ما يناقضه وهو الإسلام المتطرف ، وانطلت هذه الحيلة على المسلمين فأخذوا بهذا التقسيم للإسلام ،فاعتبر بعضهم مسلمين معتدلين بينما اعتبر آخرون متطرفين، علما بأن الإسلام بعيد كل البعد عن مثل هذا التصنيف لأنه يوجد إسلام واحد ينطق باسمه القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف . ومعلوم أن المذهبية في الدين نشأت في الديانتين السابقتين اليهودية والنصرانية ، وقد شهد القرآن الكريم بذلك ، وحذر المسلمين منه حيث يقول الله عز وجل في سورة آل عمران الآية 105 : (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) وهذه الآية الكريمة دليل قاطع على انعدام التفرّق والاختلاف في الإسلام خلافا لما يروج عنه وخلافا لما ينعت به من إسلام معتدل وآخر متطرف ، وهي أيضا دليل على بطلان التمذهب أو المذهبية في الإسلام ، وهو أمر أكدته نصوص قرآنية أخرى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قول الله عز وجل في سورة الروم الآيتان 31 و32 : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) . ولقد انتقل التمذهب أو المذهبية أو التفرق إلى الإسلام وازداد النفخ في ذلك خلافا لما نهى عنه القرآن الكريم بالنص الصريح الذي لا يقبل تأويلا . ومع تراخي الزمن عن فترة النبوة والخلافة الراشدة بدأ التطبيع مع التمذهب والمذهبية والتفرق عصرا بعد عصر حتى انفلت الأمر من يد المسلمين ووقعوا فيما وقع فيه أهل الكتاب يهود ونصارى من تشيع وتفرق ، وصار المسلمون فرقتان كبيرتان شيعة وسنة وتنضوي تحت كل فرقة منهما طوائف متعددة بينها اختلافات وخلافات وصراعات فكرية تحولت إلى صراعات دموية . ومعلوم أن القرآن الكريم ينص على أن الدين عند الله عز وجل هو الإسلام وأن من يبتغي غيره لن يقبل منه كما جاء في سورة آل عمران الآية 85 : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )) ولا شك أن مخالفة ما ينص عليه القرآن الكريم يعتبر ابتغاء غير الإسلام دينا ، وعليه فإن تفريق الإسلام أو التفرق فيه إلى مذاهب وشيع هو ابتغاء غيره . والقول في زماننا بمقولة الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف ضرب من التفرق فيه وابتغاء غيره الذي لا يقبل عند الله عز وجل . ولن يقبل الله عز وجل أن يكون للدين عنده وهو الإسلام وجهان : وجه معتدل وآخر متطرف ، ولا يقبل سبحانه الاختلاف في دينه بعد ما جاءت المسلمين البينات . والترويج لفكرة اعتدال وتطرف الإسلام مصدره خصوم الإسلام يهود ونصارى الذين يتعمدون التفريق بين المسلمين وإقناعهم أنهم بالفعل متفرقون ومختلفون ، وفيهم المقبول والمرفوض . ومع شديد الآسف انطلت حيلة هؤلاء الخصوم على المسلمين ونشأت لديهم قناعة راسخة أنهم بالفعل مختلفون وأن فيهم المعتدل وفيهم المتطرف . ومن أجل إقناع المسلمين بذلك دس خصوم الإسلام بينهم من يمثل التطرف كما هو الشأن بالنسبة لما يسمى " داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية" وهو عبارة عن صناعة مخابراتية غربية لعصابات إجرامية تمارس العنف الأعمى باسم الإسلام ، وهو عنف يدينه الإسلام من خلال نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف الصريحة . وقد تم دس هذه العصابات عمدا بين المسلمين من أجل تشويه الإسلام والوصول إلى فكرة مفادها أن هذه العصابات تقتبس إرهابها من هذا الدين ومن نصوص القرآن والحديث ، وهكذا تم إقناع المسلمين بوجود إسلام معتدل وآخر متطرف تمثله هذه العصابات الإجرامية التي لن يقبل الله عز وجل منها إسلامها وهي تخالف قرآنه بشكل صريح . ويستغل خصوم الإسلام وجود هذه العصابات الإجرامية لنقل ما توصف به من إجرام وإرهاب إلى بقية المسلمين الرافضين لهذه العصابات والمتبرئين من أفعالها الإجرامية تمهيدا لإلصاق تهمة الإرهاب بدين الإسلام باعتباره مصدر تنظير تلك العصابات الإجرامية، وذلك لصرف المسلمين عن دينهم بعد إقناعهم بـأنه بالفعل كذلك ، مع التآمر لتحقيق حلم إصدار قانون يجرمه ويدينه ويعتبره دين إرهاب دوليا . ولقد بدأت تهمة الإرهاب تنتقل من عصابات داعش الإجرامية إلى جماعات أخرى كحركة المقاومة الإسلامية حماس ، وحركة الإخوان المسلمين وغيرهما ، ولن يقف الأمر عند هذا الحد بل ستلصق تهمة الإرهاب بكل من له علاقة بالإسلام حتى أولئك الذين يصنفون بأنهم من المسلمين المعتدلين وأنهم أصدقاء خصومه . ومما يؤكد ذلك بالملموس تداول وسائل التواصل الاجتماعي قبل مدة لفيديو نقل حوارا بين الأمريكيين خلال جلسة بالكونجرس الأمريكي تناول موضوع علاقة الوهابية بتمويل الإرهاب ، فصار بذلك النظام السعودي الذي يتبنى المذهب الوهابي في قفص الاتهام بالإرهاب كما يتهم هو وحلفاؤه الخليجيون والمصريون اليوم حركة حماس وحركة الإخوان المسلمين بالإرهاب ، وهكذا انقلب السحر على الساحر . ومن المؤكد أن تهمة الإرهاب ستصل في النهاية إلى دين الإسلام بعد أن تلحق بكل المنتسبين إليه على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم ، وسينتقل الجميع من خانة الاعتدال إلى خانة التطرف حين يصنف الإسلام من طرف خصومه وأعدائه عالميا عبر قانون بأنه دين ينظر للإرهاب ، وستؤكل ثيران الإسلام واحدا تلو الآخر أبيضها وأسودها وأحمرها . ولقد بدأت المؤشرات الدالة على ذلك بشكل واضح من خلال الأزمة الخليجية الحالية المختلقة أمريكيا وصهيونيا من أجل الوصول إلى هدف إقصاء الإسلام الذي هو دين رب العالمين للناس أجمعين والضامن لسعادة البشرية ومنقذها من كل أشكال الطغيان البشري ، وهو طغيان يوشك أن يعم العالم كما كان الحال في عصور بائدة حدثنا عنها القرآن الكريم . ولن يتخلص المسلمون مما هم فيه من تمزق وتشرذم وصراع وقتال إلا بالتمسك بدين الإسلام الذي هو الدين عند الله عز وجل ، وذلك بالتمسك بالقرآن والحديث اللذين يجدون فيهما التوجيهات الربانية التي تخلصهم من كيد أعدائهم ، وحسبهم من هذه التوجيهات قول الله تعالى في سورة آل عمران الآية 73 : (( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله )). فهل سيفيق المسلمون من غفلتهم وينتبهوا إلى أنهم جميعا مستهدفون باستهداف الإسلام ؟؟؟
وسوم: العدد 727