كُن أحْلَمَ عليها

د. محمد رشيد العويد

طلب من زوجته أن تصنع لهما فنجانين من القهوة يحتسيانهما معاً. لبَّت الزوجة طلبه على الفور فقامت وتوجهت إلى المطبخ.

مضى وقت أطول من الدقائق التي اعتادت الزوجة إعداد القهوة خلالها، فتململ الزوج وقد أحسّ بشيء من الضيق، فنهض وتوجّه إلى المطبخ ليعرف سبب تأخّر زوجته.

اقترب من المطبخ وكاد يدخل لولا أن سمع زوجته تكلم أحداً، فتوقف وأصاخ بسمعه.

جاءه صوتها وهي تُجيب من يسألها: كنت أهوى الطبخ وأنا صغيرة إذ كنت أدخل مع أمي إلى المطبخ وتشرح لي ما تقوم به.

اقترب الزوج أكثر ووقف على باب المطبخ ليجد زوجته مُمسكة بملعقة ترفعها أمام فمها وكأنها (مايكرفون) تتحدث من خلاله عن نفسها، ثم تنتقل إلى الجهة المقابلة لتقوم أيضاً بدور المذيعة وهي توجّه سؤالاً إلى الزوجة: وهل يُحب زوجك طبخك؟ فتعود إلى مكانها السابق لتُجيب: إنه مغرم به.

هنا أخذ زوجها يصفق إعجاباً وهو يقول: برافو... برافو... أحسنتِ زوجتي الغالية.

شعرت الزوجة بالخجل فقالت: سامحني.. تأخرت عليك... هذه الركوة وفيها الماء يغلي... لحظات وأُحضر القهوة.

ردّ عليها: أداء جميل، وتمثيل بارع، وموهبة رائعة في أداء دورين معاً. وصدقتِ حين قلتِ إن زوجكِ مغرم بطبخك، وليتك ذكرت أنه مغرم بكِ أيضاً.

...

هذا التعليق الإيجابي من الزوج على ما سمعه وشاهده، وهذه الحكمة في ضبط النفس والتعامل مع الموقف بِحِلم واحتواء للزوجة ومشاعرها، قد لايصدر عن كثير من الأزواج الذين يصرخون في زوجاتهم وقد سمعوا وشاهدوا ما سمعه هذا الزوج وشاهده، فقد يقول أحدهم: ما هذا السخف الذي تفعلينه! هل هذا العبث هو ما أخّرك وشغلك عن إعداد القهوة؟!

وقد يقول آخر: مجنونة أنتِ؟! نسيتِ أنكِ زوجة وأم حتى تلعبي كما يلعب الأطفال وأنا أنتظر القهوة؟!

وغير هذا وذاك كثير من التعليقات السلبية المُحبطة المُحزنة المُدمرة التي يُمكن أن تصدُر عن رجال لايُقدِّرون هذا اللهو البريء حين يصدر من زوجاتهم.

نحتاج، نحن الرجال، إلى أن نزيد حِلْمَنا على زوجاتنا وأطفالنا، وأن نُقدِّر كثيراً مما يقومون به من لهو بريء.

وسوم: العدد 733