ذكريات من الواقع ...ليل طويل ...( 1 )
من واقع الأحداث التي تمر علينا ، علمنا منه ما علمنا وما لم نعلم وعرفه لنا التاريخ ، كنا قوة تملك الأرض حينما توحد صفنا وكنا على رأي رجل واحد ، فكان لنا الغلبة على كل الدنيا وبعد .
ظل التاريخ يتأرجح بنا هنا وهناك ، يمنة ويسرة ، أعلى وأسفل ، وها نحن اصبحنا أسفل أمم الدنيا ، وهذا ما جنته أيدي الظالمين ، تداعو على دين الله الحق في الأرض ، فأذلهم واذلنا الله لكل أهل الأرض .
فمن التاريخ نذكر لكم :
حينما نزل دين الاسلام ورسالة الإيمان على الحبيب المصطفى محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، حل رضى الله تعالى على كل من آمن وأسلم لله . ولكن هنا تكون القضية ، فالقضية ايمانية بحته ، لا يعرف قدرها إلا المؤمنون الذين أنعم الله عليهم بالفهم الجيد والثبات الحق على الحق .
يمتد التاريخ الإسلامي على فترة زمنية طويلة تغطي معظم العصور الوسيطة على مساحة جغرافية واسعة تمتد من حدود الصين في آسيا إلى غرب آسيا وشمال أفريقيا وصولا إلى الأندلس.
ويمكن اعتبار التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على النبي محمد بن عبد الله ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة مرورا بالدولة الأموية في دمشق التي امتدت من حدود الصين حتى جبال البرانس شمال الأندلس ثم الدولة العباسية، بما تضمنته هذه الدول الإسلامية من إمارات وسلطنات ودول مثل السلاجقة والبويهيين وفي المغرب الأدارسة والمرابطون ثم الموحدون وفي الشام الحمدانيون والزنكيون وغيرهم ،
أخيرا في مصر الفاطميون وفي الشام ومصر مثل - الأيوبيون والمماليك ثم سيطرةالدولة العثمانية التي تعتبر آخر الإمبراطوريات التي كانت تحكم باسم الإسلام على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وكانت تلك الإمبراطوريات التي ذكرت قد حكمت رقع واسعة من البلاد الغير عربية، وقد وصلوا إلى بلاد ما وراء النهر شرقا وفرنسا وأسبانيا غربا.
الدين والدولة في الإسلام
منذ البداية تميز الإسلام بأنه أكثر من دين ينظم العلاقة بين الإله كخالق وبين الإنسان كمخلوق كما تفعل معظم الأديان الأخرى، فقد قام محمد منذ بداية نزول الوحي القرآن الكريم) بتأسيس المسلمين بشكل جماعة برزت منذ أيام الاضطهاد المكي لتتطور إلى مجتمع وما يشابه الدولة في المدينة المنورة. وهناك في المدينة تتابع نزول الوحي منظما علاقات الأفراد المسلمين (مهاجرين وأنصار) بين بعضهم البعض وبين أفراد الأديان الأخرى (اليهود في المدينة)، وكل هذا يجعل من الإسلام دينا جماعياً حتى أن عباداته بمجملها تقوم على فكرة الجماعة والتضامن في المجتمع، إضافة إلى تحديد علاقة الإنسان مع الخالق والطبيعة، مما يجعله دينا ذا جانبين : روحي ديني، واجتماعي سياسي.
تفسير التاريخ الإسلامي
تختلف وجهات النظر التي تحاول شرح وتفسير التاريخ الإسلامي بكل تعقيداته وزخمه بالأحداث والثورات والقلاقل، حسب الخلفيات الإيديولوجية التي يتبناها المحللون والأدوات التحليلية التي يستخدمونها.
في العصر الحديث بعد ما يسمى بعصر الصحوة كانت هناك توجهات واضحة من قبل المؤرخين المعروفين بالقوميين لتفسير التاريخ الإسلامي على أنه تاريخ عربي محض، في ذات الحين نرى أيضا مؤرخين شيوعيّين يميلون لرؤية التجاذبات السياسية والعسكرية في مجمل التاريخ الإسلامي بوجهة نظر ماركسية تغلب العوامل الاقتصادية والصراع الطبقي فوق كل اعتبار آخر، أما المؤرخون العلمانيون فكانوا يحاولون جهدهم لمنع إدخال العامل الديني ضمن تفسير الأحداث وكانت جهودهم تتركز على إعادة استكشاف ما يدعى بالتاريخ الجاهلي باعتبار أن بذور النهضة العربية بدأت في ذلك العصر وما الإسلام إلا بذرة التطور في الفكر العربي.
بين كل ذلك الاختلاف على تفسير الأحداث بقي المؤرخون ذوو التوجه الإسلامي يناضلون لإثبات تفرد الإسلام كدين أحدث ثورة اجتماعية وحضارية منحت العرب دولتهم وحضارتهم وهذه حقيقة لا جدال فيها ويؤكدون على تسامح الإسلام ووصول العديد من الأعراق الإسلامية الأخرى إلى سدة الحكم. كما يؤكد هؤلاء المؤرخون على أن بعثة النبي محمد بن عبد الله كانت نقطة فارقة أحدثت انقلابا في تاريخ المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام. لكن نقطة الضعف الأساسية أنهم يقدمون بعد ذلك توصيفا للأحداث بدون تفسيرها فبعض السنة تؤكد على عدم الخوض في تفاصيل أحداث فتنة مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان والخلاف بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب باعتبار الاثنين من الصحابة وكلاهما مغفور لهما، أما الفريق الآخر من أهل السنة والجماعة فيؤكد خطأ معاوية في الخروج على علي ويثبتون أحقية علي بدلالة انتخابه وبيعته. على الطرف الآخر النقيض يقف الشيعة موقفهم المعروف من دعم علي وآل بيته في خلافة المؤمنين بتقرير رسول الله محمد بن عبد الله، جاعلين الخلافة شأنا شرعيا بخلاف نظرية السنة التي تجعل الخلافة أمرا سياسيا يتفق عليه المسلمون وينعقد بالبيعة.
يمكن تصنيف العوامل التي تلعب دورا رئيسيا حسب تفسير عبد العزيز الدوري إلى :
عوامل عقائديه : تلعب فيها أمور الدين والعقائد دورا أساسيا، عوامل ثقافية : فالثقافات والعادات المختلفة سواء الموجودة مسبقا عند العرب مما يدعى بالعادات القبلية والبدوية أو العادات التي صادفوها عند انتشارهم في الأقاليم المجاورة مثل الموروث الفارسي والكسروي والموروث الروماني واليوناني، عوامل حضارية فلسفية : تشكل مجموع العلوم والفلسفات التي تلقاها المسلمون عند اختلاطهم بالشعوب الأخرى وهي أساسا : الفلسفات الهندية والفارسية واليونانية، عوامل اقتصادية : فالمال والثروة طالما كانت ذات دور رئيسي في الكثير من الحروب والنزاعات التي رسمت تاريخ الجنس البشري.
يعتمد عابد الجابري تصنيفا مشابها في كتابه العقل السياسي العربي حيث يقوم بدراسة التاريخ الإسلامي حسب محاور ثلاثة : (العقيدة، القبيلة، الغنيمة) كما يدخل أيضا المدخلات الغريبة من عادات حكم وتقاليد فارسية ويونانية رومانية.
توفي رسول الله محمد بن عبد الله عام 632 بعد أن وحد الجزيرة العربية تحت راية الإسلام.
كانت الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام مجموعة من القبائل العربية والبدو الرحل ينتظمون في قبائل. ويعتبر الولاء للقبيلة وتحالفاتها الأساس في تنظيم المجتمع العربي (مفهوم العصبية). كانت الغالبية العظمى تدين في مكة بالوثنية إضافة للديانة اليهودية في يثرب والمسيحية في نجران و نجد ، وكانت مكة مركزا دينيا يؤمه العرب من كل صوب لأداء الحج إلى البيت الحرام الذي بناه إبراهيم.
في هذا الجو ظهر محمد ليجهر بالإسلام ، وكان أهم تأثير سياسي للإسلام أنه استطاع إقامة دولة في المدينة المنورة يسودها تشريع يحكم الجميع، ووثائق ومعاهدات مع يهود يثرب الذين كانوا يسكنون المدينة. لاحقا استطاع المسلمون هزم المشركين في عدة معارك وفتحت مكة قبل وفاة رسول الله بعامين فحطمت أوثان العرب التي كانت موجودة في الكعبة وأعلن التوحيد.
التوحيد الذي جاء به الإسلام لم يكن دينيا روحيا فقط بل كان أيضا اجتماعيا سياسيا، فالجزيرة العربية كلها دخلت في عقيدة واحدة وأصبح لها كيان واحد وقبلة واحدة وإله واحد هو الله. في حين ضعفت العصبيات القبلية والمطامع المادية في تلك الفترة مؤقتا قبل أن تعود للظهور بعد أن حقق المسلمون انتصارات مهمة لإسقاط دولة الساسانيين وفتح بلاد الشام.
عصر الخلافة الإسلامية
أحدث خبر وفاة رسول الله صدمة هائلة عند كثير من المسلمين، فمن يقول مات رسول الله ومن يقول لا لم يمت . لما بلغ الخبر أبو بكر دخل على رسول الله في بيت عائشة , فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله ثم أقبل عليه فقبَّله، وخرج إلى الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم تلا قول الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ،
بايع الناس أبا بكر في المسجد -بعد بيعة قادة المهاجرين والأنصار له في سقيفة بني ساعدة فقام أبو بكر خطيبًا في الناس ليُعْلِن عن منهجه، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال:
أما بعد، أيها الناس، فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإنْ أحسنتُ فأعينوني، وإنْ أسأتُ فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقَّه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحقَّ منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله
سنعيش معا هذه السلسه القصصية بنقل من التاريخ حتى ايام نومنا العميق وثباتنا في الأسرة وحتى وصلنا ذيل الأمم لنرى كيف لعب التاريخ دوره في حياتنا ووضح لنا كيف كان لأمتنا الإسلامية شأن عظيم على مدار قرونا واعوام .
يوجد جزء منقول للمصداقية .
وسوم: العدد 733