حصار قطر.. والبعير الطائش!

الحمد لله، لا يستطيع أحد من فريق النائحات الرداحات أن يتهم هذا القلم بأنه يستفيد من قطر أو غيرها من دول الحصار أو الشجار بشيء مادي أو معنوي. كلمات هذا القلم تبتغي وجه الله، وتحتسب أجرها عنده وحده. هناك أبناء وأقارب لفريق النائحات الرداحات يعملون في قطر، ويفيدون منها مالا ومكانة، بل إن بعض نعال البيادة يظهرون على برامج الجزيرة بوصفهم الرأي الآخر لينالوا مكافآت محترمة، وإقامة طيبة في أفضل الفنادق، وبعضهم يضيف إلى فاتورته المشروبات الروحية!!

الحمد لله قضينا العمر بعيدا عن هذه الشبهات التي يراها بعضهم حقا واجب السداد نظير جهد في الكتابة أو الكلام على الهواء أو المؤتمرات والندوات.. هدفنا أن تنهض أمتنا من كبوتها، وتتحرر من أغلال الاستبداد والاستعباد، وتحظى باستقلال حقيقي يهيئ لها فرصة العمل والإنتاج والمشاركة في الحضارة الإنسانية وفقا لتعليمات الإسلام العظيم القوي المقاوم!

ولهذا لا بد من الإشارة إلى الجريمة التي ارتكبها البعير الطائش- أيّا كان- ضد دولة قطر بسبب خروجها على السياق الذي رسمه السادة الصليبيون واليهود الغزاة لصبيانهم، كي يستمروا في إذلال الأمة والسيطرة على مقدراتها وتغييبها في غيابات الجوع والفقر والجهل والرق والخيبة الحضارية الكبرى، فضلا عن تحقيق الحلم الشيطاني الذي يبدو أنه بات قريبا وهو إنشاء دولة يهود من النيل إلى الفرات!

فوجئ الناس فجر أحد أيام رمضان المباركة ببيان من دول الحصار يعلن فرض حظر شامل على دولة قطر يشمل البر والجو والبحر، مع منع الغذاء والبضائع ورعي الإبل والأغنام في الصحراء المفتوحة، ووقف الزيارات وسفر الأسر الممتدة الموزعة بين قطر ودول الحصار، ثم التهديد الضمني بالعمل العنيف ( الحرب) لتغيير النظام وقلب نظام الحكم في حال رفض المطالب الإذلالية.

كان لافتا تبعية حكومة الجنرال في أم الدنيا لقرارات البعير الطائش، وإن كانت الدول المعنية لا تذكر هذه الحكومة ولا تتحدث عنها أبدا. بل إن دولة قطر المحاصَرَة لم تذكرها مرة واحدة في بياناتها أو تصريحاتها، ولم يلتق وزير الخارجية القطري في نيويورك(30/6/2017) بالمندوب المصري ضمن الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وهذه مهانة لا ترضى بها جمهورية من جمهوريات الموز!

جاء الحصار عقب زيارة دونالد ترامب للجزيرة العربية مع زوجته وابنته إيفانكا، حيث سمح باستقبال أحبابه من رؤساء العالم الإسلامي وحكامه، وجلسوا أمامه مجلس التلميذ من الأستاذ، ومع أنه أعلن عداءه الصريح والفج للإسلام والمسلمين على طريقة بطرس الحافي في الحرب الصليبية الأولى، وأصدر قرارا بعدم دخول المواطنين من دول إسلامية مهمة إلى بلاده، فقد تعاملوا معه تعامل المنقذ والمحرر لهم من قبضة منافسيهم وشعوبهم!

الزيارة تمثل حالة من حالات الاستلاب الرهيبة لأمة "حنا للسيف"، فقد عاد بعدها الرجل إلى بلاده ليعلن في دهشة تشبه السعار المجنون، وهو يردد لأركان حكمه وإعلامه: وظائف .. وظائف .. وظائف!! أي جئتكم بعشرات الألوف من الوظائف، وتشغيل المصانع، ودعم الاقتصاد الصليبي الإرهابي الأول في العالم! وكان من الطبيعي بعد إعلان الحصار الذي أشار بطرس الحافي إلى أنه هو الذي أمر به، أن يجد مزيدا من الوظائف لشعبه بعد توقيع قطر لصفقة 72 طائرة فانتوم، وهنا تتغير لهجة بطرس الحافي وتتحدث عن حل الخلافات بالحسنى، والاستعداد للوساطة، ومضى شهر رمضان المعظم وحل العيد السعيد ومضت الأيام الستة البيض، ولم يغيّر المحاصرون موقفهم، بل أرسلوا إنذارا على قلم أعرابي استخباراتي بأن دويلة قطر تنتظر مصير رابعة العدوية! في إشارة إلى مذبحة رابعة العدوية التي نفذها الجنرال الانقلابي بدعم البعير الطائش! والمقصود دخول القوات العسكرية إلى الدوحة لتقتل وتدمر وتضع حاكما على هواها مثلما فعل أبو عُدَيّ ذات يوم في الكويت!( أليست جاهلية قريش أكثر شرفا ومروءة من جاهلية القرن العشرين؟!).

البعير الطائش مشغول بوجوده وكرسيه، وليذهب العالم إلى الجحيم! حين شاهد العالم العربي يتململ ويغضب ويثور على الطغاة والجلادين فيما عرف باسم الربيع العربي، لم يتردد في التحالف مع شياطين اليهود والصليبيين، ويدفع المليارات التي جاءت فضلا من الله لتخدم الإسلام والمسلمين، ليسقط الأنظمة الذي جاءت بها الإرادة الشعبية، ويحارب الإسلام كما لم تحاربه قريش، ويهوي بأول رئيس مسلم يحرص على الصلاة إلى غيابة الجب، وينتفض فرحا وبهجة وألوف الأبرياء تغرق في دمائها بالميادين والشوارع، وعشرات الألوف ممن يقولون ربي الله يغيّبون وراء القضبان، ومئات الألوف بل الملايين يطاردون وتتوجه إليهم مواسير المدافع والدبابات.. ولا بأس لديه أن يغدق على القتلة والسفاحين وأبواق النواح والردح مليارات، لتتحقق له السكينة فوق الكرسي المهتز والعرش المغتصب!

لقد ظن البعير الطائش أن محاربة الإسلام في بلاد المسلمين، ورشوة الصليبين بالمليارات على هيئة دعم اقتصادي أو سياسي كما جرى في صربيا ومالي وغيرهما يمكن أن تحقق في قطر ما يريد، ولكنه لم يدرك أن المحاصر المخنوق، أو الغريق الذي يتعلق بقشة، يمكن أن يستسلم أو يسلم بمطالبه الإجرامية الوحشية الإذلالية.

المحاصَر لم يفكر طويلا، فقد استدعى تركيا وإيران لإنقاذه من الجوع والموت البطيء، كما رأى أن يتحصن من مصير مذبحة رابعة، فأقامت له تركيا قاعدة عسكرية يمكنها أن تتحرك عند اللزوم، وتتدفق القوات التركية بصورة شبه يومية مع طائرات الخبز والزبد واللحم والحليب والفاكهة، وعلى الجانب الإيراني تتحرك السفن يوميا في نحو اثنتي عشرة ساعة من الجانب الفارسي إلى الجانب القطري حاملة ما يحتاجه القطريون من طعام وغذاء ومنتوجات مختلفة، مع التلويح باستعداد الحرس الثوري للقفز إلى الدوحة للدفاع عنها وعن شعبها. وما أدراك ما الحرس الثوري الذي تفشى وجوده في العراق والشام وربما اليمن السعيد؟ بينما قاسم سليماني سعيد بتجواله في بلاد العربان ويهتف في النهار: الموت لإسرائيل، والموت لأميركا، وفي الليل ينام في سرير تل أبيب وواشنطن، ولا يخشى أن يضربه الكيان الصهيوني بالقنبلة النووية كما يحلم البعير الطائش لأن المصالح مشتركة!

ترى لو أن الحرس الثوري انطلق من الدوحة يسارا ويمينا، ماذا سيحدث؟

سيرفع أعلامه فوق خيام البعير الطائش ويعلن دولة الشيعة شرق الجزيرة، ولا يكتفي بالجزر الثلاث، بل يؤسس لتقسيم أعلن عنه الصليبيون مرارا وتكرارا، وستظهر عشرات القنوات التي تشبه فضائية الجزيرة لتتحدث عن الطيش والطائشين والفساد والمفسدين والطغاة والمظلومين وقريش والمسلمين.. وتتحقق دعوة المظلومين في رابعة.. هل وصلت الرسالة يا أذكياء؟

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 727