ترامب والنازيون الجدد وبينهما الأسد!

كشف الرئيس دونالد ترامب، مجددا، عن قرابته مع اليمين المتطرف والعنصري الأمريكي حين قام بمساواة تيّار من المهووسين بكراهية الأجانب والأديان والإثنيات الأخرى من جماعات كوكلوكس كلان و«تفوّق البيض» مع دعاة المساواة والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين كانوا يتظاهرون سلميّاً يوم السبت الماضي حين قام أحد النازيين الجدد بالهجوم عليهم بسيارته فقتل امرأة وجرح 19 آخرين.

التصريح المثير لترامب قال: «ندين بأشد العبارات هذا الإعلان البشع عن الكراهية، التعصب والعنف من عدة اتجاهات»! وهو ما انعكس هجمات سياسية عليه بما فيه من بعض قادة حزبه الجمهوري، وكان لافتا أن نائبه مايك بنس أدان أنصار التفوق العرقي والنازيين الجدد وكوكلوكس كلان قائلا إن هذه الجماعات لا مكان لها في الحياة العامة الأمريكية، فيما قام وزير العدل جيف سيشنز باعتبار «الاعتداء الشرّير» الذي حصل «إرهابا محلّياً».

أنصار اليمين المتطرّف استطاعوا جمع الآلاف على خلفيات أيديولوجية مختلفة تتعلق بالعرق الأبيض، وكراهية اليسار، والدفاع عن حرية التعبير، والمدافعين عن التراث الجنوبي الأمريكي والمعادين للمؤسسات السياسية التقليدية، وتناظر ذلك مع وقف الرئيس الأمريكي الدعم الحكومي لمواجهة التطرف اليميني للتركيز على «الإرهاب الإسلامي»‪.

دفع الحدث وسائل إعلام عديدة لربط ما حصل في شارلوتسفيل بالتاريخ، فتحدّثت «الغارديان» البريطانية مثلا عن والد ترامب الذي كان معروفا بتعاطفه مع النازيين وأنه اعتقل في تجمع لمنظمة كوكلوكس كلان العنصرية المتطرفة عام 1927، وربطت ما يحصل حاليّاً بالدستور الأمريكي لعام 1787 الذي بني على التفوق العرقيّ للبيض والذي اعتبر الأسود يساوي ثلاثة أخماس الأبيض، لكنّها أشارت أيضاً إلى أن تطوّرات هائلة حصلت في السياسة الأمريكية خلال الخمسين سنة الأخيرة وضعت حقوق الإنسان والمساواة ضمن القوانين وأدت لانتخاب رئيس أسود، وافترضت، بالنتيجة أنه لا يمكن لرئيس أمريكي أن يتجاهل أمرا اعتبر إرهابا في لندن وبرلين ونيس، وأن المساواة بين عنف العنصريين والاحتجاج السلمي غير ممكن سياسيا.

كان لافتاً، بالنسبة لنا كعرب، اكتشاف أن للرئيس السوري بشار الأسد أنصاراً ضمن عناصر النازيين الجدد وعصابات كوكلوكس كلان، وقد انتشر شريط فيديو لأشخاص منهم يرتدون قمصانا طبعت عليها عبارات مؤيدة لـ«الجيش العربي السوري» ويدعون الأسد لاستخدام السلاح الكيميائي وإلقاء البراميل المتفجرة على «الإرهابيين»، فيما ذكر أن جيمس فيلدز، الإرهابي الذي هاجم المتظاهرين بسيارته وضع صورة للأسد باللباس العسكري على صفحة «فيسبوك» الخاصة به وتحتها كلمة: «لا يمكن هزيمته»، وهذه «ميدالية» جديدة تضاف للرئيس السوري، بعد تطويبه في البروباغاندا الروسيّة كمقاتل ضد الإسلام، وفي الدعاية الإيرانية، كمجاهد شيعي، وفي «تحليلات» اليسار التونسي والأردني واللبناني كبطل معاد للإمبريالية، ومؤخراً، انضافت العباءة القوميّة الناصريّة لجمهور مطبّلين من مصر، من دون أن ننسى الحماس الإسرائيلي له كـ«حام للأقليّات»، والتواطؤ المبطن والمكشوف لحلف الثورة المضادّة في مصر والخليج العربي معه.

على هذه الخلفيّة المعقّدة، نفهم كيف انتهى الأمر بترامب، الذي قصف مطار الشعيرات بعد هجوم الأسد الكيميائي على خان شيخون، إلى تسليم روسيا، عمليّاً، الملفّ السوري، شرط مراعاة المصالح الإسرائيلية، وكيف آل الحال إلى أن يلتقي اليسار «الممانع» و«المعادي للإمبريالية» الذي يحيّي «صمود» الأسد بعد قتله مئات الآلاف وتهجير الملايين، مع اليمين العنصريّ المتطرّف الذي يطالب، هو أيضاً، بإكمال المذبحة ويحيي بطلها «الذي لا يهزم»!

وسوم: العدد 734