دَولَــةُ الإسْــلامِ
دَولَةُ الإسْلامِ ماغابت ولن تَغيب عَنْ الأرضِ لقول نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"فَحَاشَى للهِ أنْ يُغيِّب سُلطَانَه مِنَ الأرضِ..نَعم قَد تَضعُفُ دَولَةُ الإسْلامِ وَقد تَتَخلَّفُ لقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم:"خير القرون قرني،ثم الذين يلونهم،ثم الذين يلونهم"وَقَد يَظهَرُ عَجزُها وَهوانُها عَلَى النَّاسِ لقول رسول الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :"يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمُم كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا"إلَّا أنَّهَا لا تَزُولُ لأنَّها مَحفُوظَةٌ بِحِفظِ القُرآنِ الكرِمِ..وَحِفظُ القُرآنِ ليسَ حِفظِ نُصٌوصِهِ فَحسْب كمَا في قَولِهِ تَعَالى:"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"بلْ حِفظِ القُرآنِ في تحكيم نصوصه وإقامة سلطانً الله تعالى في الأرضِ لقوله تعالى:"وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ"ويؤكد المفسرون أن معنى قوله تعالى:"وَبِهِ يَعْدِلُونَ"أي يحكمون ويقيمون العدل..ولقوله جلَّ وجلاله":وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ"وما جاء في الآية من أفعال فهي من مسؤوليات الحاكم والدولة لقوله تعالى:"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"وهذه كلها من مسؤوليات الدولة والحاكم..وبعد..فالاستِخلافُ الرَبِّانيُّ في الأرضِ يَلْزَمُهُ الحُكْمُ بِالحَقِ..والقُرآنُ الكَرِيمُ هو الحقُ لقوله تعالى:"وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ"وهو مَصدَرُ الحُكمِ بالحَقِ لقوله تعالى:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ"وَقَضَت إرادةُ اللهِ تَعالى أنْ يَكُونَ الحُكمُ بِالقُرآنِ بأداءٍ بشَرِيٍّ لِقولِه تَعالى:"وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ"ولقوله تعالى:"اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ"والمُستَخلَفُون في الأرضِ لَيسوا سَواءً لِقولِهِ تَعالى:"ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ"فحالُ دَولةِ الإسلام..مِنْ حالِ الإنسْانِ المُستخلفِ عدلاً وَظلْمَاً وَقوةً وضَعْفاً..إلا أنَّها لا تَغيبُ بِحالٍ مِنَ الأحْوَالِ لِقولِه تَعَالى:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ"وَبَعْدُ:فمَنْ يَدعيَّ أنَّ دَولةَ الإسلامِ اليومَ غائبة لا وجُودَ لَها..فقد افترى عَلَى اللهِ الكذب..وَتَألَّهَ عَلَى الله في أخصِّ خُصُوصِيِّاتِ إلوهيته وَرُبُوبِيَّتِهِ سبحانه..أجل دولة الإسلام لا تغيب..والكعبة البيت الحرام مركز ومنطلق أنوار عدلها وسلطانها وخيريتها في الكون.
وسوم: العدد 728